احمد قبلان: على السياسيين تحسين الأداء

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، وأبرز ما جاء فيها: "…في ظل ما يجري على امتداد هذا الشرق وما يشهده من تطورات دراماتيكية، ولا سيما في سوريا وما تتعرض له من تهديد وتهديم لمقوماتها بمكائد مدبرة تستهدف وحدتها وموقعها"، متوجها الى اللبنانيين بالقول: "في سياق هذا الواقع المتفجر والمشرع على أكثر من مجهول نتوجه بالنصيحة الصادقة لكل اللبنانيين بدعوتهم إلى خطاب وطني جامع وأداء سياسي يكون بمستوى هذه المرحلة المليئة بالاستحقاقات المصيرية، بعيدا عن الرهانات والعصبيات التي نراها في تزايد مستمر وكأن الغاية هي الوصول إلى ما ينشده العدو الصهيوني والذي له اليد الطولى في كل ما نحن فيه، وهو لم يتوقف يوما في عدوانه على لبنان واللبنانيين، وما جرى بالأمس من عمل نوعي قامت به المقاومة وأدى إلى اكتشاف عملية تجسس إسرائيلية في أحراج بلدة الزرارية، يؤكد أن الحرب مع العدو الصهيوني مفتوحة واستهدافاته لهذا البلد لا أسقف لها. فبدل من أن نحيي هذه المقاومة أو على الاقل نحفظها نجد هناك من يعمل على تطويقها بذرائع لم تعد خافية على أحد، وبإدعاءات لا تستوجب كل هذا الضجيج وهذا الصراخ الذي وصل بالبعض إلى ما يشبه "دب الصوت" تحت عنوان "يا غيرة الدين" الشيعة في لبنان يريدون الهيمنة ووضع اليد على البلد، هذا الكلام غير مقبول ولا صحة له على الإطلاق، ولا يبرر لأحد أن يقفل طريقا أو يحتل باحة أو يحرق دولابا أو يقطع رزقا".

وتابع: "نعم هناك فوضى وإرباكات سياسية وأمنية غير مستقرة، وما جرى بالأمس في جلسة مجلس النواب من اشتباك سياسي وتعطيل لجلسة مجلس الوزراء على خلفية تثبيت المياومين في شركة كهرباء لبنان الذين لهم كامل الحق في كل ما يطالبون به، يبين بأن التعقيدات السياسية بلغت حد الانفجار، ولكن كل هذا لا يعني أبدا بأن المقاومة هي المسؤولة وأن السبب في كل ما يجري هو سلاحها، فهذا اتهام مرفوض لان الدولة هي المسؤولة وعليها أن تتحمل مسؤولياتها وتقوم بواجباتها ولن نقبل أي عذر أو أي تقصير في المواضيع الأمنية وفي كل ما من شأنه تقويض السلم الأهلي".

واكد ان "الأمن مسؤولية أساسية ومن الأولويات ولا يجوز بل لا يحق للقوى العسكرية من جيش وقوى أمن داخلي وأجهزة أمنية أن تفاوض أو تقايض في فرض الأمن وتطبيق القوانين، نحن مع النظام والانتظام العام وكل من يهدد الانتظام العام يجب أن يحاسب ويعاقب بقوة وحزم وأي تهاون أو استرخاء أو تلكؤ في إطار أمن الناس وحفظ أرواحهم وعدم التعدي على الأملاك الخاصة والعامة أمر مرفوض وغير قابل للمساومات، فالأمن يعني الاستقرار والالتزام بالقانون، والانضباط في الشارع، يعني لا قطع للطرقات، ولا إقامة اعتصامات في الأماكن التي تضر بمصالح الناس وتعطل الحركة الاقتصادية، نحن مع حق الاعتراض والتظاهر والاعتصام ولكن ضمن الضوابط القانونية والاخلاقية المؤثرة والهادفة إلى تحسين الأمور لا إلى تعطيلها وتوتير الأوضاع وإثارة الحساسيات وتحريك الشارع لأهداف وغايات فتنوية طائفية ومذهبية. نحن مع الاعتصامات التي تؤدي إلى بناء وطن وقيام دولة وضد كل صراخ طائفي ومذهبي، نحن مع ما يوحد اللبنانيين ويجمع كلمتهم وسنرفض أي ظاهرة قد تؤدي إلى انقسامات مجتمعية وشروخات وطنية".

ودعا الجميع وبالخصوص رجال الدين مسلمين ومسيحيين إلى الهدوء والسكينة، واعتماد خطاب ديني واع ورصين ورسالي حقيقي والذي يرضي الله سبحانه وتعالى ويكون في خدمة الإنسانية ويسهم في نهضة المجتمع وبناء الوطن على أسس وثوابت لا تزعزعها بعض الارتهانات الرخيصة والارتباطات الآنية، وقال: "كما ندعو السياسيين إلى الجدية في تحمل المسؤولية وتحسين الأداء غير المقبول، ووقف هذا الكم الهائل من صراع المصالح، واعتماد الاصطفافات الوطنية التي تؤمن مصلحة الجميع وتحمي لبنان واللبنانيين من الوقوع في فخ المشاريع الفتنوية والتقسيمية، وبخاصة في هذه الظروف الصعبة والحساسة التي نمر بها والتي لا تسمح أبدا بممارسة الترف السياسي والتسويف في اتخاذ المواقف والقرارات فنحن على المفترقات الخطرة، فإما أن تكونوا أيها القادة وأيها السياسيون قادرين على استنهاض البلد وإعادة بناء الدولة ومؤسساتها وفق المقبول والمعقول وعلى قاعدة التوافق والتشارك والتعاون في السراء والضراء، وإلا فصارحوا الناس وقولوا لهم قولا سديدا لأن ما يجري ما هو إلا مراوغة وخداع".  

السابق
ماكين للسنيورة :لم اقصد لبنان في حديثي عن المنطقة الآمنة
التالي
صـور: مـديـنـة الـبـحـر تـواجـه صـيـفـاً صـعـبـاً