النهار: استباحة سورية وإسرائيلية للحدود وتسوية مالية

تفوق مجلس النواب على انقساماته وتوصل مساء امس الى تكريس تسوية لملف الانفاق المالي لسنة 2012 كان عرابها الرئيسي من جانب المعارضة الرئيس فؤاد السنيورة، فيما تولى رعايتها من جانب الاكثرية الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي واضطلع بدور محوري فيها ايضا زعيم "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط بعد مشاورات مع الفريقين.

وشكلت التسوية المالية الى جانب اقرار مشروع تثبيت المياومين في "مؤسسة كهرباء لبنان"، اختراقا داخليا ايجابيا في مواجهة تطورين حدوديين شمالا وجنوبا تعرض خلالهما لبنان لانتهاكات اسرائيلية وسورية متزامنة رسمت علامات استفهام حول "التقاطع" الضمني في استباحة الحدود اللبنانية ان عبر تصدير النظام السوري تداعيات أزمته الى الداخل اللبناني، أم عبر عودة اسرائيل الى العبث بالسيادة اللبنانية وبالقرارات الدولية وشحن المنطقة الجنوبية بأجواء التوتر والاستنفار.

وقد ولدت التسوية المالية في اجتماع انعقد عقب الجولة الاولى النهارية من الجلسة التشريعية لمجلس النواب، ضم الرؤساء بري وميقاتي والسنيورة ونائب رئيس المجلس فريد مكاري والنائب جورج عدوان. وعرض السنيورة في الاجتماع وجهة نظر قوى 14 آذار في الملف المالي كلا ليخلص الى اقتراح تسوية شاملة لكل الانفاق المالي منذ عام 2006 او ترك هذا الملف جانبا ومعالجة انفاق سنة 2012، موضحا في اطار الاقتراح الثاني ان المعارضة على استعداد لتسهيل اقرار سلفة لتسيير أمور الدولة بمبلغ نحو 7000 مليار ليرة في انتظار اقرار الحكومة الموازنة واحالتها على مجلس النواب. وعلمت "النهار" ان "المفاوضات" التي أجريت مساء أدت الى توافق بعد اطلاع أركان الاكثرية على التسوية التي حيدت الانفاق عن الانقسام فخفض بموجبها الاعتماد المالي الاضافي 20 في المئة من أصل المبلغ الذي كان ملحوظا في المشروع وهو 11,561 مليار ليرة ليصير 9,248 مليارات ليرة وتعهد الرئيس ميقاتي انجاز اقرار الموازنة واحالتها على مجلس النواب قبل نهاية تموز، مما يعني ان الانفاق الذي أقر أمس يشكل تغطية حتى تشرين الاول المقبل

بيد أن رياح التوافق المالي بين الاكثرية والمعارضة لم تنسحب حتى على أفرقاء الاكثرية أنفسهم في ملف تثبيت المياومين في مؤسسة كهرباء لبنان الذي وضع نواب "تكتل التغيير والاصلاح" في مواجهة حلفائهم ولا سيما منهم الرئيس بري. ولم تقر التعديلات التي اقترحها نواب "التكتل". وعلم ان هذا الملف أثار فرزا على خلفية الخلل الطائفي الذي يرتبه، ذلك أن النائب جورج عدوان طالب بأن يسأل رئيس الحكومة ووزير العمل والوزير المختص عن عدد الوظائف الشاغرة في مؤسسة الكهرباء لملئها بالمياومين، فلا يكون توظيف عشوائي بل على أساس عدد الشواغر. وأثار ذلك استياء لدى مؤيدي المشروع، لكن نواب الكتائب و"القوات" بالاضافة الى "تكتل التغيير والاصلاح" أيدوا موقف عدوان. ولدى طرح الموضوع على التصويت انسحب نواب "القوات" والعونيين والكتائب من الجلسة، وحصل تصويت اعتبره هؤلاء تصويتا ملتبسا، كما علمت "النهار" أن مشاورات جرت بين هذه الكتل لمقاطعة جلسة اليوم اعتراضا على موقف بري من طرح هذا المشروع على التصويت بالاسلوب الذي حصل.

التوغل السوري

أما التوغل السوري في منطقة البقيعة الحدودية الشمالية في وادي خالد والذي حصل فجر أمس، فقد أثار أصداء واسعة ودفع برئيس الجمهورية ميشال سليمان الى اتخاذ موقف فوري بارز ندد فيه باجتياز قوة عسكرية سورية الحدود اللبنانية الشمالية، معتبرا انه "أمر مرفوض يخالف القوانين والاعراف الدولية من جهة ويتجاوز مبدأ التنسيق الواجب بين البلدين على طول الحدود". كما ندد الرئيس ميقاتي بهذا الحادث ووصفه بأنه "خرق غير مقبول للسيادة اللبنانية وسيكون موضع متابعة من المراجع المختصة لجلاء كل ملابساته".

