اللواء: التيّار يطيّر مسيحياً الجلسة النيابية ومجلس الوزراء وميقاتي يطير مرتاحاً إلى برلين تفاهم عون_حزب الله يتلاشى ولا يسقط!

أبعد من تطيير الجلسة النيابية، وتالياً، جلستي مجلس الوزراء أمس واليوم، ومعهما التشكيلات الديبلوماسية وتعيينات ثلاثة محافظين في بيروت وجبل لبنان والجنوب، وسط اعتراض تيار «المستقبل على الشخصية المقترحة لجبل لبنان، تحدث النائب ميشال عون عما وصفه بـ «أزمة حقيقية حدثت انطلاقاً من مجلس النواب بإقرار قانون تثبيت المياومين العاملين مع مؤسسة كهرباء لبنان، فاتحاً الباب أمام ما أسماه «حالات سياسية قد تستجد وتنشأ، وشنّ حملة مركزة على رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي وصفه بالملك الفرنسي لويس الرابع عشر، مسجلاً عليه مآخذ من نوع «إذا كان يريد الإبداء عن رأيه فليسلم نائبه ويتصرّف كنائب ولا يقاطع وزيراً ويمنعه عن الكلام، ولا يوقف المناقشة ويقول صوّتنا، لينتهي بأن لا أحد صوّت أمس (الأول)، معتبراً إقرار قانون المياومين «كأنه لم يكن، رافضاً في الوقت عينه أن «يمد أحد يده علينا، فنحن لا نتعاطى مع أحد في وزاراته، ومن غير المسموح العبث بمد اليد على مراكز جداً حساسة

وما لم يقله عون بالنسبة إلى «حزب الله قاله الوزير الذي تسبّب بالمشكلة جبران باسيل الذي لم يكتف بوصف ما حصل في مجلس النواب بأنه «فلتان تشريعي، بل اعتبر كتلة الوفاء للمقاومة أول المسؤولين لأنهم «متفرجونوإذا كان النائب عون «حيّد سلاح المقاومة والموقف منه عن «الأزمة الحقيقية، فإن الوزير باسيل تساءل عن «معنى التضحيات السياسية التي قدّمها التيار العوني، مقابل التفاهم الذي وقّع مع الحزب في شباط 2006؟ ملوّحاً بأن «الفساد لا يترك شيئاً، لا مؤسسة ولا مواطن ولا مقاومة، وزاد «لا يظنّن أحد أن المقاومة ستبقى سليمة إذا نخرها الفساد

إلا أن مصادر سياسية مطلعة، وعلى الرغم من إبقاء باب المساعي لتجاوز الأزمة مفتوحاً، اعتبرت أن تفاهم التيار العوني مع «حزب الله مُني «بأزمة جدّية
تعدّت الأزمة مع الرئيس بري، حيث أن العلاقة بين حركة «أمل وتيار عون لم تكن يوماً من الأيام ممثلة بالتفاهم أو معنية به.ولاحظت المصادر أن التفاهم العوني – الحزبي آخذ بالتلاشي لكنه لم يسقط لحسابات سياسية محلية وإقليمية تتصل بالخيار الإقليمي الذي أخذه عون بانتسابه الى ما بات يُعرف «بالمحور الإيراني – السوري

ونقل الذين زاروا الرئيس بري ليلاً عنه استياءه من الانتقادات العونية خاصة والمسيحية عموماً لما وصف «بعدم احترام الأداء البرلماني، معتبراً أن ما أقدم عليه لا يخرج عن إطار دوره التشريعي والدستوري، رافضاً أن يتدخل أحد في طريقة أدائه صلاحياته.

وعلمت «اللواء أن اجتماعاً عُقد بين ممثلي عن «أمل و«حزب الله لبحث الموقف وضرورة إيجاد مخارج للأزمة بدءاً من عقد جلسة مصارحة مع الوزير باسيل، بانتظار ما سترتئيه هيئة مكتب المجلس في اجتماعها غداً الخميس في عين التينة.

