الوقاية من المخدرات بتعريب التجربة الفرنسية

ينتظر تلامذة الصف الأول ثانوي، في عدد من المدارس الرسمية في بيروت، دخول عناصر من قوى الأمن الداخلي مدارسهم، لإلقاء عدد من المحاضرات، لا بدوافع أمنية، بل إنسانية وتثقيفية، في مشهد جديد سيعتاد عليه التلامذة. فهذه الطريقة معتمدة في الكثير من دول العالم، لا سيما أنها تهدف إلى توعية الشباب ضد المخدرات، التي باتت تهدد المجتمع اللبناني.
تأتي مشاركة رجال الأمن المدربين ضمن مشروع يهدف إلى «تعزيز الوقاية من المخدرات في المدارس الرسمية»، ويشمل في مرحلته الأولى ثماني مدارس رسمية في العاصمة، على أن يعمم في العام الدراسي المقبل على نحو 250 مدرسة رسمية، خلال العام الدراسي 2012-2013، تضمّ ما يناهز ستة وخمسين ألف تلميذ وتلميذة.
انطلق المشروع رسمياً في مرحلة نموذجية لتلامذة الصف الأول ثانوي، ويستمر حتى حزيران المقبل، في جهد مشترك لبناني – فرنسي، يتوجه إلى المدارس الرسمية، ويستهدف الأهل أيضاً.
ويجمع المشروع للمرة الأولى كل الجهات اللبنانية الرسمية في إطار مشروع واحد، للتوعية من مخاطر المخدرات، وهو مستوحى من تجربة فرنسية في هذا المجال، فيضمّ بالإضافة إلى السفارة الفرنسيّة في لبنان، أربع مؤسسات لبنانيّة رسميّة معنيّة بموضوع الوقاية من المخدرات، هي وزارة الداخليّة والبلديات عبر قوى الأمن الداخلي، وزارة التربية والتعليم العالي عبر مديرّية التربية، ووزارة المال عبر إدارة الجمارك و«معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي».
يهدف المشروع إلى إذكاء الوعي المجتمعي وخصوصاً في المدارس الرسميّة وفي بعض الإدارات والمؤسسات الحكوميّة حول أنواع المخدرات ومخاطرها وتبعاتها وكيفيّة الوقاية منها، مع الإضاءة على العقوبات التي تترتّب على ترويجها وتعاطيها، وفق سوزان أبو شقرا من فريق العمل في «معهد باسل فليحان». ولفتت إلى أن المشروع يتوجّه إلى ثلاث فئات هي: «التلامذة في الصفوف الثانويّة ضمن الفئات العمريّة 15-18، الأهل والهيئة التعليميّة والهيئة الإداريّة، الموظفون والعاملون في إدارات الدولة ومؤسساتها».
ويتألف المشروع، وفق أبو شقرا، من سلسلة حلقات قصيرة طورت الشرطة الفرنسيّة محتواها وتمّ تعريبها ومواءمتها مع الواقع اللبناني بالتعاون مع خبراء لبنانيين من قوى الأمن الداخلي وإدارة الجمارك اللبنانية جرى تدريبهم لتولي المهمّة، بمتابعة وثيقة من مديريّة التربية و«معهد باسل فليحان».
وأوضحت أن حلقات التدريس وقائيّة مدتها ساعة ونصف الساعة يتخللها عرض ونقاش وطرق التفاعل مع الحالات التي يرصدها الأهل أو الهيئة التربويّة. وتعتمد الحلقة المخصصة للتلامذة أسلوباً مبسّطاً وتفاعلياً (كسؤال/ جواب) مرفق بإيضاحات بصريّة وبتمرين ختاميّ لقياس مدى اكتساب التلامذة المعلومات. أما الحلقة المخصصة للأهل فهي تعتمد على إيصال كميّة أكبر من المعلومات وعلى مساعدتهم على الكشف المبكر عن عوارض الإدمان وتزوّدهم بعض الإرشادات حول كيفيّة التعاطي مع بعض الحالات.
واشارت أبو شقرا إلى أنه كان لـ«معهد باسل فليحان»، دور في تشجيع التعاون الكامل بين الهيئات المعنية وتسهيل تنظيم المرحلة النموذجية لهذا المشروع من خلال الاجتماعات التنسيقية التي عقدها في مبناه خلال شهري كانون الأول وآذار الماضيين، والتي شارك فيها المنشطون الوقائيون من قوى الأمن الداخلي وإدارة الجمارك، إضافة إلى فريق عمل وزارة التربية والتعليم العالي من موجهين تربويين ومديري المدارس الرسمية والسفارة الفرنسية.
وهدف الاجتماع الأول إلى تزويد فريق العمل في وزارة التربية والتعليم العالي بمضمون الجلسات وتقنيات التدريب وأساليب التقويم المنوي استخدامها في حلقات التوعية المدرسية، بينما هدف الاجتماع الثاني الى رصد اقتراحات وتوصيات مديري المدارس لتنفيذ البرنامج في المدارس الرسميّة وخطط العمل الفردية لكل مدرسة وتخلله عرض تجربة «ثانوية الليسيه الفرنسية» في مجال التوعية من مضار المخدرات واستخلاص نتائج التجربة الفرنسية.
وأشارت إلى أن المشاركين أكدوا في الاجتماع الثاني أهمية توعية الطلاب والأهل والهيئة التعليمية على الوقاية من المخدرات والترابط مع المبادرات الأخرى التي تتولاها مؤسسات المجتمع المدني. ورأى المديرون أن الموضوع يلبّي حاجة كبيرة في مدارسهم وأبدوا استعدادهم لاستقبال المدربين من القوى الأمنية.
وأوضحت أبو شقرا أن عناصر مدربة من قوى الأمن الداخلي ستقوم بتدريب أساتذة، وأن التجربة في مدرسة الليسيه الفرنسية كانت ناجحة، إذ إن أسئلة التلامذة كانت ذكية جداً، ولا يستطيع الإجابة عنها إلا من كانت لديه المقدرة على الإجابة، وأن أول نتيجة كانت وعداً من التلامذة بوقف تدخين «النرجيلة».
ولفت مدير الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية جان حايك، إلى أنه كان في البداية ضد مشاركة عناصر أمنية في دخول المدارس الرسمية، لأن «حضورهم لن يوحي بالأمان للتلامذة، الذين سيتهيبون، وبالتالي لن تكون مشاركتهم فعالة». وقال لـ«السفير»: «بعدما اطلعنا في المديرية على نوعية التدريب والنتائج المشجعة التي أسفرت عنها الدورات التدريبية، وما يمكن أن يقدمه هؤلاء العناصر من فائدة جيدة للتلامذة على الأرض، تراجعت عن رأيي وبدأت أدعم المشروع».

  

السابق
احتراق سيارة على طريق عام جزين
التالي
لوائـح مكتملـة في طير حرفا وعلما الشعب