محمد مرسي والمجلس العسكري والسيناريوهات المحتملة لمصر

انتهى يوم الفرز الطويل في مصر امس على خلاف بين حملتي المرشحين في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية في مصر مرشح جماعة الإخوان محمد مرسي والمرشح المستقل رئيس الوزراء الأسبق الفريق أحمد شفيق، حول النتيجة رغم ان مرسي القى خطاب انتصار وتلقى تهاني من الداخل والخارج بـفوزه وبدأ مشاوراته لتشكيل مؤسسة الرئاسة تمهيدا لبداية ممارسة مهام منصبه، بعد إعلان النتيجة رسميا الخميس المقبل.

السيناريوهات المحتملة في حال اعلان النتيجة النهائية بفوز "مرسي":

في حال انتخاب مرسي يصبح باستطاعته بشكل معقول الادعاء بحصوله على تفويض شعبي، لكن ذلك التفويض لن يُترجم إلى أي سلطة فعلية: ففي ظل غياب الدستور تظل السلطة الرئاسية لمرسي غير محددة. وللحيلولة دون تحديه لاستقلال الجيش في شؤونه الداخلية، بما في ذلك المسائل المرتبطة بالميزانية، يرجح أن يواصل "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" المناورة لمنع صياغة دستور جديد. ومن بين الاحتمالات التي ظهرت على السطح أن "المجلس الأعلى" سوف يصدر إعلاناً دستورياً أحادي الجانب – والذي سيرفضه "الإخوان" وجميع الأحزاب الأخرى على الفور – مما يحتمل أن يؤدي إلى اندلاع احتجاجات جماهيرية. أو كأسلوب بديل عما سبق، قد يتخذ "المجلس الأعلى" خطوات لضمان حل لجنة الدستور الحالية التي اختارها البرلمان – الذي تم حله – يوم الثلاثاء، مما يفسح المجال أمام البرلمان القادم لتسمية لجنة جديدة.

وفي هذا السيناريو سوف تصبح الانتخابات التشريعية القادمة ميدان المعركة الرئيسي بين "الإخوان" و"المجلس الأعلى للقوات المسلحة". على سبيل المثال، قد يؤخِّر "المجلس الأعلى" التصويت أو يعمد إلى تزوير الانتخابات ضد مرشحي "الإخوان المسلمين"، كما أن "الجماعة" قد ترد على ذلك بتدشين مظاهرات حاشدة. وبدلاً من ذلك، قد تلجأ «الجماعة» إلى أساليبها المخادعة الخاصة، مثل توسيع شراء الأصوات على نطاق محدود وهو ما أوردته التقارير عن قيامها بذلك خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وعلى أي حال، سوف تستمر المواجهات لبعض الوقت.

                                            

تحديات للسياسة الأمريكية:

يجب أن يستعد صناع السياسة لاحتمالية استمرار عدم الاستقرار في مصر لبعض الوقت، مما يجعل القاهرة عاجزة عن مواصلة دورها التاريخي كشريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة.
وحتى إن لم تؤد نتيجة الانتخابات في 16 و 17 حزيران/ يونيو إلى إثارة اضطرابات فورية، فإن النزاع المطول بين "الإخوان" و"المجلس الأعلى" سيكون له عدد من التبعات السياسية على المدى القصير.

· أولاً، سوف تُعقِّد جهود التفاوض للحصول على قرض من "صندوق النقد الدولي" لمساعدة الاقتصاد المصري المترنح. ورغم أن "صندوق النقد الدولي" وصف محادثاته الأخيرة مع القاهرة بأنها "بنَّاءة"، إلا أنه أوقف إجراءات منح القرض بسبب مخاوف من الخلافات الاجتماعية والسياسية. كما أن "الجماعة" تعارض تلك القروض باستمرار إلى حين تولي حكومة شرعية منتخبة للسلطة.

· ثانياً، قد تؤدي التوترات الداخلية المطولة إلى تركيز الجيش بشكل مباشر على الساحة السياسية الداخلية بدلاً من النهوض بمسؤوليته الرئيسية المتمثلة في حفظ أمن مصر. والواقع أن الجيش على ما يبدو قد اعترف بهزيمته في سيناء: فعلى الرغم من موافقة إسرائيل على السماح بنشر ست كتائب مصرية لقتال الإرهابيين الذين يتسللون بأعداد متزايدة إلى شبه الجزيرة، إلا أن القاهرة لم تُرسل سوى كتيبتين، كما أن هجمات المسلحين على قوات الأمن المصرية آخذة في التزايد. وإذا استمر هذا الوضع في الخروج عن السيطرة فقد يثير أزمة كبرى بين إسرائيل ومصر.

· ثالثاً، قد تصبح المصالح الأمريكية بشكل متزايد مباراة كرة قدم سياسية بين جماعة "الإخوان" و"المجلس الأعلى للقوات المسلحة". وهذا ما حصل تحديداً في أزمة شباط/ فبراير- آذار/مارس بشأن منظمات المجتمع المدني المؤيدة للديمقراطية: فقد استخدمت الحكومة التي عينها "المجلس الأعلى" مقاضاتها لمنظمات المجتمع المدني لزيادة التأييد الداخلي لها، بينما انتقدت «الجماعة» بشدة "المجلس الأعلى" عند رفع الحظر على سفر موظفي منظمات المجتمع المدني الأمريكيين. وعلى نحو مماثل قد تصبح المصالح الأمنية الأمريكية مسائل حاسمة يستخدمها الطرفان ضد بعضهما البعض.

وللأسف، ليس أمام واشنطن الكثير الذي يمكنها القيام به لإنهاء الاشتباك السياسي في مصر. لكن يمكنها العمل مع حلفائها لاتخاذ تدابير تهدف إلى منع حدوث بعض التبعات الأكثر سوءاً على المدى القصير، مثل وضع حزمة مساعدات موثوقة لإنقاذ مصر من كارثة إذا أدى استمرار عدم الاستقرار السياسي إلى محنة اقتصادية. كما يمكنها استغلال اتصالاتها مع "المجلس الأعلى للقوات المسلحة" و جماعة "الإخوان" للتشجيع على التحلي بالهدوء أثناء اللحظات شديدة التوتر. والأهم من ذلك أنه يجب على صناع السياسة الاستعداد لاحتمالية استمرار عدم الاستقرار في مصر لبعض الوقت، مما يجعل القاهرة عاجزة عن مواصلة دورها التاريخي كشريك استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة.

السابق
قمة بوتين- أوباما: “رحيل مشرِّف” للأسد؟
التالي
طلاب من الجنوب يفوزون برحلة الى فرنسا