الاستحقاق الخطير والصعب

ماذا يجري الآن؟ هل سقطت الدولة في وهاد الخلافات الحادة بين اللبنانيين، من مختلف الأطياف؟
بادرني رجل طاعن في السن: هل انفجرت الجلسة التشريعية بالنواب، أم هي الصراعات بين الطوائف، حلّت مكان الحرب بين المذاهب؟
في لحظات أضحى الصراع من نوع آخر. فجأة اتفق النواب المسيحيون. تجاوزوا خلافاتهم والصراعات. وهكذا فعل النواب المسلمون.
هل اختلفوا على اقتسام الدولة؟
أم افترقوا عند منعطف القسمة؟
هل عادت البلاد الى نقطة الصفر.
هل هي حكاية التوظيف. هل هي قصة عزوف المسيحيين عن الدولة، وابتعادهم عن التوظيف، بعد اتفاق الطائف و13 تشرين الأول من العام 1990. وهل يدفع المسيحيون ثمن اغرابهم عن الدولة، فنشأت دولة غريبة عنهم، الى أن نشأت الوحدة بعد عودة الرئيس العماد ميشال عون من فرنسا، واطلاق الدكتور سمير جعجع من السجن؟
في ظل هذه الوقائع، نشأت دولة ملتبسة.
وفي خضم التطورات المتعاقبة، غرق اللبنانيون، من هنا وهناك في أوحال الظلم الاجتماعي والصراع الطائفي.
هل كان التصويت الذي يعتبره فريق ملتبساً وفريق ثانٍ عادلاً؟
ما حدث في مجلس النواب مثير ومقلق.
مثير للتساؤل حول مستقبل البلد.
ومقلق على وحدة الوطن.

ماذا بعد ذلك؟
هل يأتي الرئيس نبيه بري، ب مخرج يخرج الوطن من الخوف على مصيره؟
هل يكون اجتماع هيئة مكتب المجلس غداً، فرصة لدرس الاداء المتبع؟
هل تكون وحدة مواقف القوى المسيحية، بداية لمرحلة جديدة، غامضة، وأساسية في تكوين صفحة جديدة لوطن دهمته العاصفة، وهي باتت موجودة، لكنها هامدة.
النقطة المطمئنة صدرت عن الرئيس العماد ميشال عون، في مؤتمره الصحافي، عندما حرص على التأكيد بأن لا مساس في خيار المقاومة ضد العدو.
وفي مؤتمر ثانٍ للدكتور سمير جعجع، وأكد فيه أن في تيار المستقبل مواقف متعاطفة مع القوات، كما فيه مواقف من آراء النائب محمد قباني رئيس لجنة الأشغال.
وهذا التباين هو الجسر الباقي، والممتد بين الذين تعاطفوا طائفيا أو انسانيا مع عمال الكهرباء، أو الذين طرحوا مفاهيم علمية، تفرّق بين الحلول العشوائية والحلول الانسانية.
طبعاً، السلطة مريضة. ورابضة على نظام مريض، ومستعجلة لاقرار تعيينات قبل ان تذهب بها العاصفة الطائفية المفاجئة، وهي كانت خائفة من قبل، من الحرب المذهبية بين الطائفتين السنّية والشيعية.
لكن مياومي الكهرباء كهربوا الأجواء، وأعادوا الأمن الى نقطة الصفر.
وجرّوا البلاد الى ظروف طائفية اعتقدوا انهم تجاوزوها، وأصبحت مؤاتية لنيل حقوق حلموا بها منذ زمان.

الآن، الأنظار مسمّرة على الرئيس بري، ليخرج غداً بحلّ، يقود الجميع الى رحاب الوحدة، ويحرّرها من عقدة الانقسام الوطني.
السلطة مسكينة. تواجه ألف مشكلة ومشكلة.
كانت تستعدّ لشهر أمني، فوجدت نفسها يومياً، أمام كوارث أمنية.
أمامها مشكلة الشيخ الأسير، الذي أسرها في أحد شوارع صيدا، ولا يفكّ أسرها، على الرغم من كل الشفاعات والمساعي.
ووراءها مشكلة العالمين في عكار، بعد مرور أربعين يوماً على رحيلهما الى العالم الآخر، ولا تقوى على إحالة قضيتهما الى المجلس العدلي.
والى جانب قضايا المواطنين الغارقين في جحيم الجوع والاقتتال، والمشاكل تتفجّر في وجهها، من الجانبين السوري والاسرائيلي.  

السابق
هل هذا زمن الإسلاميين؟
التالي
عون لا يهضم بري .. وباسيل يهاجم وينتقد حزب الله