تكتيك واحد واستراتيجية واحدة

يرى بعض المثقفين العرب أن نتائج الثورة التونسية تسير بخطوات سليمة وسلسة على عكس ما يحدث بعد الثورة المصرية من تخبط وفوضى وتعثر ساهم فيها كل من المجلس العسكري وحزب العدالة والحرية (الاخوان المسلمين)، ويعتقد البعض أن حزب النهضة التونسي (الاخوان المسلمين) أكثر استجابة لمتطلبات الدولة الديموقراطية المدنية.
لكن البيانين اللذين صدرا في الأسبوع الماضي في تونس، الأول بتوقيع المثقفين التونسيين والثاني بتوقيع مجموعة من أحزاب يسارية وديموقراطية تونسية، يبينان أن تكتيك واستراتيجية وعقلية الاخوان هي واحدة في كل مكان.
ويقول بيان المثقفين: «راهن العديد من التونسيين على قدرة حزب النهضة والحكومة المنبثقة منه على تبني مفهوم للديموقراطية مستوحى من الإسلام، لكن الواقع يظهر خلاف ذلك فلا نرى سوى إرادة غايتها الاستيلاء على جميع السلطات»، ويشير البيان كذلك إلى أن: «نية حزب النهضة تضمين الدستور فصلاً ينص على إنشاء مجلس أعلى للافتاء، تنوط به مهمة التثبت من تلاؤم القوانين مع الأحكام الدينية، ومجلس من هذا القبيل سيتحول إلى هيئة تعلو السلطتين التشريعية والقضائية وعلى المجلس الدستوري».
ويضيف أيضاً : «أن وزارة الداخلية قد منحت ترخيصاً لجمعية هدفها المعلن هو المحافظة على الأخلاق ما يخولها حق التدخل في الحياة الخاصة للمواطنين وإلغاء استقلاليتهم الذاتية..فالحكام الحاليون مصرون على نسف المبادئ التحررية التي بها تطورت تونس وأصبحت قادرة على انجاز الثورة التونسية».

ويمضي البيان قائلاً: «لقد سمح حزب النهضة بتنفيذ هجوم شامل على رموز الحداثة من مؤسسات وشخصيات… وتضاعفت الهجمات على المثقفين والفنانين والجامعيين، وترددت دعوات القتل في المساجد التي تحولت إلى فضاءات للفتنة والنشاط السياسي الديني»، ويتساءل البيان: «كيف نطمئن على مستقبل الديموقراطية حين نرى كيف تستخدم حكومة النهضة متحزبين غير أكفاء لشغل مناصب عليا… كما تتجلى الرغبة في الهيمنة على التركيبة المقترحة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات».
أما بيان الأحزاب السياسية فقد دان أعمال العنف وتهديد أمن المواطنين وحرياتهم وتخريب المنشآت العامة من مقرات أحزاب واتحادات نقابية بدعوى «الدفاع عن المقدسات الإسلامية»، ولا يستبعد البيان تحالف هذه المجموعات الإسلامية السلفية مع أطراف محسوبة على النظام البائد، حيث اتخذت هذه الهجمة الطابع المنظم والنية المبيتة، وطالب الموقعون بضرورة فصل الدين عن السياسة وعن التوظيف الحزبي وتحييد المؤسسات الدينية ودور العبادة ووقف تنامي نزعات التكفير والعنف بغلاف ديني.

إن هذين البيانين يؤكدان بوضوح إن أجندة الاخوان وأحزاب الإسلام السياسي هي أجندة واحدة، تبدأ بالتعهد باحترام الديموقراطية والدولة المدنية، ليتضح بعدها أن الهدف هو السيطرة على كل مقاليد السلطة دون وجود برامج سياسية إصلاحية أو تنموية، وإن إقامة الدولة الدينية أو دولة الخلافة هو هدف استراتيجي لم يتخلوا عنه قط، مستخدمين الوسائل البراغماتية من أجل الوصول للسلطة وتحقيق أجنداتهم الحقيقية، لكن الثورات العربية لم تنته بعد.  

السابق
مقرّبون من الأسد يخططون سرا للانشقاق عليه
التالي
انشقاق الحمادة سيرفع نسبة المنشقّين