المستقبل : “حزب الله”: لا حوار حول سلاحي في ظلّ حكومتي

فجأة، وبسحر ساحر، وفي استباق لجلسة الحوار الوطني في قصر بعبدا اليوم، باشر "حزب الله" وحلفاؤه حملة هجومية على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أي عملياً على الحكومة التي لهم فيها الأكثريّة، والتي شكّلوها، منقلبين على الإتفاقيات والتوازنات الداخلية والإقليمية بدءاً من اتفاق الدوحة، كما سبق لهم التباهي مطوّلاً بانسجام فريقها في مقابل تناقضات حكومات "الوحدة الوطنية" السابقة، كما سبق لبعضهم في الأشهر القريبة الماضية أن عدّد انجازات لهذه الحكومة، واعتبر اسقاطها خطاً أحمر، وخوّن وهدّد مَن يسعى إلى ذلك
. هكذا تكلّم النائب محمد رعد بالأمس عن "السلطة المليئة بالتجاذبات والمعايير المتناقضة" والحكم العاجز عن القيام بمشاريع انمائية، مستغرباً كيف يمكن أن يجري النقاش في موضوع السلاح على طاولة الحوار في ظلّ هكذا حكومة! أما حليفه النائب علي بزّي فنعت الحكومة نفسها بأنّها "مغارة علي بابا".
في هذه الأجواء، تنعقد مجدّداً طاولة الحوار اليوم، وعلى جدول أعمالها بند وحيد هو الإستراتيجية الدفاعية، في ظلّ تصميم من جانب "قوى 14 آذار" على رفض الخروج عن هذا الموضوع، وايحاءات متكرّرة بعكس ذلك لدى خطباء "حزب الله" بالأمس، ويأتي ذلك في وقت أكّدت فيه مصادر قصر بعبدا لـ"المستقبل" ان طاولة الحوار يفترض أن تناقش بند الاستراتيجية الدفاعية وأنّ رئيس الجمهورية ميشال سليمان "يعتبر ان من واجبه العمل على ما يجمع اللبنانيين وبالتالي فهو يعتبر انه ممنوع ان ينكسر الحوار أو يفشل، ولذلك فهو يقوم بهذه المشاورات لتلمس الطريق لإيجاد القواسم المشتركة للحوار وصياغة إطار معيّن للكلام داخل الجلسة وإدارة النقاش للوصول الى الهدف الذي ينشده".
كما لفتت هذه المصادر الى ان "للدولة اللبنانية مصلحة في تنظيم السلاح وتحديد كيفية الدفاع عن لبنان وقد لمس الرئيس خلال مشاوراته ان حزب الله يبدي ايجابية معينة في تلقف الاشياء، كما ان موقف 14 آذار واضح في هذا الموضوع، وبالتالي فرئيس الجمهورية يعتبر ان دوره هو في توجيه هذا المنحى نحو قواسم مشتركة بين الفريقين تمهّد لإنتاج "إتفاق إطار" أو "إعلان بعبدا 2 حول السلاح".وأشارت هذه المصادر الى ان الوصول الى هذا الإعلان يتطلب أكثر من جلسة، وقد تكون جلسة الاثنين هي البداية لوضع "إتفاق إطار" يوصل بعدها الى اعلان متكامل حول السلاح، كما شدّدت الأوساط على ان "البحث في الاستراتيجية الدفاعية يتطلب النقاش في كافة جوانبها العسكرية والاقتصادية والاعلامية، بالاضافة الى موضوع النفط والمياه" حيث ربطت ذلك بمقومات "المنعة الوطنية"، موضحة في الوقت نفسه ان "البحث في السلاح له الأولوية، ويمكن بعدها استكمال النقاش في باقي العناصر، ولا يمكن انتقاء أي عنصر من هذه العناصر للبحث فيه أولاً".
بالتوازي، كان تأكيد من النائب بطرس حرب على تمسك "قوى 14 آذار ببحث جدول الأعمال كما حدّده رئيس الجمهورية، والذي سيكون في أساسه ملف الاستراتيجية الدفاعية" وأضاف "لن نقبل أي تجاوز لذلك، ونحن مستعدون لتحمل مسؤولية عدم إفشال الوطن، وبالتالي عدم إثارة مواضيع جانبية في الحوار، وإذا كانت المسؤولية علينا تعني بأن نكشف عدم جديّة الأطراف الآخرين على طاولة الحوار فلا مشلكة لدينا، ونحن لن نقبل بأن نكون قسماً من فريق يغش الناس".
وأوضح حرب أن "عبارة الاستراتيجية الدفاعية هي كلمة مهذّبة لموضوع سلاح حزب الله، لكي لا يقال ان هناك من يريد انتزاع سلاحه"، مستدركاً أن "هذا ما لا نريده نحن أساساً، بل نريد ان يكون هناك قرار موحّد للدولة اللبنانية في شأن الإمرة على السلاح، والموضوع ليس من يكسر منه، بل منذ العام 2000 تحول السلاح ملفاً خلافياً داخلياً بدليل ما جرى منذ عام 2005 مروراً بـ7 أيار 2008، وهو برأينا ما يؤدي لتفريخ السلاح بيد مجموعات أخرى".