وفي تقدير مصدر سياسي أن موقف عون من قضية المياومين اتخذ طابعاً انتخابياً لترميم قاعدته في الشارع المسيحي نتيجة ما أصابها من تراجع في الآونة الأخيرة، الأمر الذي دفع كلاً من حزبي الكتائب و«القوات اللبنانية إلى مجاراته حتى لا يتركوا للتيار العوني فرصة «دغدغةمشاعر الشارع المسيحي عشية الانتخابات النيابية.

وأكد مرجع إداري كبير لـ «اللواء أن خطوة الرئيس بري سليمة من الناحيتين القانونية والدستورية، ولا تتناقض مع ميثاق الطائف الذي حصر التوازن الطائفي في مناصب الفئة الأولى فقط.

وأشار المصدر إلى أن ما جرى مع المياومين من تغليب طائفة على أخرى يحصل في العديد من إدارات الدولة وأجهزتها بسبب انكفاء المسيحيين عن التقدم إلى الوظائف العامة ذات الدخل المحدود.

ولفت المرجع إلى أن ما نص عليه القانون من إجراء مباريات محصورة يعتبر بمثابة «فيلتر للتحكم في ميزان التوازن قدر المستطاع، في ضوء التفاوت العددي الحاصل في عدد المتقدمين بين مسلمين ومسيحيين.

وأعاد المصدر إلى الأذهان حصول عدة مباريات في أكثر من وزارة في الآونة الأخيرة تم اعتماد نتائجها على قاعدة الكفاءة والتقيد بمعدل النجاح، بعيداً عن الاعتبارات المذهبية والطائفية، وذلك على نحو ما حصل في مباريات مفتشي وزارة السياحة التي فاز بوظائفها مرشحون مسيحيون لم يكن بينهم اي مرشح من الطائفية السنيّة.

كتلة «المستقبل

في المقابل، حمل البيان الذي اصدرته كتلة «المستقبل بعد اجتماعها امس، جملة من التحذيرات والاشارات ذات دلالات سياسية تتصل بالمحاولات الجارية لردم هوّة الانقسام، وفي الوقت نفسه التحذير من مغبة اجراءات وخطوات من شأنها ان «تخل بالميزان السياسي وتشكل انحرافاً عن عمل المؤسسات في ما يتعلق ببعض التعيينات ومنها محافظ جبل لبنان، فضلا عن تحميل حزب الله مسؤولية ارتفاع منسوب الفوضى والتطاول على القانون وعلى هيبة الدولة التي مردها إلى تورم سلاح الحزب، معتبرة في السياق نفسه، ان ما نقله الامين العام للجبهة الشعبية- «القيادة العامة" احمد جبريل عن لسان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بأنه أبلغه انه سيكون جزءاً من المعركة دفاعاً عن النظام السوري اذا كان هناك عدوان عليه، ان هذا الكلام يتعارض مباشرة ما تم الاتفاق عليه في جلسة الحوار الاخيرة حول ابعاد لبنان عن سياسة المحاور الاقليمية والدولية".

ولفتت الكتلة إلى ان «تمادي اعتداءات النظام السوري سببه تقاعس الموقف الرسمي اللبناني في اتخاذ مواقف حاسمة، مشيرة إلى زيارة السفير السوري علي عبد الكريم علي إلى وزارة الخارجية امس، ليشكوا لبنان بدل ان يسمع من السلطات اللبنانية تنبيهاً حسب الاصول والقوانين والاعراف الدبلوماسية، ورأت ان تصرف السفير السوري يحتم البحث بخطوات جدية بمستوى الدفاع عن الكرامة الوطنية المهانة من سفير خرج عن الاصول.

وبالنسبة إلى الجلسة التشريعية، رأت الكتلة انه حملت جملة مؤشرات منها ما تم التوصل اليه من خطوات قد تشكل مدخلاً لاستعادة الانتظام في المالية العامة وانضباط الوضع المالي في لبنان، ولاحظت ان ادارة الجلسات النيابية اظهرت الحاجة إلى تعزيز الشفافية وتصويب الأداء في العمل البرلماني، وذلك في ضوء بعض الاعتراضات التي أدت إلى تأجيل الجلسة النيابية التي كان مقررا استكمالها امس، بما يستدعي بذل الجهد لاعادة انتظام العمل البرلماني وفق قواعد واسس النظام الداخلي للمجلس النيابي.

