تحليل أميركي عن أزمة الخلافة في السعودية:التغيير اليوم، أو العاصفة غدا

يتنبأون، يتكهنون، يتوقعون:

نشر مركز الأبحاث الأميركي “معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى” قبل أيام مقالاً لسايمون هندرسون، طالب فيه الولايات المتحدة أن تُبلغ الأسرة السعودية بكل وضوح بأن نظامها الحالي للحوكمة مختل وأنه ينبغي منح الأمراء الأصغر سناً أدواراً أكبر.

هندرسون هو مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف النشرة “بعد الملك عبد الله: الخلافة في المملكة العربية السعودية.”
_________

نص المقال:

كانت وفاة ولي العهد السعودي الأمير نايف متوقعة على نطاق واسع منذ تعيينه في ذلك المنصب في تشرين الأول/أكتوبر الماضي عقب وفاة أخيه الأكبر سلطان، الذي كان الوريث السابق بشكل واضح. وقد وقع نايف ضحية لنوبة قلبية مفاجئة حيث كانت حالته الصحية السيئة معروفة منذ أشهر – إذ كان في جنيف لإجراء فحوصات طبية لدى وفاته، وقد عُولج في وقت سابق من هذا العام في كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية.

هذا وقد تم تعيين الأمير سلمان – الذي تولى حقيبة وزير الدفاع التي كان يشغلها الأمير سلطان – ليصبح ولي العهد المقبل كما هو متوقع. لكن من الخطأ النظر إلى هذا القرار على أنه انتقال سلس ومخطط بعناية، وإنما يُظهِر غياب البدائل وقراراً تم التوصل إليه بسرعة حول أي فرع من فروع العائلة سيكسب الأسبقية في تولي مقاليد العرش أو تُسلَّم إليه السلطة في الجيل التالي.

أبناء آخرون

وهناك تصور بأن سلمان (76 عاماً) ينتمي إلى حد ما إلى جيل مختلف عن الملك عبد الله (88 عاماً)، لكن كليهما صحته سيئة. فعبد الله ينحني بشكل مضاعف تقريباً أثناء سيره، كما أن سلمان يحمل عصا ولايزال متأثراً بسكتة دماغية. وعلى رغم أن هناك ستة عشر ابناً آخرين لمؤسس المملكة – عبد العزيز – والمعروف أيضاً باسم ابن سعود، إلا أن هناك عدداً قليلاً جداً منهم، إن وجد، يجمع بين الخبرات المناسبة والاحترام والنسب من ناحية الأم لكي يصبح ولياً للعهد في المستقبل.

من الصعب تصور ظهور مشكلة الخلافة في وقت أسوأ من هذا. فالمملكة العربية السعودية يبدو أنها مجمدة دبلوماسياً في ضوء الأحداث الإقليمية التي تتصدر العناوين. إذ تعصف بالعالم العربي اضطرابات ثورية (مصر) وأزمات دموية (سوريا). كما أن برنامج إيران النووي يشكل تهديداً عبر الخليج. ومما يزيد الطين بلة أن دولة قطر الصغيرة والمجاورة للمملكة والمثيرة للاضطرابات في كثير من الأحيان قد سعت أن يكون لها دوراً السياسات الخارجية الذي تلعب فيه الرياض دوراً رئيساً، وهي نجحت في ذلك.
تحدي نقل السلطة

إن التحدي الماثل أمام المملكة العربية السعودية يكمن في بدء نقل السلطة إلى الجيل التالي الفعلي: الأبناء وأبناء الأخوة – لعبد الله وسلمان – الذين هم أكثر تأهيلاً، وهم أمراء في الخمسينيات والستينيات من عمرهم ويتمتعون بالخبرة والقدرة معاً. وعلى الحذر الفطري لآل سعود، إلا أنه ينبغي عليهم إجراء تغييرات الآن بدلاً من انتظار ظهور أزمة متكاملة التكوين.

ون بين الطرق المستقبلية هي موافقة العائلة على ولي عهد منتظَر من الجيل التالي لتدريبه استعداداً لليوم (قريباً على الأرجح) الذي يصبح فيه سلمان هو الملك. وستكون الطريقة الأخرى هي هيكلة الحكومة بحيث يتولى الملك وولي العهد أدواراً أكثر رمزية، بما يتناسب مع قابلياتهما البدنية المحدودة وقدراتهما العقلية المتراجعة. وعلى رغم أنه سيكون من المبالغة تصور ظهور أي نوع من الديمقراطية الشعبية قريباً، إلا أنه ينبغي على الملك أن يتخلى عن لقب رئيس الوزراء ويترك شؤون صنع القرارات اليومية في أيدي أشخاص أصغر سناً.

إن دور واشنطن في هذا الإطار هو التشجيع على اتخاذ إجراء يُظهِر لأبناء العائلة المالكة أنه إذا لم يعد بوسعهم إعادة تشكيل مستقبلهم، فإن التغييرات السياسية التي تجتاح الشرق الأوسط قد تزيحهم من الطريق أيضاً. لقد تركزت المصالح الأميركية في المملكة العربية السعودية من الناحية التاريخية على ضمان الاستقرار والحفاظ على صادرات النفط الهائلة للمملكة – والأمر الأخير يمثل عاملاً جوهرياً لنجاح العقوبات الحالية على إيران. إلا أن هذا المنهج يجب أن يقترن بجهود ترمي إلى استغلال تخوّف الرياض من إيران واعتمادها المستمر على الضمانات الأمنية الأميركية. ومن شأن هذا التحوّل أن يثير الشكوك والمقاومة من قطاعات عريضة في مجتمع السياسة الخارجية الأميركي. لكن وفاة ولي العهد نايف – الذي كان يمكن أن يكون العقبة الرئيسية على الجانب السعودي – تمثل فرصة نادرة يجب عدم تفويتها.

http://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/view/saudi-succession-crisis-is-an-opportunity-for-change

السابق
قبلان: الفتنة خدمة مجانية لإسرائيل وهزيمة لمشروع المقاومة
التالي
الفتنة تُخرج الأسير من القمقم