وأفاد مراسل "النهار" في عكار ان قوة من الامن السوري وحرس الحدود قوامها 20 رجلا توغلت داخل الاراضي اللبنانية مسافة تزيد على المئة متر مخترقة المراكز الحدودية الشرعية من امن عام وجمارك وقوة امنية مشتركة واطلق افرادها النار عشوائياً مما ادى الى اصابة المكاتب الحدودية بعيارات نارية عدة. وعمد هؤلاء الى نزع بندقية احد افراد القوة الامنية اللبنانية المشتركة واحتجزت اثنين من افراد الامن العام واقتادتهما لدى عودتها الى الداخل السوري ثم اطلقتهما لاحقاً. واعتبرت مصادر حدودية لبنانية هذا التوغل الاختراق الاخطر والاول من نوعه في اجتياح قوة امنية سورية معبراً حدودياً شرعياً بين البلدين منذ بدء المواجهات في سوريا.

والانتهاك الاسرائيلي

اما التطور الحدودي الآخر، فحصل بعد الظهر في الجنوب مع تفجير الطائرات الحربية الاسرائيلية جهاز تنصت كان مزروعاً على شبكة الاتصالات السلكية لـ"حزب الله" في واد بين بلدتي طيرفلسيه والزرارية عند مجرى نهر الليطاني، علما ان هذه المنطقة تقع على الحدود الفاصلة بين منطقة العمليات اللبنانية – الدولية ضمن الاطار الجغرافي للقرار 1701 ومنطقة شمال الليطاني. ولم تعرف الطريقة التي فجرت فيها الطائرات الاسرائيلية الجهاز، لكن "حزب الله" اكد ان "انفجار الزرارية نجم عن قيام العدو بتفجير عبوة ناسفة من بعد".

ثم اصدر الجيش بياناً اكد فيه حصول انفجارات بين الزرارية وارزي، واوضح ان قوى من الجيش توجهت الى المكان وفرضت طوقاً امنياً حوله وحضر الخبير العسكري "وتبين ان الانفجارات ناجمة عن قيام العدو الاسرائيلي بتفجير ثلاثة اجهزة مفخخة من بعد وبوشر التحقيق في الحادث".

وابلغت مصادر على صلة بـ"حزب الله" "النهار" ان العبوة كانت مزروعة على عمق نحو متر في الارض وموهت بطريقة ذكية جدا في محاولة اسرائيلية لتجنب تجارب سابقة اكتشف فيها "حزب الله" ثلاثة اجهزة تجسس مماثلة في المناطق الحدودية. ولاحظت ان الجهاز زرع هذه المرة في نقطة اعمق داخل الاراضي الجنوبية، وقالت ان "عملية كشف الجهاز كانت بالنسبة الى المقاومة انجازاً جديداً يضاف الى انجازاتها في حربها الامنية المستمرة مع اسرائيل".

وعلمت "النهار" ان التفجير جاء اثر اكتشاف "حزب الله" شبكة تجسس جديدة في صفوفه اقر افرادها بتركيز عملهم على شبكة اتصالات الحزب السلكية، واقروا بانهم ركبوا اجهزة تجسس على الشبكة في بعض الاماكن.

التحذير السعودي

ووسط هذه الاجواء حذرت وزارة الخارجية السعودية رعايا المملكة من السفر الى لبنان في بيان وزعته أمس وكالة الانباء السعودية "واس" وقال مصدر مسؤول انه "نظراً الى عدم استقرار الاوضاع على الساحة اللبنانية فان وزارة الخارجية تحذر المواطنين السعوديين من السفر الى لبنان حفاظا على سلامتهم وأسرهم خلال هذه الفترة وحتى اشعار آخر".

وعزا السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري القرار الى "الاحداث الاخيرة التي حصلت في لبنان من حرق اطارات واقفال شوارع واحداث امنية"، موضحا ان هذا الاجراء الوقائي اتخذ "لعدم تعريض مواطني المملكة لاي مخاطر".

خرق في الضاحية

في غضون ذلك، كشفت مراجع امنية لـنا ان تطوراً حصل أمس في الضاحية الجنوبية يعتبر استهدافاً للخطة الامنية فيها، اذ تعرضت دورية لقوى الامن الداخلي لاعتداء من مجموعة تابعة لـ"حزب الله" في منطقة الرويس. واوضحت المراجع ان الدورية كانت تقيم حاجزاً في اطار الخطة التي انطلقت من الشهر الامني ولدى مرور راكب دراجة يحمل سلاحاً حربياً ظاهراً للعيان ويدعى علي شعيب اوقفته الدورية فهرع الى نجدته 30 عنصراً حزبياً واطلقوا الموقوف وتعرضوا لعناصر الدورية بالايدي مما تسبب باصابة احد افرادها محمد زعيتر برضوض وكدمات.  

السابق
الاخبار: تثبيت المياومين يهدّد جلسة اليوم
التالي
السفير: المقاومة تحبط خرقا إسرائيليا في شمال الليطاني