صراع برّي_عون يفقد الحكومة طاقتها

هل ستقود المواجهة المستمرّة التي خرجت عن صمتها بالأمس بين العماد ميشال عون والرئيس نبيه برّي في ملعب وزارة الطاقة، إلى ما يشبه اشتعال صاعق التفجير داخل قوى الثامن من آذار؟
لا يحتاج المراقب إلى جهد لتحليل كلام العماد عون الأخير عن الاستراتيجية الدفاعية التي غمز فيها من قناة "حزب الله" "بنعومة"، ليدرك أنّ بداية تضارب في المصالح والأثمان التي تدفع داخل تحالف عون وقوى 8 آذار بدأت تظهر بقوّة، بعد الاصطدام المتكرّر لوزير الطاقة مع رئيس مجلس النوّاب في وزارة الطاقة، التي يمسك فيها باسيل بثلاثة ملفّات أساسية، يعتبر برّي أنّها ليست حصرية بوزارة الطاقة ولا بوزيرها.

لم يكن إطفاء معمل الزهراني سوى البداية بعد الصراع على توزيع مناقصات شركات جباية الكهرباء التي لم يتوقف الشد بين بري وباسيل عليها، والتي لا يزال هناك أسئلة كثيرة حول الطريقة وهويّة الشركات التي ستلتزمها، سواء تلك التي تخصّ باسيل أو حلفاءه بشكل غير مباشر، أو تلك التي تدور في فلك رئيس المجلس.

أمّا في ملف المياومين وتثبيتهم، فإنّ باسيل خاض معركة واضحة مع برّي، ومع بعض المرجعيات الاخرى، لمنع تثبيت هؤلاء كما يريد رئيس المجلس وبطريقة "الدوكما"، أي إدخالهم وتثبيتهم في مؤسّسة كهرباء لبنان، مع ما يعني ذلك تكرار لأزمة "الميدل ايست" التي عانت طويلاً من توظيفات فائضة كادت ان تودي بالشركة الى الإفلاس لو لم يقم رئيس مجلس إدارتها محمد الحوت بعملية جراحية أدّت الى نهوض الشركة.

في ملفّ البترول، هناك "مجلّدات" تصلح لأن توضع في وثائق تتحدّث عن صراع على هذا الملفّ الاستراتيجي وأبرز ما يمكن ملاحظته هنا، أنّ الصراع بين باسيل وبرّي اتّخذ في الآونة الأخيرة شكلاً خطيراً تمثّل في ازدواجية التعاطي مع الدول المعنيّة بترسيم حدودها مع لبنان، وخصوصاً قبرص التي وجدت أنّها مضطرّة للتعامل تارة مع وفد يمثل رئيس المجلس، وغالباً مع وزير الطاقة الذي يجد نفسه في مواجهة مكشوفة لا تمتّ الى العمل المؤسّساتي بصلة. في حين يتصرّف الوزير نفسه على قاعدة انّه لا يمثل حكومة منسجمة في رؤيتها لسبل استخراج النفط والإفادة منه وتوظيفه في خدمة الدين العام والاقتصاد.

أمام هذا المشهد الذي ينبئ بالكثير من فقدان السيطرة حتى على إدارة الخلاف، بين قوى الصف الواحد، انفجر أمس ملف المياومين بين أيدي "حزب الله" وحلفائه، وأجبر قوى 14 آذار على تغيير تموضعها. فوقع الخلاف بين مسيحيّي 14 آذار وتيار "المستقبل" الذي تمّ تظهيره في مجلس النوّاب على أنّه افتراق آنيّ لن يعرف بعده هل ستستعيد 14 آذار صورتها الموحّدة، خصوصاً في ظلّ انتقال تيار "المستقبل" الى موقع الدعم الكامل لرئيس المجلس في معركته مع العماد عون.

بعد كلام العماد عون في الأمس الذي حيّد فيه المقاومة وفتح المجال أمام تموضع جديد، بات السؤال يتعلق ببقاء عون في الحكومة، لا بل ببقاء عون داخل قوى الثامن من آذار نفسها.

والواضح أنّ عون ينتظر كالعادة من "حزب الله" أن ينصره على الرئيس نبيه برّي، الأمر الذي يصعب على الحزب اتّخاذ أيّ قرار فيه، ليس لأنه غير قادر فقط على المساس بالمعادلة التي أرساها داخل الطائفة الشيعية، بل لأنه لم يعد يملك المبادرة لترميم حكومة أرادها أن تكون حكومة الحسم، فإذا بها تصبح حكومة العبء والكأس المرّة التي لا بدّ من ارتشافها.

أزمة العلاقة بين قوى 14 آذار، التي ظهرت أمس لا يمكن مقارنتها بالحرب المستعرة داخل وزارة الطاقة التي أفقدت الحكومة طاقتها على الاستمرار، خصوصاً في ظلّ تداعي السقف الإقليمي، أو الضابط القادر على التعاون مع "حزب الله" في إدارة حكومة التناقضات.  

السابق
ترسيخ الإستقرار
التالي
بداية النهاية