فادي نصرالله

إلى هيئة الحوار الوطني،
إلى الحكومة اللبنانية،
وإلى كل نائب ووزير ووكيل،

النظام يقتل الشعب اللبناني مجاناً بسلاح أشد فتكاً من الحديد والنار الا وهو سلاح الكهرباء والماء، غالبية افراد الشعب اللبناني يرزحون تحت وطأة الازمات بلامبالاة من قبل المسؤولين.
لقد قرأت إحدى الرسائل التي كانت موجهة إلى رئيس الجمهورية عن طريق أحد الاصدقاء حول اشخاص من ذوي الاعاقة الحركية ومشكلة الكهرباء في لبنان وهذا نصها:
فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان

بعد التحية والسلام
شجعني على الكتابة إليكم رؤيتكم في استراليا وشعوركم النبيل اتجاه فتاة من أصل لبناني مريضة وتريد المساعدة فقدمتم بها إلى لبنان لتقديم العلاج لها.
أما موضوعي فيتعلق بالأشخاص من ذوي الاعاقة الحركية من المواطنين المقيمين في لبنان وانا منهم وكلنا مجتمعين لا نريد ان نموت بسعر الكهرباء.
لقد شاركت منذ أيام في ملتقى الشارقة حول الاعاقة والاعلام الاجتماعي كنت وحدي من لبنان وكانت الوفود العربية كبيرة وأوراق العمل مليئة بالاقتراحات والايجابيات التي يتلقاها ذوو الاعاقة على صعيد الاعلام الاجتماعي. أما أنا فقدمت ورقتي وقلبت الاجواء الايجابية إلى شيء من الدراما حتى كادوا لا يصدقوني بالرغم من اني حاولت قدر الامكان ان أبقى بالعموميات دون الدخول في التفصيلات المؤلمة وغير المنطقية التي لا يمكن لاحد ان يصدق بأننا نحن في لبنان متخلفين إلى هذه الدرجة، بالاضافة إلى خجلي وعدم تبيان ضعفي وضعف بلدي في هذا المجال، ولم استطع أن اخبرهم بأني لا أملك اشتراك انترنت في بيتي.
بعد الانتهاء من تقديم ورقتي قام احد المشاركين وهو كفيف البصر واستاذ كمبيوتر في جامعة سوهاج في مصر، وقدم مداخلته باتهامي بأننا نحن المعوقين في لبنان نجعل من ظروفنا شماعة نعلق عليها تقصيرنا، اضطررت حينها أن اتكلم عن نفسي، وأنني معوقة حركيا حصلت على دكتوراه في الفلسفة من لندن ولكن بقرض شخصي من البنك، وبعدها اشتريت سيارة ايضا بقرض شخصي من البنك، يبقى اكثر من نصف راتبي في البنك تسديداً لهذه الديون،هذا وأعيش مستقلة في بيت مستأجر في الطابق الثالث وعلي أن أصعد الدرج احياناً كل يوم بغضب لأن الكهرباء مقطوعة أغلب الاحيان، ويداي ما عادتا تتحملا الجهد الكبير بحمل جسمي على عكازات، ولا عادت الادوية تخفف الام الرقبة والكتفين ولا حتى العلاج الفيزيائي المدفوع سلفاً بأسعار لا يستطيع اي معوق دفعها،
كل ذلك ولا استطيع التقدم للتدريس في الجامعة اللبنانية لأنها لم تعترف بعد بالدراسة عن بعد بل وأكثر من هذا اقدمت منذ سنتين وأوقفت المتعاقدين فيها ممن يحملون دكتوراه من خارج لبنان الا بالحصول على إقامات داخل البلد الذي درسوا فيه.
ما أريد أن أنقله إلى فخامتكم هو أن بعد عودتي بيومين من الامارات وكنت كلي زخم وطاقة واريد ان اكتب وانشر حول الكثير من الموضوعات خاصة حول الاعاقة، وإذ بي ألتقي بأحد الاصدقاء ولديه ثلاثة ابناء معوقين اثنان منهم مقعدين وواحد يمشي على عكازين، والخبر هو أن الاخير اضطر لأكثر من مرة الصعود إلى منزله في الطابق السادس على الدرج، وفي المرة الاخيرة انفجرت احدى رئتيه من شدة الجهد والضغط على يدييه وكتفيه ادخل الى المستشفى واجري له عمليتان بعد وصوله حد الموت وأسمه "علي ماجد" يسكن في منظقة الشياح..
وهناك قصص كثيرة من هذا النوع ناهيكم عن ان جميع الدوائر الرسمية حتى وزارة الصحة لا مصاعد فيها
أخاف هنا أن اسرد المزيد في هذه الصفحة وتضيقوا فخامتكم ذرعاً بطول الرسالة
لذا وأخيراً أقول نحن الاشخاص من ذوي الاعاقة الحركية حياتنا غالية جداً والكثير من المحيطين بنا يحتاجون إلينا ولا نريد أن نموت هكذا بسعر رخيص ودون كرامة وقيمة
المشكلة الاعظم أن الحكومة سحبت الوعد حتى بإمكانية ايجاد حلول للكهرباء، لقد ولدنا وعشنا وسنموت ولا كهرباء في لبنان، المشكلة ليست آنية وتنتهي بل لا أمل من انتهائها، ويكفينا فقداناً لجميع أنواع الأمن اجتماعياً واقتصادياً وإنسانياً.
أرجو من فخامتكم قراءة هذه الرسالة، إذ ما هي الا صوت اردت ان اترجمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي معكم
وآمل إعلامي في حال إطلاعكم وقراءتها. كي تقر عيني فقط.
انتهى نص الرسالة ولكن لم أتمكن من معرفة إذا كان هناك رد على الرسالة من قبل فخامة الرئيس ام لا.

ما أضيفه أنا هنا كمعوق بصرياً قد لا احتاج إلى كهرباء لكي أنير منزلي لأنني كفيف البصر، ولكني أحتاج الكهرباء لكي ارفع المياه واستحم، وأشغل مكيف الهواء لكي أتقي حر الصيف، مثالاً على ذلك ما حصل معي ليلة البارحة، لقد استيقظت بعد عشر دقائق من نومي على صوتي أصرخ فوجدت نفسي جالساً مقطوع النفس من شدة الحر.
إلى الجميع دون استثناء لا يكفينا شعوركم بالألم، أما أن تقتلونا مرة واحدة، وإما فأذهبوا واستقيلوا الناس ما عادت تتحمل أخباركم ولا سياستكم، فأنتم لا تشعرون بانقطاع الكهرباء بالتأكيد لذلك أنتم فقط معذورون لأنكم لا تدرون.
والأفظع من كل ذلك هم الشباب الذين ينزلون إلى الشارع لإحراق الدواليب، هم أيضاً لا يدرون بأنهم يقتلون مرضاهم وأولادهم في تلوث أجواءهم، والمضحك انهم يشعلون الدواليب أمام منازلهم وفي أحيائهم الضيقة، كي لا يضيع الظلم هباءاً فيتلقونه من الجانبين، وهم بالحالتين مصابون عقلياً ونفسياً من جراء ما مرّ على هذا البلد.
يبدو أننا في بلد كما تكونوا يولى عليكم .
سأكتفي بهذا القدر
كفيف البصر الذي لم يتشرف يوماً برؤية وجوهكم ليعلم ان كنتم صادقين أم كاذبين
 

السابق
في الفظاظة الروسية
التالي
MP3 مقاوم للماء