الحكومة تدفع ثمن سياسة النأي بالنفس

إنّه اسبوع نشاط وحيوية بالنسبة الى السلطتين التشريعية والتنفيذية في لبنان: فاليوم وغداً جلستان عامتان لمجلس النواب، وغداً وبعد غد جلستان لمجلس الوزراء. هذه الحيوية لها علاقة ربما بأنّ المسؤولين يستعجلون أخذ إجازاتهم في الفترة الممتدة بين الأول من هذا الشهر والخامس عشر منه، هذا حقهم. فالبعض منهم يقول إنه تعب وإنّه بحاجةٍ إلى إجازة، والبعض الآخر يحتاج اليها للهروب أو للتهرّب من مراجعات الناس، والبعض الثالث يحتاج اليها لمعرفته بأنّ الجلسات التشريعية والتنفيذية لن تصل إلى أيّ نتيجة تماماً كطاولة الحوار، التي بدورها حُدّد لها موعدٌ ثالث بعد العشرين من هذا الشهر، أي بالتحديد بعد الاجازات.

ولكن يبقى للمواطن أن يتساءل: بعد هذه الهمّة من السلطتين التشريعية والتنفيذية، متى تصل الحقوق؟ ومتى تتحقق المطالب؟ ما هو مؤكّد أنّ الوضعَ المعيشي والاجتماعي والحياتي في نهاية هذه الجلسات، لهذا الاسبوع، سيبقى على ما هو عليه: فالكهرباء لن تتحسن بالتأكيد، والمياه من سيئ إلى أسوأ، ووضع الخليوي والانترنت الى مزيد من السوء. وقد يُطرَح سؤال هنا: ألا تستعجلون قليلاً على الإنجازات؟ أعطوا الحكومة مزيداً من الوقت لتبدأ بالإنجازات!
هذا المطلب حق يُراد به باطل، فالحكومة أخذت أكثر من مرّة أكثر من فترة سماح: فالمئة يوم الاولى من عمرها كانت فترة سماح، والأيام والأسابيع والشهور التي تلت كانت فترة سماح أيضاً، لكن شيئاً لم يتحقق. فإلى متى سيبقى المواطن يُعطي السماح تلو السماح؟

مَن يعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء، لا بُدّ له أن يتذكّر الوقائع والمعطيات التالية: وضع الكهرباء كان أفضل عند تقليع هذه الحكومة مما هو عليه اليوم، الخليوي أيضاً وكذلك الانترنت والمياه وغيرها من الامور الخدماتية والحياتية والمعيشية، فالذي تغيّر هو أنّ الحكومة أصبحت عبئاً إضافياً على الناس.

يُقال هنا إنّ الحكومة حوصِرَت بالتطورات الخارجية والداخلية، وهذا ما جعلها غير قادرة على الفعل والإنجاز. إذا تمّ التدقيق في هذا الكلام، فإنّ النتيجة أنّه يحمل طابعاً تبريرياً أكثر من الطابع المنطقي. فالحكومة من اليوم الأول طرحت شعار النأي بالنفس. هذا النأي الذي لا يعني سوى الابتعاد، جعل الحكومة تبتعد عن هموم الناس ومطالبهم، وهذا ما أوقعها في الفشل. وما محاولات تكثيف جلسات مجلس الوزراء سوى التخفيف من وَقعِ هذا الفشل ومضاعفاته عليها، خصوصاً أنّ التحضير للانتخابات النيابية على الأبواب، وهذا الفشل يعني أنّ بعض أعضائها المرشحين للانتخابات هم على لائحة السقوط.

هذا يُفسّر الحيوية المستجدة، لكنها لن تُجدي نفعاً للحكومة لأنها تأخرت في التلفت الى مطالب الناس.  

السابق
فشل اجتماع جنيف..الآن ماذا؟
التالي
غناجة … مات أم قتل