تركيا تتخبط وتبحث عن الرد.. فهل فتح الباب للناتو لدخول سوريا ؟

طرح خرق الطائرة الحربية التركية السيادة السورية وقيام الدفاعات الجوية السورية بإسقاطها الكثير من المعطيات والخفايا المتصلة بالأزمة القائمة هناك. وتشير مصادر سياسية ـ دبلوماسية إلى أن ما حصل في هذا الشأن يطرح الكثير من علامات الاستفهام الجديدة حول السياسة التركية التي تتبعها حكومة رجب طيب أردوغان.  إذ لـم توضح تركيا الإجراءات التي ستتخذها بحق النظام السوري بعد إسقاط طائرتها في المياه الدولية، لكن في حال لجوء أنقرة للحل العسكري فإنها تملك من القدرات ما يفوق قدرات سوريا بأشواط فتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي منذ عام اثنين وخمسين، الذي يمتلك قدرات عسكرية ودفاعية ضاربة ومتطورة جداً. 

وتأتي تركيا في المرتبة الثانية في الناتو بعد الولايات المتحدة من حيث قواتها العسكرية التي تصل إلى ستمئة واثني عشر ألف عسكري فعلي، وأربعمئة وتسعة وعشرين ألف عسكري احتياطي، بحسب خبراء عسكريين. ما يضعها في المرتبة السادسة عالمياً على لائحة أقوى جيش عددا وعتاداً.

وتملك قواتها البرية أربعة آلاف ومئتين وست وأربعين دبابة، إلى جانب ستة آلاف وستمئة مدرعة، فيما تتوافر لديها ألف وثمان مئة مدفع ذاتي الحركة.


وتركيا صاحبة أكبر قوة بحرية في البحر المتوسط إلى جانب فرنسا، إذ تملك مئتين وخمس وستين سفينة تنطلق من ثماني قواعد بحرية. وتتوزع تلك السفن كالآتي، خمس وخمسون سفينة إنزال بحري، وعشرون سفينة كاسحة للألغام. كما تتوفر لديها ست عشرة غواصة، وتسع عشرة فرقاطة.

ولا تقل القدرات الجوية التركية تطوراً عن غيرها من القوات العسكرية، إذ تملك أنقرة نحو ألف وتسعمئة وأربعين طائرة غالبيتها طائرات حديثة من طراز اف 14 واف 15واف 16، ومن ضمن العدد الإجمالي هناك نحو ثمان مئة وأربع وسبعين طائرة مروحية. فيما تتمتع بمنظومة رادارات فعالة جداً قادرة على رصد أي أهداف في الأجواء.
وتتمثل دفاعاتها الأرضية ببطاريات لصواريخ الباتريوت الأمريكية المتطورة، يصل عددها إلى خمسة آلاف وخمسمئة وسبعة وأربعين بطارية صواريخ مضادة للطائرات. ولدى سلاح الجو التركي نحو تسعة وتسعين مدرجا تستطيع مقاتلاته الانطلاق منها نحو أهدافها.  

لذلك، فالسؤال الآخر هو: ما هي التفسيرات التي دفعت حكومة أردوغان للتعاطي بطريقة عشوائية مع إسقاط الطائرة وإلى أين يمكن أن يصل الرد التركي وحتى الغربي مع انعقاد حلف الأطلسي اليوم؟
تقول المصادر الدبلوماسية إن ما صدر من ردة فعل تركية يمكن وضعه في خانة:

أولاً: لقد بدا الإرباك واضحاً لدى القيادة التركية من خلال سلسلة المواقف المتناقضة من موضوع إسقاط الطائرة، وهو ما يؤكد أن أنقرة أدخلت نفسها في مأزق جديد في الشأن السوري يضاف إلى مأزقها الأساسي جراء سياساتها العشوائية في الأشهر الماضية.
ثانياً: أدركت حكومة أردوغان انها أعجز عن أن تقوم بأي رد فعل عسكري تجاه سورية، بغض النظر عن الخطأ الذي ارتكب من جانبها بخرق السيادة السورية، لاعتبارات عدة، أولها وجود معارضة سياسية وشعبية كبيرة داخل تركيا لأي عدوان ضد سورية، وهذا ما ظهر في لقاء أردوغان مع قادة المعارضة نهاية الأسبوع، وثانياً انها تدرك ان أي عمل عدواني سيكون ثمنه كبير جداً على تركيا من النواحي السياسية والعسكرية والاقتصادية، بعد أن تيقنت أن سورية أقوى بكثير مما تعتقده الحكومة التركية.

ثالثاً: ان تركيا على إدراك كامل ان أي استعراض للقوة ضد سورية لن يقف عند حدودها، حتى ولو استنجدت بالأطلسي، بل سيطال المنطقة بأكملها، وقد يصل إلى روسيا وإيران في وقت ترسل الأخيرة مدمراتها الحربية إلى ميناء طرطوس السوري وتستعد سفينة روسية تحمل طوافات عسكرية للتوجه نحو سورية، وهذه الطوافات مخصصة للجيش السوري.

رابعاً: إن لجوء أنقرة لدعوة الأطلسي للانعقاد هو مجرد محاولة للهروب إلى الأمام تعبيراً عن المأزق التي بلغته حكومة أردوغان مع العلم ـ كما تقول المصادر ـ ان الحلف الأطلسي لن يذهب نحو القيام بأي خطوات عسكرية، بل إن الأمور ستقتصر على أخذ العلم بما حصل، وفي أحسن الأحوال إصدار بيان يدعم تركيا.

السابق
الجمهورية: الحوار يُحمل الحكومة أكثر مما تحتمل
التالي
آباء كل رؤساء مصر فقراء ينتمون للأرياف !!