بوتين متمسّك بموقفه من سوريا وإيران

في خطوة ذات دلالة مهمة، اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تكون أولى زياراته الخارجية بعد إعادة انتخابه لإسرائيل. وبالرغم من أنه استغلها أيضاً للمرور على السلطة الفلسطينية والأردن، إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة أن إسرائيل كانت هدفه المركزي. ومع أن الزيارة كادت تخلو من التصريحات السياسية المدوّية، حيث جرى التركيز على الجانبين الديني والثقافي، على الأقل من الجانب الروسي، إلا أنه من الواضح أنها كانت سياسية بامتياز.
فقد خرجت إسرائيل الرسمية للاحتفاء بـ«القيصر» الروسي القادم لافتتاح النصب التذكاري للجنود اليهود في الجيش الأحمر والذي أقيم على شاطئ مدينة نتانيا. ورافقه الرئيس الإسرائيلي المسن، شمعون بيريز، طوال النهار تقريباً، فيما كان وزير الخارجية، المهاجر الروسي، أفيغدور ليبرمان مرافق الشرف.
وجرى التركيز خلال زيارة بوتين على أن إسرائيل التي تحوي ما لا يقل عن مليون مهاجر روسي تمثل امتداداً لتاريخ مشترك ولعلاقات تسعى الدولتان لتطويرها. واجتهد كل من بيريز ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في محاولة إظهار صلتهما بالثقافة واللغة الروسيتين، فضلاً عن أن وزير الخارجية أراد أن تكون الزيارة مناسبة لصبغ إسرائيل بالطابع الروسي.
وبدا واضحاً، على الأقل من خلال حفل افتتاح النصب التذكاري، أن واجهة المشهد الإسرائيلي في التعاطي مع زيارة بوتين هي المهاجرون الروس، سواء من يحتلون مناصب سياسية عالية في الحكومة والكنيست والأحزاب أو من كبار رجال الأعمال. وأحاط هؤلاء بالرئيس الروسي لإشعاره وكأنه في بيته في الوقت الذي يعاني فيه بوتين من مشاكل ليس فقط في روسيا بل أيضاً في علاقاته مع الغرب عموماً ومع الإدارة الأميركية خصوصاً.
ولوحظ أن الأداء الإسرائيلي مع بوتين، برغم الحفاوة، كان متحفظاً، خشية إثارة غضب الأميركيين أو حتى أن يفهم الروس أن لا خلاف قائما بين الطرفين. فالقضايا موضع الاهتمام والخلاف بين إسرائيل وروسيا تعتبر قضايا بالغة الجوهرية، وفي مقدمتها المشروع النووي الإيراني والعلاقة الروسية – السورية. وأثير هذان الموضوعان تقريباً، ليس فقط في الاجتماعات المغلقة التي جرت بل أيضاً أمام الصحافيين. فروسيا، عدا كونها عضواً في فريق «5 + 1» الذي يفاوض إيران حول مشروعها النووي، فإنها تتخذ موقفاً مغايراً عن الموقف الغربي.
وبحسب ما نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن الرئيس الروسي أبلغ مستضيفيه أن موقف بلاده «محايد» في الشأن الإيراني.
أما على الصعيد السوري، فإن مسألة تسليح دمشق كانت على الدوام مشكلة قائمة في العلاقات بين الدولتين، وقد باتت اليوم أخطر في نظر إسرائيل. وقد أثار كل من بيريز ونتنياهو مع بوتين خطورة المضي قدماً في هذا الأمر في ظل احتمالات تسرب هذا السلاح إلى قوى أخرى قد تستخدمه في نهاية المطاف ضد تل أبيب.
وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن الرد الروسي حول الموضوع السوري كان واضحاً، حيث أكد أن موسكو لا تقف إلى جانب النظام السوري بل إلى جانب سوريا التي لها فيها مصالح قديمة ومعها علاقات تاريخية.
وبالرغم من الحديث عن استمرار الخلاف بين الجانبين في هاتين المسألتين وأيضاً في ما يتعلق بالتسوية مع الفلسطينيين، إلا أن مصادر إسرائيلية تحدثت عن «تغيير ما» في الموقف الروسي. ورفضت المصادر توضيح ماهية التغيير بالرغم من أن هناك من يعتقد أن روسيا تشارك إسرائيل شعورها بالخطر من وصول الإســلاميين إلى الحكم في الدول العربية، وخصوصاً في مصر.
ومهما يكن، فإن زيارة بوتين إلى إسرائيل كانت تهدف علناً إلى تحقيق غايات دينية وثقافية واقتصادية. وهناك في إسرائيل من يتحدث عن مشاريع تريد روسيا عرضها على تل أبيب في مجالات الغاز والتعاون المشترك مع كل من اليونــان وقبرص. كما أن هناك من يشــير إلى مشاريع للصناعات العسكرية في الدولتين، وخصوصاً في ميادين الطائرات من دون طيار، وطائرات الإنذار المبكر، والتجسس.

 

السابق
السفير: الحوار ينتظر استراتيجية سليمان والانقلاب على الحكومة يفشل
التالي
سلاح حزب الله باقٍ باقٍ!!