الاكيد… لن تحصل حرب أهلية في لبنان

الحوادث التي حصلت في لبنان خلال شهر يونيو، كانت في سياق خطة رسمت بعناية في مطابخ المستفيدين منها. بعض من هذه الحوادث الأمنية كان عفويا، ومطلبيا، لا يستند الى تخطيط مسبق، لكن الغالب من هذه الحوادث جرت ضمن مشروع محكم، يهدف الى الإطباق على الاستقرار اللبناني خدمة لرؤية، غرضها صرف الأنظار عما يجري في سورية، والمساومة على الورقة اللبنانية في بازار اللعبة الدولية التي تجري في المنطقة.

خلفية من ساهم في افتعال الأحداث في الشمال وفي المخيمات الفلسطينية، وفي بعض أحياء بيروت، وعلى الطرقات الرئيسية، معروفة، وقد لاقى هؤلاء في منتصف الطريق، بعض حديثي النعمة السياسية والمالية، من الناشطين ـ باسم الوطنية وباسم الدين ـ للحصول على دور سياسي في غمرة التغييرات التي تحصل، معتقدين ان ربيعا عربيا قادم الى لبنان، لا محالة، وربما يكون هؤلاء حاملي أزهاره المتفتحة. لكن فاتهم ان الربيع اللبناني ولد قبل اليوم بكثير، حتى ولو كانت بعض الشوائب مازالت قائمة.

مراجع عليا، مواكبة لما يحصل، تؤكد: ان الفوضى التي ينشدها المتربصون بلبنان لن تحصل. والحرب الأهلية في لبنان، والتي يراد لها ان تخلط الأوراق الصفراء في المنطقة العربية، لن تقع. والأوهام التي يستند إليها بعض المتطرفين باسم الدين، لحجز مقعد في مساحة الإضراب القادم، ليست واقعية، فالمعطيات المتوافرة، محليا وعربيا ودوليا، لا توحي بقدرة هؤلاء على إحداث الفوضى. والاعتبارات التي تساند هذه الفرضية، كثيرة، ولعل أهمها:

أولا: القرار الواضح والصريح عند ركيزتين سياسيتين أساسيتين من ركائز معادلة الحرب الأهلية المفترضة ـ وهما حزب الله وحركة أمل ـ بعدم الدخول في براثن هذه الحرب، وعدم تغطية اي حراك يساهم في تأجيج الفتنة، في وسطهم المذهبي، برغم صداقتهم المعلنة للنظام في سورية وحاجتهم للرضا الشعبي قبل موسم الانتخابات في العام المقبل. وهؤلاء يدركون أكثر من غيرهم، ان نتائج اي منازلة أهلية، ستلحق الضرر بمصالح الجميع، وعلى وجه الخصوص البيئة الإسلامية بكل مكوناتها، من جراء التدخل السكني الواسع، والذي لا يمكن الاستهانة به، او الاستخفاف بتأثيراته، وهذا التدخل عنصر إبعاد للفتنة، اكثر مما هو عنصر إيقادها، لأنه يصنع رأيا عاما حاضنا للتعقل والاعتدال، ورفض التطرف والتعصب، الذي يضر بمصالح هذه الفئات.

ثانيا: لأن البيئة الحاضنة لبعض السلفيين لن تسمح لهم بتجاوز الحدود في توتير الأجواء، وتعكير صفو التعايش الإسلامي ـ الإسلامي، والإسلامي ـ المسيحي. وتيار المستقبل، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي وغيرهم لن يبالغوا في تقديم العطف لهؤلاء الى ما لا نهاية، لأن مشروعهم يشكل خطرا على الاعتدال الإسلامي برمته، ويقود الشارع الى حروب لن تنتهي.. حروب يريدها أعداء هؤلاء، لاسيما النظام في سورية.

ثالثا: القرار الحاسم عند قوى الاعتدال، وعلى رأسهم العماد ميشال سليمان، والنائب وليد جنبلاط وقوى أخرى، في عدم السير في أي مقاربة يمكن ان تقود الى زيادة التوتر والانقسام، أو يمكن ان تؤثر على معنويات القوى الأمنية، لاسيما الجيش اللبناني، الذي يبقى الملاذ السياسي للاستقرار.

رابعا: القرار العربي والدولي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان، خاصة في هذه المرحلة الحساسة. وهذا الأمر أبلغه الموفدون الدوليون للمسؤولين اللبنانيين. كما ان موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في دعوته للحوار في لبنان، كان في ذات السياق، وهو يعبر عن إرادة عربية جامعة.

إن بعض أعمال الموتورين، وصيحات المتطرفين، والكلام الغريب في توقيته للشيخ احمد الأسير، لن توقع حربا أهلية في لبنان.  

السابق
نحاس: الاغتيالات موضوع جدي
التالي
لماذا المجابهة المفتوحة بين السعودية وإيران؟