انهيار بلا تعريف!

لا يختلف وضع "فلسطينيي لبنان" عن اي جهة لبنانية ان هم انزلقوا الى الربط القاتل باللحظة السورية وقدموا مخيماتهم وناسهم ورقة انتحار مجانية عبر مواجهات جديدة مع الجيش او مع اي فئة لبنانية. فمثل هذا الاختبار سرعان ما سيستحضر الخطيئة الاصلية المتصلة بكون الفلسطينيين فتيل اشعال الحرب الاهلية وحروب الخارج في لبنان، ويكفي ذلك وحده لردع الانتحار.
ومع ذلك لم تعد ظروف 1975 تنسحب كلاسيكيا على اللحظة الراهنة، بمعنى ان التعامل مع شبهة تحريك المخيمات، لو صح وجود الشبهة، سيكون اكثر من خاطئ ان اعتمد عنصرية ضد الفلسطينيين او ضد بعض فئاتهم. منطق العنصرية قد يكون مبررا في جوانب كثيرة لو كانت مقومات الدولة في لبنان ناجزة تماما، ولو لم تكن ثمة عنصرية مشابهة بين لبنانيين ولبنانيين. لكن واقع الحال انه على رغم السوء الكبير المحمول في شبهة المخيمات، فان الامر لا يزال قابلا لاحتواء اسرع واسهل مثلا من احتواء فوضى لبنانية شعبوية زاحفة في كل الاتجاهات تبدو معها المسماة دولة او حكومة كأنها سلمت لقوانين الشارع واودعت بقايا القانون والنظام متحف الذكريات.

لكان المجال يتسع للشماتة بفريق سياسي امسك بناصية السلطة والحكومة بظروف ملتبسة لو لم تكن رؤوس جميع اللبنانيين تحت رحمة الفوضى، ولو ان للمحاسبة الجادة في لبنان معنى وجدوى.
بيد ان الوضع الطالع ينذر بما يستوجب تجاوز اي ترف من هذا النوع الان خصوصا بعد السقوط المدوي لتجربة الفريق الاكثري "الحاكم"، وتركه لقول الكلمة الفصل والاداء الحاسم في انقاذ لبنان من الانهيار والفوضى.
اليس غريبا ان يحظى هذا الفريق بدعم دولي واقليمي منقطع النظير ثم يبدأ لبنان الانزلاق نحو الهاوية تحت رعايته وسلطته؟ يترك الجيش للارباكات المذهبية وافتعالات المخيمات بلا مظلة سياسية واقية. ويترك الشارع للانفعالات الشعبية عفوية او مبرمجة، فتصبح ظاهرة قطع الطرق عنوان لبنان المتسول بقايا عافية اقتصادية وسياحية هاربة. وتترك العتمة وكارثة الكهرباء فتنة اجتماعية جاهزة وناطقة بكل تراكمات الفساد والنهب العام وفضائح القصور والحرق المتواصل للخطط على الورق.

ولن نحشر انوفنا في ملف ارهابي تفوق معطياته الاستخبارية قدرة اللبنانيين على كشف حقائقه ما دام سيف الاغتيالات مسلطا فوق فريق بعينه كحرب الغاء ولا تعترف السلطة ولا "داتاتها" به حتى تسقط ضحية جديدة ربما اثباتا له.
ترى اي تعريف للوضع الطالع قد يتفق عليه المتحاورون في قصر بعبدا في هدأة جلستهم المقبلة؟ وان لم يعترفوا بان ما يجري هو الانهيار بعينه فأي "استراتيجية دفاعية" يرتجى من الحوار وعمن سيدافعون؟  

السابق
عمل تخريبي
التالي
الإخوان المسلمون يتجهون نحو شرعنة أنفسهم في لبنان !!