صار السُنَّة لبنانيين لا تخافوهم!

التساؤلات الصعبة التي طَرحتُها في "الموقف" يوم أمس اثارت عدداً من اسئلة سياسيين وأصدقاء، ودفعت بعضهم الى تقديم توضيحات معينة كل منهم في الموضوع الذي يعتبر انه يخصّه. انطلاقاً من ذلك وجدت ان المصلحة الوطنية، ومعها مصلحة القارىء، التوسع في طرح التساؤلات الجوهرية التي تتناول فعلاً القضايا الخلافية بين اللبنانيين وانقساماتهم الطائفية والمذهبية، وذلك بغية دفعهم الى التبصر بكل ما يجري في بلادهم ومحيطها والى التدقيق، حذراً أو شكاً، في كل الاطروحات التي يسمعون. فالوضع خطير، والانزلاق في طريق الفتنة المذهبية قد يكون بدأ، والجهات الخارجية التي لها مصلحة في إشعال لبنان أو في تعميم النار السورية داخله تقف متأهبة، رغم تناقضها بل العداء المستحكم في ما بينها، للاستفادة من الساحة اللبنانية، ولاستعمال شعوب لبنان ادوات مرة جديدة بغية تحقيق كل منها مصالحه القريبة المدى والبعيدة المدى.

ما هي التساؤلات؟
1- قال لي امس مرجع سياسي مهم سابقاً وحالياً وربما مستقبلاً: صار السنَّةُ في لبنان لبنانيين. اي لن يقعوا في فخ الاستعانة بجهات خارجية كـ"الفلسطينيين اللبنانيين" مثلاً، أو كـ"السنَّة الجهاديين" الآتين من الخارج لنصرة ثوار سوريا من خلال لبنان، ولنصرة سنّة لبنان في مواجهة "حزب الله" وشعبه وايران التي تدعمهما. وما قاله صحيح. لكن صحيح ايضاً ان سنّة لبنان تأخروا في اشهار لبنانيتهم، علماً ان مسؤولية ذلك مشتركة بينهم وبين مسيحييه كلهم. ولا شيء يمنع، في ضوء الثورة السورية وتطوراتها وانغماس الاسلاميين اللبنانيين والعرب وربما غير العرب فيها وإن على نحو تدريجي، أن يصبح الاسلام السنّي أو الاسلاموية السنّية بديلاً من اللبنانية، وخصوصاً إذا نجح الإسلاميون في الإمساك بالشارع السنّي. وذلك ممكن في ظل سيل الدماء. ولا يلغي هذا الاحتمال قول الذين لا يزالون يمثّلون غالبية السنّة في لبنان ان الاسلاميين آلاف قليلة ولا يشكّلون خطراً. فالغالبية هذه تشعر بدورها بالخوف الذي يشعر به الاسلامويون. وهي ترفض العنف في الوقت نفسه. لكنها صامتة وتلتزم بيوتها وقت الشدة، في حين ان رافعي راية "الكفاح المسلح" أو "الجهاد" هم الذين يسيطرون في النهاية إذا طالت المعركة ويستقطبون الغالبية. واسألوا مسيحيي لبنان عن ذلك. فعام 1975 يوم اندلاع الحروب كانت شعبية حزب الكتائب غير كبيرة. ومع الوقت وبواسطة الخوف الذي اثاره المسلمون وحلفاؤهم الفلسطينيون في نفوسهم والتخويف الذي مارسه قادة الحزب صار معظم المسيحيين مؤيدين له. واستمر ذلك حتى اواخر ثمانينات القرن الماضي. فضلاً عن ان لا شيء يمنع وفي حال عودة التحالف القتالي الفلسطيني السنّي وإن ضد "عدّو" آخر تأثر "الإنتماء اللبناني" الوليد.

2- هل صار شيعة لبنان اليوم مثل مسيحييه عام 1975؟ اي هل صاروا قلقين من سقوط نظام في سوريا رعى نشأة "الحزب" الذي أسسته ايران لهم، و"الحركة" التي أسسها قبل ذلك الإمام المغيب موسى الصدر وحماهما وقت الشدة، ومدّهما بكل أسباب الدعم، وقلقين من وصول الغالبية السنّية السورية الى السلطة وبينها وبينهم بسبب النظام ما صنع الحدّاد؟ هل صاروا قلقين من عودة الشعور الاقلوي في المنطقة اليهم بعدما ظنوا وعلى مدى سنوات كثيرة، وبسبب حلف سوريا الاسد وايران الاسلامية، انهم واقليات اخرى صاروا موازنين عددياً للسنّة في قلب العالم العربي وأكثرية بواسطة السلاح والمال والنفوذ؟ وهل يلقون او بالأحرى يلقى زعيماهم منذ عقود وجماعاتهما المصير الذي لقيه المسيحيون وقادة حربهم، او المصير الذي قد يلقاه نظام الاسد في وقت قد لا يكون قريباً؟

3- في لبنان إجماع على ان دولته غائبة او انتهت. لكن مؤسساتها او هياكل مؤسساتها لا تزال قائمة. وهي وادوارها موضع خلاف بين اللبنانيين. فهل صحيح ان السنّة يعتبرون قوى الامن لهم وانها تتصرف على هذا الاساس؟ وهل صحيح ان الشيعة يعتبرون الجيش بما لهم من نفوذ في مفاصله المهمة لهم؟ وهل صحيح ان الشيعة يريدون الجيش على الحدود الشمالية مع سوريا لحماية ظهر نظامها من سنّة الشمال بل من اسلامييه واسلاموييه، وان السنّة يريدونه خارج شمالهم لأنهم يخوضون حرباً واحدة مع الثوار السوريين؟
ماذا عن الفلسطينيين اللبنانيين؟ وماذا عن السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل المنتشر في كل لبنان؟ وماذا عن دور سوريا الاسد واعدائها في المنطقة والعالم في لبنان اليوم؟  

السابق
النهار: المشاورات السرية لسليمان مع الـ17: إعلان بعبدا – 2 إطاراً للسلاح وإمرته
التالي
المواطن حسن درويش جثة بالقرب في صور