هيئة مكتب المجلس

غير ان عضو هيئة مكتب المجلس، النائب مروان حمادة، حمّل في تصريح لـ «اللواء
مسؤولية ما حصل بالنسبة إلى قضية مياومي الكهرباء إلى الحكومة التي سبق وتقدمت بمشروع قانون في هذا الشأن ولم تدافع عنه في مجلس النواب، الامر الذي أدى إلى ان يحصل ما حصل، معتبرا بأن هذا يدل على الارباك والتفسخ داخل الصف الحكومي ولا يتحمل المجلس مسؤوليته.

وأوضح ان هيئة المكتب بحثت أمس في الموضوع ولم تتخذ موقفا منه بانتظار الاتصالات الجارية للوصول إلى مخرج للأزمة، مشيرا إلى انه اذا اسفرت هذه الاتصالات عن تفاهم يمكن للمجلس ان يصدق على القانون ويستأنف جلسته في اجتماع لاحق.

وبحسب مصدر نيابي، فإن أحد المخارج المطروحة، ان يستخدم رئيس الجمهورية حقه في رد القانون اساس المشكلة أو الطعن به أمام المجلس الدستوري، مع ترجيح الخيار الاول، حيث توقع وزير البيئة ناظم الخوري ان يقدم الرئيس ميشال سليمان على رد القانون بحجة انه غير ميثاقي، كون ان نواباً من لون طائفي معين اعترضوا على اقراره وبالتالي فإنه لا يتوافق والميثاق الوطني، وهو ما ترجمه الرئيس بري فعلياً أمس برفع الجلسة، من دون تصديق محضرها، بفعل غياب النواب المسيحيين من القاعة.

ورغم ان الرئيس بري تحاول تحاشي الانشقاق الطائفي بالقول ان «هناك أطرافاً سياسية أساسية غير موجودة، متمنياً على النواب عدم متابعة الجلسة حتى يكتمل الحضور. ومع ذلك بقي الجدل معلقاً على خلفية توقيع محضر الجلسة، بما يعني ان كل ما صدر عنها يبقى معلقاً، وبعد مشاورات بعيدة عن الأضواء ولقاءات عقدت في مكتب رئيس المجلس أبرزها اللقاء الذي ضمه والرئيس نجيب ميقاتي والرئيس فؤاد السنيورة والوزير علي حسن خليل والنائب محمد رعد والنائب حمادة وعدد من النواب صدر عن رئاسة المجلس دعوة هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع غداً الخميس مع اعتبار الجلسة أختتمت «لإيجاد الحل طبقاً للنظام الداخلي.

وتزامناً مع مقاطعة النواب المسيحيين للجلسة النيابية، صدرت دعوات من تكتل عون بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء التي كان يفترض أن تعقد في قصر بعبدا عصراً، فبادر رئيس الحكومة إلى الاتصال بالوزير باسيل وسأله عن حقيقة ما يقال، فأجابه وزير الطاقة: «لا جلسة اليوم ولا جلسة الغد سنحضر«.

وأوضح مصدر حكومي انه حتى لو انقعدت الجلسة بغياب الوزراء العونيين العشرة، فإنها كانت ستتحول إلى لقاء تشاوري لمعالجة المشكلة، إلا ان سفر الوزير علاء ترو إلى خارج لبنان أفقد الجلسة نصابها القانوني، فأرجئت مع جلسة اليوم إلى موعد يحدد لاحقاً.

ولفت المصدر إلى ان الرئيس ميقاتي سيسافر اليوم إلى المانيا للقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وبعد عودته إلى لبنان قد يدعو إلى جلسة في الأسبوع المقبل، في ضوء الاتصالات التي يفترض أن تكون قد تبلورت عن مخرج، من دون الكشف عن طبيعته.

وكشفت انه كان مرجحاً أن يطرح من خارج جدول الأعمال تعيين ثلاثة محافظين للجنوب وبيروت وجبل لبنان، بعد ما حصل شبه توافق عليهم، بالاضافة إلى التشكيلات الدبلوماسية في وزارة الخارجية التي باتت جاهزة.  

السابق
الخليج يستكمل طرد شيعة لبنان
التالي
الشرق الاوسط: سوريا:النظام يحرق جبل الأكراد ومخاض صعب في مؤتمر المعارضة