السفير: أزمة كهرباء أم أزمة دولة؟ في حين ان الجيش والمخيمات يقاومان الفتنة

بقي الهاجس الأمني طاغياً على ما عداه، تحت وطأة الأحداث "المريبة" التي حصلت في بعض المخيمات الفلسطينية ومحيطها، خصوصاً في نهر البارد وعين الحلوة والرشيدية، حيث كادت الامور تتطور الى مواجهات واسعة مع الجيش اللبناني، لو لم تنجح حكمة المؤسسة العسكرية وإيجابية الفصائل الفلسطينية في لجم الفتنة، من دون أن يعني ذلك أن الخطر قد زال كلياً، لاسيما أن المعطيات المتوافرة لدى المؤسسة العسكرية، ومراجع سياسية عليا، تشير الى أن ما جرى ليس عفوياً، بل يأتي في سياق مخطط مدروس، تقف خلفه جهات مشبوهة تريد الإيقاع بين المخيمات والجيش.
على خط مواز، بقيت أزمة الكهرباء تتفاعل في الشارع، من خلال قطع الطرق وإحراق الإطارات في مناطق عدة، بعدما خرجت عن سيطرة المؤسسات المعنية، بدءاً من مجلس الوزراء، مروراً بوزارة الطاقة، وصولاً الى مؤسسة الكهرباء، في تعبير فجّ عن عجز الدولة، من دون أن تظهر في الافق بوادر معالجة قريبة لجذور هذه الأزمة، مع صعوبة وصول بواخر إنتاج الطاقة في المدى المنظور، والافتقار الى أي بدائل واقعية، بحيث أصبح الحد الاقصى المتاح حالياً لا يتجاوز سقف.. تنظيم التقنين.

"قطوع" المخيمات

الى ذلك، يبدو واضحاً ان هناك من يحاول إغراق المخيمات ومحيطها في "عتمة الفتنة"، ما استدعى تكثيف الاتصالات واللقاءات بين الجيش اللبناني وممثلي الفصائل الفلسطينية للسيطرة على الموقف، الأمر الذي انعكس تراجعاً نسبياً في منسوب التوتر في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة، من دون ان تتوقف كلياً عمليات رشق مواقع الجيش بالحجارة، وإحراق الإطارات بالقرب منها، بالتزامن مع تشييع قتيلين أمس سقطا خلال الاحداث، وسط التزام العسكريين بضبط النفس.
وعلمنا ان مسؤول مخابرات الجيش في الجنوب العميد علي شحرور أجرى اتصالات مكثفة مع الفصائل الفلسطينية لتهدئة الاجواء، ولاسيما مع "عصبة الانصار" وقائد "الامن الوطني الفلسطيني" اللواء صبحي ابو عرب والشيخ جمال خطاب. كما ان الجهود التي بذلتها مديرية المخابرات والفصائل في الشمال أفضت الى إعادة فتح جميع مداخل مخيم نهر البارد، والاتفاق على تعزيز التعاون لمنع تكرار ما حصل.
وقالت مصادر عسكرية لـنا ان ما جرى خلال الأيام الماضية يندرج في إطار مؤامرة كبرى، كان يراد تنفيذها لتوريط الجيش في مواجهة مع المخيمات، ولكن تم إحباط هذه المؤامرة بفضل انضباط العسكريين، ووعي الجهات الفلسطينية المعنية.
وأوضحت المصادر العسكرية انه تم تجاوز "قطوع خطير" في مخيم عين الحلوة وجواره، بعدما حاولت بعض الجماعات الاسلامية المتطرفة تفجير الموقف في حي التعمير، من خلال الاعتداء على الجيش اللبناني، مشيرة الى ان "عصبة الأنصار" ساهمت في ضبط تلك الجماعات.
من ناحيتها، أكدت أوساط فلسطينية بارزة في مخيم عين الحلوة لـنا أن "طرفاً ثالثاً دخل على خط الإشكال، وهو من أطلق النار على الجيش والمخيم معاً، من أجل جرّ الطرفين الى المواجهة.

بري قلق

وفي سياق متصل، قال الرئيس نبيه بري لنا ان الاحداث التي شهدتها المخيمات الفلسطينية، وما رافقها من استهداف للجيش اللبناني، ليست بريئة، وهي تدعو الى القلق والتوجس، مبدياً خشيته من وجود مخطط لجر المخيمات الى فتنة عبثية، ولافتاً لانتباه الى ان وقائع الايام الماضية تتطابق مع المعلومات التي كانت قد وصلته منذ اسابيع، حول التحضير لافتعال صدام بين المخيمات ومحيطها.
وشدّد على ان الحوار الوطني المتجدد "يشكل فرصة إضافية امام لبنان لتجاوز الخطر الداهم، ونأمل في ألا يفرط بها هذه المرة، كما فعل مع الفرص السابقة". واعتبر ان طاولة الحوار ليست المكان المناسب لمناقشة التغيير الحكومي، مشيراً الى انها مختصة بالبحث في المسائل الوطنية الجوهرية، ومن بينها الاستراتيجية الدفاعية التي يجب ان تمتد من النفط الى المياه وما بينهما، ولا تعني بأي حال نزع سلاح المقاومة.

شربل: كل شيء وارد

من جهته، قال وزير الداخلية مروان شربل لنا ان كل شيء يمكن ان يحصل على الصعيد الأمني في لبنان، ما دام الوضع في سوريا متفجراً، وما دام الوفاق الداخلي مفقوداً، ولكنه أشار، في الوقت ذاته، الى ان القوى الامنية تبذل أقصى جهدها للحفاظ على قدر مقبول من الاستقرار.
واعتبر ان المطلوب هو "التصفيح السياسي" للوضع الامني، وهذا "ما يجب ان تفعله طاولة الحوار المدعوة الى معالجة نقاط الضعف في جسمنا الداخلي، حتى لا تستغلها أي جهة ترغب في إشاعة الفوضى داخل البلد". وأضاف: بصراحة، نحن نعمل أمنياً كل يوم بيومه، لانه من الصعب توقع ما قد يحدث غداً في ظل استمرار الازمة السورية وتداعياتها المذهبية. ولفت الانتباه الى ان "الوقت ليس ملائماً الآن للبحث في سلاح "حزب الله"، لأن "الاولوية يجب ان تكون حالياً للحفاظ على وجود البلد، وحمايته من خطر الانهيار، وبعد ذلك نناقش مصير سلاح الحزب وماذا نفعل به"، كما نبّه الى ان "رحيل الحكومة من دون اتفاق مسبق على البديل سيؤدي الى تفاقم التوتر". 
 

السابق
الاخبار: الكهرباء: حرائق الشارع لا تمسّ تفاهم الحلفاء
التالي
النهار: من هو الطابور الخامس الذي يشل الدولة؟