فضيحة إيرانية جديدة

ثاني يوم فوز الدكتور محمد مرسي برئاسة مصر بثت وكالة أنباء فارس الإيرانية، وهي إحدى الوكالات التي تمثل ذراعا من الأذرع الإعلامية الإيرانية البارزة في ترويج خطاب المرشد، والحرس الثوري، وكذلك الرئيس الإيراني، مقابلة صحافية مطولة زعمت أنها أجرتها مع الرئيس المصري الجديد.
أحدثت تلك المقابلة المزعومة، التي قالت وكالة فارس إن مراسلها بالقاهرة قد قام بإجرائها مع الرئيس مرسي «قبل توليه بدقائق لمنصب الرئاسة المصرية رسميا».. أحدثت تلك المقابلة ردود فعل غير هينة في الداخل المصري وخارجه، حيث نسبت الوكالة للدكتور مرسي قوله إنه «يجب علينا استعادة العلاقات الطبيعية مع إيران على أساس المصالح المشتركة للدولتين، وتطوير مجالات التنسيق السياسي، والتعاون الاقتصادي لأن ذلك سيحقق التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وهذا كان ضمن برنامجي برنامج النهضة». وأضافت الوكالة الإيرانية أن الرئيس المصري الجديد قد نفى «ما سوقت له بعض وسائل الإعلام العربية بأنه ينوي زيارة السعودية كأول زيارة رسمية له بعد توليه منصب رئيس الجمهورية، قائلا إني لم أصرح بهذا، ولم يتم حتى الآن تحديد أولى الزيارات الدولية بعد نجاحي في انتخابات الرئاسة»!

وبالطبع سارعت الرئاسة المصرية، وحملة الدكتور محمد مرسي، لنفي المقابلة والقول بأنها لم تجر من الأساس، إلا أن وكالة فارس لم تزل تتمسك بها وتنشرها على موقعها باللغتين العربية والفارسية، وحتى كتابة هذا المقال، والطريف أن الوكالة الإيرانية قامت بوضع تسجيل صوتي كامل للمقابلة، ويظهر من الاستماع له أن المتحدث ليس بالدكتور مرسي على الإطلاق، وقد استمعت إليه بنفسي، وهذا ما أشارت له أيضا وكالة رويترز حيث قالت إن الصوت لا يطابق صوت الرئيس المصري الجديد. ونقول «الطريف» حول وضع وكالة أنباء فارس لتسجيل صوتي للمقابلة المزورة، والمزعومة، لأن التسجيل الصوتي موضوع برفقة النص الفارسي وليس العربي، وكأن القارئ الإيراني سيستوعب النص الصوتي العربي والمرافق للحوار المنشور نصه بالفارسية!

والحقيقة أن هذه الفضيحة الإعلامية الإيرانية ليست بالأولى، ولن تكون الأخيرة، بل إن لها سوابق عدة بوسائل إعلام إيرانية مختلفة، وخصوصا الناطقة باللغة العربية، سواء الصادرة من إيران، أو العراق، أو لبنان، وأيا كان نوع تلك الوسائل، سواء مقروءة، أو مرئية، فالفبركة، والتزوير، لعبة إعلامية شهيرة لكثير من وسائل الإعلام الإيرانية، حيث تقوم تلك الوسائل، والمواقع الإنترنتية، المحسوبة على طهران بالقيام بما سميته سابقا بعملية «غسيل الأخبار» حيث يتم تسريب أخبار، ومقابلات، وتصريحات، مختلقة بإحدى الوكالات الإيرانية، أو المواقع المحسوبة عليهم سواء مما هي قريبة من حزب الله أو خلافه، ثم تتولى باقي الوسائل الإيرانية، ومن يدور بفلكها، ترويج تلك الأخبار، وحينها لا يهم كل ما يصدر من نفي، أو إنكار، لتلك الأخبار حيث تكون قد سرت سري النار بالهشيم، والضحايا بالطبع ليسوا دولا فقط، بل يتم استهداف رموز، وقادة، وساسة، حتى الإعلاميين، وبالطبع فإن أكثر من يشارك في تلك الفضيحة، التزوير، ومنذ زمن طويل، هو الإعلام الأسدي بكل أنواعه. فليتنا نتنبه لذلك.  

السابق
شهر أمني في فراغ سياسي
التالي
مرسي ودور المؤسسة العسكرية المصرية