أمر عمليات أميركي_إسرائيلي

الكلمة التوجيهية التي ألقاها الرئيس بشار الأسد في الجلسة الأولى للحكومة السورية الجديدة تمثل نموذجاً متميزاً من الأداء القيادي الحكيم والمسؤول الذي يتعامل مع الوقائع والمعطيات بكل صراحة وواقعية وجرأة، ويقدم قراءة موضوعية للأحداث الجارية، ليخلص إلى تعيين المهام والواجبات التي ترتبها مقاومة العدوان الاستعماري الذي تتعرض له سورية.

الفكرة التي قدمها الرئيس الأسد عن الأحداث والتي استنتج في محصلتها أن سورية في حالة حرب وأنه ينبغي حشد جميع الطاقات والإمكانات للانتصار في هذه الحرب، لخصت حقيقة ما يجري على الأرض السورية، حيث أظهرت الأحداث المتلاحقة أن ما تتعرض له سورية هو كناية عن عدوان استعماري تقوده الولايات المتحدة الأميركية وفقاً لاستراتيجية الحرب غير المباشرة، وحيث تحشد الأمبراطورية الأميركية حلفاءها وأعوانها وعملاءها في المنطقة والعالم لتدمير القوة السورية، وهي تجند المرتزقة والجماعات الإرهابية التي فاقت في جرائمها كل ما عرفه العالم من أفعال الإرهابيين والقتلة الذين جنّدهم الغرب في أكثر من بلد ليفتك بالشعوب وروح المقاومة ولكي يغرق تلك البلدان في حمامات دم وفوضى لإسقاط إرادتها الوطنية وجعلها لقمة سائغة للمستعمرين وعملائهم.
حديث الرئيس الأسد جاء في ذروة انتصار كبير حققته الدولة السورية من خلال تثبيت معادلات الردع الدفاعي التي يملكها ويصنعها السوريون عبر قواتهم المسلحة ودولتهم. فقد شكّل اختبار القوة العالمي والإقليمي الذي أعقب إسقاط الطائرة التركية في الأجواء الإقليمية السورية فرصة نوعية هامة لتأكيد مناعة سورية وخيبة المراهنين على إمكانية تطوير العدوان الاستعماري إلى حرب مباشرة يشنها حلف الناتو أو الجيش التركي بدعم من الغرب.

تراجعت عنتريات اردوغان إلى كلام يحمل في طياته إشارة صريحة إلى عجز تركيا عن التورط في المغامرة العدوانية ضد سورية وتخطي حدود الدور التركي الحالي الداعم للعصابات الإرهابية. وجاءت ردود الفعل داخل تركيا من مواقع سياسية واقتصادية عديدة لتؤكد أن الحرب التي لوّح بها أردوغان بعد إسقاط الطائرة ستكون كارثة شاملة على الأتراك. وتأكدت هذه الحقيقة في البيان الذي أصدرته دول حلف الناتو بعد اجتماعها بطلب تركي الذي تميز أيضاً بلغة دفاعية أعقبها تأكيد أكثر من دولة أوروبية رفض التورط في الحرب ضد سورية.التدخلات في الوضع السوري الداخلي مستمرة. والدول المتورطة في هذه الحرب العدوانية بدءاً من الولايات المتحدة وصولاً إلى بعض دول الخليج ما تزال متواصلة. ومن الواضح أن الرئيس بشار الأسد يخوض مقاومة ضارية ضد فرق الموت بكل حكمة وإصرار، فهو من جهة يقود الحكومة الجديدة نحو تحصين الوحدة الوطنية والتضامن الشعبي في مجابهة الإرهاب، ومن جهة أخرى يواصل الجيش السوري عملياته لضرب معاقل التمرد والإرهاب واسترجاع الاستقرار والأمن في سورية.

الشعب السوري يؤكد إصراره على المضي قدماً في مقاومة الإرهاب والفتنة انطلاقاً من معلومات مفادها أن السوريين أعربوا عن ارتياحهم الكبير للتشكيلة الحكومية الجديدة، خصوصاً انها ضمت في تركيبتها ممثلين للمعارضة الوطنية. كما كان للكلمة التوجيهية التي ألقاها الرئيس الأسد في الجلسة الأولى للحكومة تأثيراً إيجابياً شكل صدمة إيجابية على مستوى ما هو مؤمّل من الحكومة الجديدة، ومؤشراً على ورشة عمل تستهدف إحداث تغييرات كبيرة في حياة السوريين اليومية، ومعالجة مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية الضاغطة، ومواصلة السير في البناء السياسي الجديد الذي انطلق بعد الاستفتاء على الدستور بحيث تتكرس التعددية السياسية والإعلامية التي يتطلع إليها الرأي العام السوري.
الرئيس بشار الأسد الذي يكرّس دوره التاريخي في الدفاع عن الشرق المستهدف باستهداف قلبه الذي تمثله سورية، هو في الوقت عينه رجل الدولة والقائد المقاوم، ولذلك ليس غريباً أن يتحول استهدافه إلى أمر عمليات أميركي ـ «إسرائيلي» على امتداد العالم.  

السابق
منطقة كفرشـوبا بلا ميـاه
التالي
لماذا أُدخِل الإعلام السوري في دائرة الاستهداف الإرهابي؟