احذروا فتنة لبنانيّة فلسطينيّة

يمكن إطلاق مصطلح طبيب الملف الفلسطيني على رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فهو بدأ يحرص على إعطاء هذا الملف جزءاً كبيراً من اهتمامه اليومي. وليلة حصول الإشكال الأول نهاية الأسبوع الماضي بين الجيش اللبناني وعناصر داخل مخيم نهر البارد، جرى الترميز اليهم بأنهم أهالي المخيم، قضى بري حتى ساعة متأخرة من تلك الليلة يجري اتصالات بجهات مختلفة لمواكبة وإرشاد مساعي التهدئة ولملمة نتائج هذا الإشكال وعدم السماح بتفاعل ذيوله. اتصل بمسؤولين في فصائل فلسطينية، ووضع النائب وليد جنبلاط في أجواء هذه المواكبة، ونبّه حيث ينبغي، من مغبة ما يدبّر للفلسطينيين وللبنانيين على حدّ سواء. وينطلق بري في تحركاته هذه من اقتناع لديه بوجود مخطط لتوريط الفلسطينيين في حرب خاطئة فوق الساحة اللبنانية، وذلك انطلاقاً من خطة لتشديد التصعيد المرتبط بالأزمة السورية.

ويبدو أن هذه المعلومات نفسها متوافرة لدى النائب وليد جنبلاط أيضاً، الذي توجه انطلاقاً منها، خلال طاولة الحوار الوطني، بسؤال إلى فريق 14 آذار عن جدوى السكوت أو مسايرة هذه الحملة ضد الجيش، كما ظهرت تعقيباً على أحداث حصلت أخيراً في الشمال. وحذر جنبلاط من أن هذه الحملة تخدم مخطط تسعير النار المذهبية في لبنان وإعطائها فرصة لفرض أجندتها المدمرة في البلد.
وتقول مصادر مطّلعة إن مرجعاً سياسياً لبنانياً كبيراً كشف عن أنه تلقّى تحذيراً من رئيس عربي، يفيد بأنه يجب التحسّب لإمكان زج ديموغرافيا اللجوء الفلسطيني في لبنان في فتنة داخلية لنسف التهدئة وإلحاق الساحة اللبنانية باستتباعات ما يحصل على الساحة السورية، وشدد على أن لديه معلومات موثوقة في هذا الخصوص.

وكان المرجع المذكور، فور ورود هذه المعلومات إليه، بعث إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس برسالة عاجلة طلب منه فيها أن يرسل إليه موفداً شخصياً من قبله. وبالفعل وصل عزام الأحمد موفداً من عباس، حيث نقل اليه المرجع هواجسه من المعلومات المتوافرة، وطلب منه أن يبلغ «أبو مازن» بها، وأن يسهم من جهته في التصدي اللبناني ــ الفلسطيني المشترك لهذه الخطط.
من جهة أخرى، تكثفت المعلومات الواردة من بعض المخيمات الفلسطينية عن ازدياد حركة وفود عناصر سلفية من جنسيات مختلفة إليها، خصوصاً الى مخيم عين الحلوة ومخيمات أخرى في الشمال وبيروت. وتخشى المراجع اللبنانية من أن يكون لهذا الحراك علاقة بما يتسرب من معلومات عن أن لبنان سيكون مستهدفاً في المرحلة المنظورة بإشعال فتنة داخلية يجري توريط الفلسطينيين فيها. وبحسب المعلومات، فإن عناصر يشتبه في انتمائها الى تنظيم «القاعدة» وصلت حديثاً إلى حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة، حيث تخضع، يومياً، في إحدى مدارس هذا الحي لتدريبات عسكرية وندوات تثقيفية تحثّ على الجهاد ضد «العدو القريب»، وهي نظرية فقهية تحرض على القتال في الداخل.

وتنصح مراجع فلسطينية بضرورة أن يجري التنبه عند معالجة أي إشكال في المخيمات الفلسطينية، إلى وجود جهات تتربص لتوسيع دائرته وجعله حالة دائمة وأخذ تفاعلاته باتجاه يخدم تنفيذ مخططات لا يريدها الفلسطينيون ولا اللبنانيون. وتمتدح هذه المراجع المتابعة الهادئة من قبل الجيش اللبناني لهذا الملف، والتي وجدت تعبيرها في الصياغة المدروسة للبيان الذي صدر بعد اجتماع الفصائل الفلسطينية مع مديرية مخابرات الجيش اللبناني في وزارة الدفاع قبل أيام.
وكشفت مصادر فلسطينية أنه خلال اللقاءات التي عقدها أخيراً ممثلو الفصائل الفلسطينية مع الرئيس بري، طرحوا أمام الأخير مجموعة من النقاط المقلقة بالنسبة اليهم، ومنها معلومات متوافرة لديهم عن وجود خطط لإنضاج مسار يجري في إطاره، في نهاية المطاف، طرح مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان انطلاقاً من مقارنته بمستقبل مصير اللاجئين السوريين.

وتلفت مصادر قيادية في الفصائل الفلسطينية في لبنان إلى أنها سمعت في الآونة الأخيرة من مصادر عليا مسؤولة اقتراحاً مباشراً عليهم بأن يقبل اللاجئ الفلسطيني في لبنان بحمل جواز سفر السلطة الوطنية الفلسطينية. ويمثّل هذا الطرح من وجهة نظرهم مقاربة تعرض عليهم لقبول التوطين الفلسطيني في لبنان.
كذلك ترصد هذه المصادر أن مسيرات مسلحة في طرابلس حاولت أكثر من مرة أن تدخل مخيم البداوي لإظهار أن حراكها ضد النظام السوري متّحد مع البيئة الفلسطينية في لبنان.
وبحسب هذه المصادر، فإنها تخشى ألا تكون أحداث نهر البارد الحالية منقطعة الصلة بمؤشرات تقاطعت لدى أكثر من جهة عليا فلسطينية ولبنانية عن وجود مخطط مشبوه، لتوريط الفلسطينيين في لبنان في فتنة استتباع مع ما يحدث في سوريا، ليست بعيدة الصلة بمشروع أبعد أثراً هدفه التوطين.  

السابق
بعـد عاميـن فقـط
التالي
الاخبار: توافق بين السعودية وحزب الله على حماية لبنان