كما لفت إلى "انعقاد الطاولة يحصل في وقت غير ملائم، لأنه في الظروف الحالية لا يمكن لأي طرف رؤية ما سيحصل في الأيام المقبلة لأخذ موقفه من ملف ما، فهل حزب الله اليوم قادر على اتخاذ موقف من ملف سلاحه في ظل ما يجري مع النظام السوري؟ كل شيء اليوم قابل للتغيير في المنطقة وهذا يخلق صعوبة لكل أطراف الحوار في اتخاذ القرارات وتحديد مواقفهم من الملفات".
وعلمت "المستقبل" ان التوجه في "14 آذار" في حال أصرّ "حزب الله" وحلفاؤه على رفض الحديث في ملف السلاح هو أن ينسحب أقطاب الفريق الإستقلالي إلى أيّ قاعة أخرى في قصر بعبدا، تأكيداً منهم على تأييد مبادرة الرئيس سليمان لإحياء الحوار وإنجاحه من ناحية، ولضرورة البحث في الإستراتيجية الدفاعية دون سواها من الموضوعات من ناحية أخرى. وقد رسم هذا التوجّه خلال مأدبة الغداء التي أقامها الرئيس أمين الجميّل قبل يومين على شرف مجموعة من قيادات 14 آذار، كما كشف أحد المشاركين لـ"المستقبل".
في المقابل، ربط رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" جدوى انعقاد طاولة الحوار بما أسماه "تنفيس الاحتقان" وليس بالبحث الجدي في الاستراتيجية الدفاعية حيث قال إنّ "المطلوب ان تجتمع كل الأطراف حول طاولة الحوار لتنفيس الاحتقان وايجاد الأمل عند الناس في بناء الدولة التي ترعى مصالحهم"، واعتبر انه "لولا اننا العقلاء في هذا البلد لكان البلد قد استدرج الى الفتنة منذ زمن بعيد".
لكن الطريف ان رعد ربط تعذّر حل مشكلة سلاح حزب الله بأزمة الحكومة الحالية، أي التي شكلّها ويسيطر عليها الحزب، فاعتبر انه "في ظلّ هذا الحكم وفي مثل هكذا سلطة مملوءة بالتجاذبات والمعايير المتناقضة، يطلب من المقاومة أن تسلّم قرار الدفاع عن شعبنا وبلدنا لأولئك الذين تتضارب مصالحهم في كل شاردة وواردة"، وسأل كيف لـ"حكم لا يستطيع على مدى ثمانية أشهر أن يحرّك مشاريع انمائية بسبب التجاذبات القائمة"، أن يملك المسؤول فيه قراراً مستقلاً وإرادة للدفاع عن بلده في مواجهة العدو الإسرائيليّ"، وذهب الى انه "لو كان هؤلاء المسؤولون صادقين في توجههم لكان جيشنا اللبناني على أحسن حال منذ سنوات، في حين ان هذا الجيش لا يملك قدرة التمويل للوقود الذي يحرّك به آلياته من أجل فض اشتباك هنا أو هناك".
أيضاً، هاجم عضو كتلة "التحرير والتنمية" النائب علي بزي الحكومة التي تشارك كتلته فيها، واصفاً اياها بـ"مغارة علي بابا" وقال "ان من أبسط واجبات أي سلطة وحكومة تحترم نفسها ومواطنيها هو أن تقوم بتوفير أبسط الشؤون الرعائية، وفي مقدمها الكهرباء والمياه"، وأضاف "يكفينا تراجعاً وتواطئاً واستخفافاً بالناس"، مستنكراً كيف يكون هناك "عرض مغرٍ" على حد تعبيره من ايران للبنان لحل مشكلة الكهرباء "من دون ان يجد ذلك طريقاً لتبنّيه"، ومتوقعاً ان تكون الجلسة الحكومية المقبلة بعد غد الأربعاء "حاسمة للاجابة على أسئلة الناس وتحديداً في موضوع الكهرباء".
أيضاً، وفي سياق المزيد من التأشير على حال التجانس الحكوميّ، ردّ عضو "جبهة النضال الوطنيّ" النائب اكرم شهيب على كلام رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون أمس الأول، فاعتبره "انفصل منذ زمن بعيد عن الواقع ولا يزال، نتحدث بالسياسة فيردّ بالشخصي، وهو ملك في استعداء الجميع، يعيش في عالم آخر، الجميع على خطأ وهو وحده على صواب، الجميع مدان وهو وحده القديس".  

السابق
السفير: “الاستراتيجية الدفاعية” تختبر الحوار “حزب الله” و”المستقبل”: انتظار متبادل
التالي
الأنوار : المعارضة تهدد بوقف مشاركتها اذا لم يبحث موضوع السلاح