استراتيجية سياسية للدفاع عن الجيش

فاعلية الإستراتيجية الدفاعية عن لبنان، مشروطة بالإستراتيجية السياسية للدفاع عن الجيش في وجه الحملات المعادية لمهامه العسكرية والأمنية، والمواقف الإعتراضية على التمركز والإنتشار في هذه المنطقة أو تلك، وصولاً إلى حالة تحديد الدروب والشوارع والساحات «المسموح له» بالمرور والتحرك من خلالها، بكل ما يحمل ذلك، من اعتداء معنوي وميداني على وحدات الجيش للنيل من هيبتها وإقحامها في مواجهات ومنازعات شارعية تنفيذاً لمخطط مرسوم في «غرفة عمليات» سوداء اقليمية ودولية للإقتصاص من دوره في حماية السلم الأهلي والحفاظ على الاستقرار، من الفتن المذهبية، كما في حماية الحدود اللبنانية – السورية من عمليات تهريب السلاح والمسلحين الى لبنان ومنه، وفي الحؤول دون تحويل شمال لبنان ومنطقة عرسال في البقاع إلى ممرات لهذا التهريب بكل أنواعه ومختلف أحجامه، والى خنادق ومنصات تصب في النزاع السوري – السوري، وانعكاس ذلك على الوضع اللبناني، ضرراً واضراراً من النواحي العسكرية والأمنية والإقتصادية والإجتماعية.
معنى ذلك، أن أطرافاً محلية وجهات اقليمية ودوائر دولية منخرطة في ما يتعرض له الجيش كرسالة إلى الدولة اللبنانية تحمل عنوانين وخيارين هما: إما التخلي عن سياسة النأي بالنفس عما يدور في سوريا، وإما المزيد من المتاعب والمصاعب والمضايقات والتحريض على الجيش لخلق مصادمات بينه وبين الجماعات والمنظمات المحلية والخارجية والمناهضة لسياسة النأي.
وكان لافتاً، في هذا السياق، كيف يتم اشعال «نهر البارد» بالإعتداء على مراكز للجيش هناك، وإمتداد ذلك، إلى مخيم «عين الحلوة» لإنهاك الجيش واستنزافه في مواجهات لا يسعى اليها ويتحمل المزيد من ضبط النفس منعاً لنشوب حرب مخيمات اذ تحاول جهات داخلية وخارجية توظيفها في جرها إلى التدخل في الخلافات اللبنانية – اللبنانية لحساب طرف على حساب العلاقات الاخوية بين الشعبين اللبناني والفلسطيني، ولذا سارعت القيادات الفلسطينية المسؤولة إلى عقد لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين للتأكيد على متانة هذه العلاقات، وفي عدم السماح لأية جهة كانت، تحويل المخيمات إلى «صندوق بريد» للرسائل الساخنة المتبادلة بين أطراف اقليمية ودولية، لتوظيف التوتر في المخيمات وجوارها في حرب المصالح والنفوذ والمنافع لحساب هذه الأطراف.
ويفعل التواصل والتفاهم اللبناني – الفلسطيني، يتم تطويق وتعطيل كل ما يسيء إلى نتائج هذا التفاهم، وكل ما يجعل المخيمات قنابل موقوتة في جسم الأمن اللبناني لأن تفجير هذه القنابل يأتي بالخسائر الجسام على لبنان والقضية الفلسطينية التي تبقى حيّة بقدر ما تكون نائية في الانخراط في التجاذبات السياسية اللبنانية.

من هنا، يكون اطفاء حرائق متنقلة بين المخيمات الفلسطينية واستباق حدوث حرائق قد تقع للإيقاع بينها وبين الجيش اللبناني على خلفية الأحداث السورية، فإن هذا الإطفاء يشكل عملاً وطنياً وقومياً لبنانياً وفلسطينياً يكون اساسه، مسارعة إلى الجانب الفلسطيني إلى اقفال بؤر الإعتداء على الجيش الموجودة داخل المخيمات، واستناد ذلك، إلى حق السيادة الأمنية العسكرية للجيش اللبناني حول المخيمات وفي الطرق اليها والخروج منها، كحق لا مساومة عليه ولا تنازل عنه، وهذا ما يحرص على تأكيده الرئيس سليمان في الحفاظ على دور الجيش العسكري والزمني لحماية الأمن القومي للدولة، وهو أن ضرب الجيش هو مدخل للفتن والمؤامرات والفوضى، ولقد جرت عدة محاولات لضربه، من بينها أحداث نهر البارد، ووقف جميع اللبنانيين ضدها وخصوصاً أهل عكار الذي دفعوا أثماناً باهظة من أرواحهم، وكذلك وقف جميع أهل الشمال وطرابلس أيضاً الى جانب الجيش ليمنعوا ضربه، والشهداء الذين سقطوا، كم وفروا على الوطن آلاماً وشهداء وضحايا؟
وفي الموضوع نفسه، قال قائد الجيش العماد قهوجي مخاطباً العسكريين، «اعلموا ان مهمتي الدفاع والامن الموكلتين إليكم، هما مهتمان تتكاملان معاً في سبيل الحفاظ على السيادة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد، فكما لا يجوز على الاطلاق، التفريط بذرّة واحدة من ترابنا الوطني، وقطرة واحدة من مياهنا وثرواتنا الطبيعية، كذلك لا يجوز لأي كان العبث بأمن المواطن ورزقه وكرامته، واستغلال مناخ الديمقراطية والحريات العامة التي ينعم بها لبنان، وما يعصف بالمنطقة العربية من أزمات للإيغال في تهديم اركان الدولة وتصديع وحدة الوطن، وضرب مكتسباته والتلاعب بمصير أجياله. وقد جاءت احداث منطقة الشمال لتؤكد مرة اخرى رهان الجميع على دوركم في وأد الفتنة وفرض الإستقرار. فكونوا على قدر هذا الرهان، واحرصوا أشدّ الحرص على أرواح أهلكم، من خلال آداء مهماتكم بمنتهى الدقة والمسؤولية».  

السابق
نحاس: مجلس الوزراء سيقر موضوع البواخر
التالي
جزين عروس الشلال تستعد للموسم وعينها على الأمن