بعـد عاميـن فقـط

كارثة لمصر، لكنها مؤقتة وعابرة. هي جزء من آلام المخاض العسير الذي يمر به المجتمع المصري في رحلته الشاقة نحو الحرية والديموقراطية والدولة المدنية.
فوز المرشح الإسلامي محمد مرسي بالرئاسة هو في البدء تصويت ضد مرشح النظام السابق أحمد شفيق الذي كان دخوله المعركة استفزازاً، مثلما كانت حملته الانتخابية تحدياً، ينذر بالقضاء على الثورة المصرية وشطب جدول أعمالها.. ليس لأنه رجل قوي وجريء وصاحب خبرة في أمور الدولة والمؤسسات، بل لأنه غطاء وتمويه لا يمكن ان يوفره سوى ضابط سابق اشتهر بأنه عديم المعرفة والتجربة السياسية، فكان توليه رئاسة الوزراء في الايام الاخيرة من عهد الرئيس المخلوع مجرد صدفة، أملتها ظروف انقطاع بقية رجالات ذلك العهد عن التواصل مع القصر الرئاسي، كما كان توليه قبل ذلك وزارة الطيران المدني أشبه بتوسيع لوزارة السياحة.

كان ترشيحه واستمراره في المعركة تعويضاً عن فشل ترشيح اللواء عمر سليمان، وعن تعثر التفاهم مع المرشح عمرو موسى، على التصدي للإسلاميين والمدنيين. وقد وفر له المجلس العسكري جميع أسباب الفوز، فضلاً عن ان الكتلة الناخبة للنظام السابق، على اختلاف تلاوينها الانتهازية والليبرالية والسلفية، كانت جاهزة للتصويت ومنحه تفويضاً باستعادة المبادرة من الشارع وخليطه الغريب.
لم تكن خسارة شفيق فضيحة بالنسب والأرقام الأولية، ولعله من الضروري الاعتراف بأن كتلته الناخبة هي اكبر الكتل على الإطلاق، لأنها متجانسة نسبياً بالمقارنة مع الكتلة التي صوتت لمنافسه الإسلامي محمد مرسي، والتي جمعت جمهور الإخوان المسلمين مع جمهور المدنيين الراغبين بالانتقام من النظام السابق والتخلص من المجلس العسكري في صوت واحد.

وبهذا المعنى يمكن القول إنه فوز انفعالي لمرشح الإخوان الذي لا يعرف عنه الكثير حتى من قبل الإسلاميين أنفسهم الذين كانوا يفضلون خيرت الشاطر او طبعاً عبد المنعم ابو الفتوح، لكنهم شعروا ان الخيار صار معدوماً والفرصة سانحة للانقضاض على السلطة وتصفية حسابات قديمة.. وخوض تلك التجربة التي قد لا تتكرر.
لكنها كارثة فعلاً. ان يكون وجه مصر في مستهل القرن الحادي والعشرين إسلامياً، وأن يدخل المجتمع المصري، اعتباراً من اليوم، في جدال حول الشريعة والشورى وحقوق الأقليات وشؤون المرأة من سن الزواج الى الحضانة حتى الختان، الذي عاد الى الانتشار في الأرياف المصرية.. حتى ولو استغرق الأمر سنتين على أبعد تقدير، هي موعد الدعوة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، في ظل دستور جديد وبرلمان يقل فيه عدد اللحى التي قفزت على مقاعد التشريع على ظهر الثورة المصرية اللادينية.  

السابق
واجب العزاء
التالي
احذروا فتنة لبنانيّة فلسطينيّة