مصطفى «جِبِت الغراض» لـ ناتالي؟

مهما ركّز الإنسان على ما يقوم به، لا بدّ أن يخونه ذهنه من وقت إلى آخر ويقع في مواقف حرجة، تارة تنتهي على خير وطوراً لا تُحمد عقباها. وما حصل مع أحد الزملاء كانت نهايته سعيدة من جهة، وأفسح في المجال لمعرفة المزيد من قواعد الإتيكيت وأصولها من جهة أخرى، ويمكن إدراجه ضمن إطار «كيف يجب أن يُعامل الزعماء المواطنين».

ففي مساء كل يوم تقريباً، يطلّ مصطفى، الشاب المصري الذي يعنى بخدمة الموظفين، فيلبّي طلباتهم ويقدّم لهم القهوة. وأحياناً يأخذ أحد الموظفين على عاتقه، تدوين طلباتهم على ورقة ويسلمها إلى مصطفى، الذي يذهب مستعيناً بالـ"موتو" الخاص به ويأتي بها على جناح السرعة، فدراجته النارية لا تعترف بزحمات السير ويمكن ركنها بسهولة في أي مكان. وهذه المرة كان دور ناتالي في تدوين احتياجات الموظفين، وكان في مقدمة الطلبات بعض الكعك والعصير وزجاجات الماء.

سلّمت ناتالي لائحة الأغراض المطلوبة الى مصطفى الذي ليس من عادته أن يتأخر، وراح الجميع ينتظر عودته. مرّ الوقت فانشغل بال ناتالي على مصطفى من جهة، ومن جهة أخرى أحسّت بالجوع مع زملائها، وتساءلت أمام زميلها علي: «قولك ليش تأخّر؟! شَغَلّي بالي». فما كان من علي إلّا أن اتّصل بمصطفى قائلاً:

– مصطفى؟

وبدماثة خلق ولطف أجاب مصطفى:

– نعم حبيبي

– جِبت الغراض لـ ناتالي؟

– مين ناتالي؟

فاستغرب علي سؤاله وأجابه: «وَلَو ناتالي يَلّي وَصِّتك ع الغراض…» وهنا تنبّه علي إلى أنّ الصوت مختلف، فنظر إلى الخلوي ليجد أنّه اتصل بعضو المكتب السياسي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علّوش، فسارع الزميل إلى الاعتذار لائماً نفسه على هذا الخطأ الخارج عن إرادته، وقال:
«عفواً… عفواً سعادتك… يبدو أنني اتصلت بك عن طريق الخطأ!» فضحك علوش، وقال لعلي بلطف ولياقة: «معليش، معليش حبيبي، بتصير».

عادة عندما نتصل بالسياسيين أو الزعماء وغيرهم من أعيان البلد، نجد خطوطهم مشغولة أو مقفلة، أو يردّ مرافقهم، وعليك عزيزي أن تكرّر المحاولة لاحقاً إذ نادراً جداً ما يجيبون من المرة الأولى نظراً إلى انشغالاتهم واجتماعاتهم، وهذه المرّة أتت الإجابة سريعاً ومن المرة الأولى، إذ يؤكّد الزميل علي أن النائب السابق علّوش يجيب فوراً وبنفسه. وهذا يندرج ضمن الأصول واللياقات واحترام الشخصيات الهامة للمواطنين العاديين.

وما يستوقفنا فعلاً هو إجابة علّوش عندما توَجّه إليه زميلنا من دون ألقاب، إذ لم يستهجن الأمر، بل قال له: «نعم، حبيبي». وهذا أيضاً ينمّ عن أخلاق دمثة .

في النهاية، كلما أتينا على ذكر النائب السابق مصطفى علوش، لا يمكننا إلّا أن نستعيد حلقة «بموضوعية» مع الإعلامي وليد عبود الذي يُطلق على هذه الحلقة تسمية «حلقة عمري»، والتي استضاف فيها الأمين القطري لحزب «البعث» فايز شكر والنائب السابق مصطفى علوش.

وما لفت النظر في هذه الحلقة هو أنّ علوش لم يَخشَ الكرسي المرفوع عليه، بل تقدّم نحو مهاجمه وهو مجرّد من أيّ وسيلة للدفاع عن النفس، وعُلم أنه يمارس رياضة الملاكمة والتي تنطوي على الخشونة والرعونة… ومع ذلك فهو يعتمد منتهى اللطف والرقة في التعامل مع الآخرين.  

السابق
من يحقّق الإختراق في الحوار..؟!
التالي
الربيع العربي والدروس المستفادة لبنانياً