هكذا خطّطوا للنيل من السنيورة

حطّ رحال تهديد الاغتيال الجسدي أخيراً عند رئيس كتلة «المستقبل» الرئيس فؤاد السنيورة، الأمر الذي يُنذر بوجود نيّة حقيقية يراد من خلالها إفراغ الساحة السياسية اللبنانية من أحد أهمّ رجالاتها، وبالتالي إدخال لبنان في نفق فتنة سنّية – شيعيّة بعدما عجزت الحوادث المتنقلة بين الشمال وبيروت عن أداء غرضها.

بعد تعرّض رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لمحاولة اغتيال وما تبعها من محاولات لاستهداف رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي ورئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط وعضو كتلته أكرم شهيّب، كاد شبح الاغتيال أن يحطّ هذه المرّة عند الرئيس السنيورة لولا التحذير الدولي والمحلّي له بضرورة التنبّه لأنّ حياته باتت مهدّدة أكثر من أيّ وقت مضى.

مصادر مقرّبة من السنيورة توضح لـ"الجمهورية"، أنّ "التحذيرات الدولية وحتى المحلية، لم تأتِ خلال اليومين المنصرمين، إنّما تعود إلى فترة ثلاثة أشهر، وهو ما كان ليعلن عنها لولا التأكُّد من أنّ المعلومات صحيحة، لدرجة أنّ العملية وضعت موضع التنفيذ، وما كان ينقصها سوى وضع السيارة أو السيارات المفخّخة على الطرقات التي يسلكها السنيورة عادة".

وتؤكّد المصادر أنّ "هناك جهة متمرّسة في العمل الإجرامي تريد تغييب السنيورة عن المعادلة السياسية لسببين: الأوّل كونه خصماً عنيداً غير سهل، يجيد التعامل مع الأوضاع الطارئة بحرفنة ورويّة، وهو الأمر الذي يزعج أناساً كثُراً لدرجة أنّهم قرّروا إدراجه على لائحة التصفيات الجسدية، والثاني، هو خلق فتنة سنّية – شيعية في البلد نظراً إلى المكانة التي بات يحتلها السنيورة داخل طائفته، بحيث أصبح رمزاً للصمود والقوّة بالنسبة إليهم".

وتضيف المصادر نفسها: "لا شكّ أنّ السياسة التي اتّبعها الرئيس السنيورة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري اتّصفت بالحدّة وعدم التنازل عن الحقّ على رغم بلوغ الباطل أقصى علوّه في ذاك الوقت وحتى اليوم أيضاً، وهذه السياسة عطّلت الكثير من المشاريع التي كانت تنوي بعض الجهات الإقليمية والمحلّية تكريسها في لبنان وجعلها من الثوابت غير القابلة حتى للمناقشة، وعلى رأسها تحويل البلد قاعدة ثابتة خدمة لمصالح إقليمية لم تعد خافية على أحد".

وتوضح المصادر أنّ "المعلومات التي تلقّاها السنيورة تتضمّن تحذيرات من أنّ مخططات الاغتيال تستهدف لائحة من الشخصيات قد يبلغ عددها سبعة قادة لبنانيّين، بينهم اثنان فقط من الشمال".

وفي السياق نفسه، تكشف مصادر أمنية لـ"الجمهورية" أنّ "الجهة المخطّطة كانت تعمل على الشكل الآتي: إلهاء الناس، وفي طليعتهم السياسيّون، بالحوادث المتفرّقة في الشمال من أجل حرف الأنظار عمّا يجري الإعداد له، حيث إنّ سيارتين مفخّختين كانتا قيد التحضير لاستهداف السنيورة أثناء تنقّله على الطريق الممتد بين بيروت وصيدا، واليوم أصبح هناك معلومات كاملة عن إحدى السيّارتين ومواصفاتها والجهة التي كانت تنوي الدخول منها إلى مسرح التنفيذ".

وتفيد المعلومات الأمنية أنّ "الأشهر المقبلة ستكون الأكثر حرجاً، وهناك تخوّف كبير من استهداف عدد من السياسيّين، الأمر الذي ينذر بإشعال حرب طائفية سببها التعرّض لرموز هذه الطوائف من سياسيّين ورجال دين على حدّ سواء، ومن هنا يستوجب على الجميع أخذ أقصى درجات الحيطة وعدم التساهل في حياتهم التي باتت عرضة للنيل في أيّ وقت يسمح للمتربّص بالنيل منها".

وتضيف المصادر: "على ما يبدو أنّ الجهات التي تقف وراء محاولة اغتيال جعجع، مروراً بالمعلومات التي تحدّثت عن محاولات مماثلة للنيل من الرئيس برّي والنائب جنبلاط وشهيّب، هي نفسها التي أرادت استهداف الرئيس السنيورة، وما يجمع بين هذه المحاولات هو البصمات الواضحة من حيث طريقة الإعداد والمخطّطات التي كانت قيد التنفيذ. مع العلم أنّه لو استطاع هؤلاء النيل من الرئيس برّي لكانت الطامة الكبرى والضربة القاضية للدولة اللبنانية ككُل، لِما له من تمثيل داخل طائفته ولدى كافّة شرائح المجتمع اللبناني".

وفي الختام، تؤكّد المصادر أنّ "المجموعة التي كانت تراقب تحرّكات السنيورة يتراوح عدد أعضائها بين 12 و15 شخصاً منقسمين إلى 3 مجموعات، واحدة للمراقبة وثانية للتنفيذ وثالثة لإعطاء الأوامر النهائية. ويتواصل هؤلاء من خلال هواتف نقّالة لا تخضع للمراقبة الدوليّة ولا المحلّية".  

السابق
هل عادت المخيمات منطلقاً لتفجير الساحة اللبنانية؟
التالي
من هم الموقوفون الإسلاميون الـ14؟