إيران النووية والتقليدية

لم يتوقع أحد النجاح للمفاوضات بين الدول الست وإيران حول ملفها النووي في موسكو، على رغم «التقدم» الذي أعلنه وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مفاوضات بغداد. وما تحديد اجتماع لفنيين من الطرفين قريباً سوى مؤشر إضافي إلى فشل الجولتين في العراق وروسيا، فالخلاف بينهما ليس تقنياً، ليس على نسبة تخصيب اليورانيوم أو مكان تخصيبه. الخلاف في جوهره سياسي-استراتيجي على موقع إيران في الشرق الأوسط ودورها في إدارة أزماته، وطموحها في أن تلعب دور القوة العظمى الإقليمية. للمقارنة فقط، لم تثر القنبلة النووية الباكستانية، وقبلها الهندية، أي مشكلة مع الغرب، على رغم خطورتها في حوزة باكستان نظراً إلى عدم استقرار وضعها السياسي، ووجودها على حدود أفغانستان ذات التاريخ المعادي لأوروبا وأميركا. ولا ننسى، في المناسبة، امتلاك إسرائيل أسلحة نووية بمساعدة هذا الغرب ومباركته.
إيران النووية، على أهمية وخطورة ذلك، أو إيران ذات التسليح التقليدي تشكل «تهديداً» لمصالح الغرب في الشرق الأوسط. النظام وتوجهاته السياسية هو المشكلة بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها الذين يعتبرونها تحدياً لنفوذهم وسياساتهم القديمة المتجددة.
أكدت وزيرة الخارجية الأميركية، خلال لقائها قادة عسكريين في الحلف الأطلسي أن «العالم يواجه وضعاً غاية في الصعوبة في الوقت الراهن (…) نعرف أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيضعف استقرار المنطقة وأبعد منها. ولكن إيران النووية ليست الخطر الوحيد فهي تدعم وتصدر الإرهاب من تايلاند إلى المكسيك، وتتدخل باستمرار في الشؤون الداخلية لجيرانها». هنا هدف المفاوضات التي يرافقها تصعيد في العقوبات الاقتصادية وتلويح بالحل العسكري. وليس تحديد مواعيد جديدة للمفاوضات سوى كسب للوقت إلى أن تنضج الظروف لإبرام صفقة شاملة تتناول النووي وغير النووي. لكن ذلك لن يحصل الآن فالجميع في انتظار ما سيسفر عن الأحداث في سورية، ويعمل لإنضاج هذه الظروف لمصلحته، داعماً هذا الطرف أو ذاك.
إيران في حال سقوط النظام السوري غير إيران بوجوده. سقوطه يعني إضعافها وانحسار نفوذها في العراق ولبنان وفلسطين وكل المنطقة. وبقاؤه يعني تعزيز هذا النفوذ وتمدده. وعندها تختلف المفاوضات وتتغير نتائجها ووجهتها وأهدافها لتصبح مفاوضات على تقاسم النفوذ والأدوار.
المفاوضات حول النووي الإيراني ليست سوى الرمز (كود) للصراع الإستراتيجي على الشرق الأوسط.  

السابق
اي دور لقطر واميرها في الازمة السورية ؟
التالي
متى تصبح الفاكهة مُضرّة لك؟