السفير: المصريون يختارون رئيسهم اليوم وسط حقل ألغام سياسية ودستورية!

تدخل مصر ابتداءً من اليوم في منعطف جديد مليء بالألغام السياسية، حيث سيصوّت المصريون، وعلى مدى يومين، لاختيار رئيس جديد للبلاد في جولة الإعادة الحاسمة من انتخابات الرئاسة، والتي تجري في ظل أزمة سياسية حادة، بعد قرار المحكمة الدستورية حل مجلس الشعب الذي يهيمن عليه التيار الإسلامي، وهو قرار أتى ليؤجج التوتر المتصاعد بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة وجماعة «الإخوان المسلمين»، ويضيف مزيداً من الغموض على المرحلة الانتقالية التي تمضي في مسار يبدو أشبه بالمتاهة.
وفي ظل التوتر القائم بين المجلس العسكري و«الإخوان المسلمين»، والذي يخشى ان يكون قد وصل خلال اليومين الماضيين إلى نقطة اللاعودة، بما ينذر بمواجهة مفتوحة بين الطرفين، يبدو أن المصريين سيعيشون مشهداً انتخابياً عبثياً، بعدما فرض عليهم الاختيار بين أحمد شفيق ومحمد مرسي، وهو اختيار بين الحفاظ على «مدنية» الدولة في مقابل إعادة إنتاج نظام حسني مبارك، وبين الحفاظ على ما تبقى من شعارات «ثورة 25 يناير» في مقابل المخاطرة بقيام «حكم المرشد».
ولعلّ هذا ما دفع بكثيرين إلى اتخاذ خيار ثالث، وهو الانضمام إلى حملة إبطال الأصوات، بهدف نزع الشرعية المعنوية عن الرئيس الجديد، وخصوصاً بعد رفض «الإخوان» مخارج عدّة اقترحتها القوى الثورية، ومن بينها تشكيل مجلس رئاسي مدني، سحب مرسي من الانتخابات الرئاسية وإسقاط شفيق في استفتاء شعبي في حال بقي المرشح الوحيد للرئاسة.
جولة الحسم الرئاسي
ويتوجه نحو 50 مليون ناخب في 27 محافظة مصرية اليوم وغداً إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس مصر، من بين مرشحين هما رئيس «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان» محمد مرسي، وآخر رئيس وزراء في عهد حسني مبارك الفريق أحمد شفيق.
وتأتي جولة الإعادة بين مرسي وشفيق في ضوء حصولهما على أكبر عدد من أصوات الناخبين في الجولة الأولى للانتخابات التي أجريت يومي 23 و24 أيار الماضي، والتي تنافس فيها 13 مرشحا، حيث حصل مرسي وشفيق على المركزين الأول والثاني بالترتيب من حيث أصوات الناخبين، من دون أن يتمكن أي منهما من الحصول على الغالبية المطلقة من الأصوات الصحيحة للناخبين (50 في المئة من الأصوات زائدا صوتا واحدا) لحسم السباق.
وحصل مرسي في الجولة الأولى على 5 ملايين و764 ألفا و952 صوتا (24.7 في المئة) فيما حصل شفيق على 5 ملايين و505 آلاف و327 صوتا (23.6 في المئة)، بينما وصل عدد من شاركوا من الناخبين بالإدلاء بأصواتهم في الجولة الأولى 23 مليونا و672 ألفا و36 ناخبا صوتاً، وبنسبة تصويت بلغت 46.6 في المئة.
ويراهن محمد مرسي على الكتلة الناخبة لجماعة «الإخوان» التي تعد الأكثر تنظيماً من بين القوى السياسية، بالإضافة إلى التيار السلفي ممثلاً بـ«حزب النور». كما يراهن على أصوات البعض من مؤيدي الثورة كمناصري المرشح السابق للانتخابات الرئاسية عبد المنعم أبو الفتوح. ويقدّم مرسي نفسه على أنه «مرشح الثورة».

أما شفيق فيراهن على كتلة انتخابية ثابتة تضم طبقة رجال الأعمال وشبكة المنتفعين من الحزب الوطني الديموقراطي المنحل، بالإضافة إلى الأقباط الخائفين من هيمنة التيار الديني، كما يرجح أن يصوّت لمصلحته ناخبو المرشح الخاسر عمرو موسى. ويقدم مرسي نفسه على أنه «مرشح الدولة المدنية» و«حامي الأمن والاستقرار».
الأزمة السياسية
وتأتي هذه الانتخابات، في وقت تشهد مصر فيه أزمة سياسية حادة، تبدو أقرب إلى «انقلاب»، بعدما فجرت المحكمة الدستورية العليا، أمس الأول، قنبلة مزدوجة من خلال قبولها الطعن المقدّم من قبل اللجنة العليا للانتخابات لإبطال قانون العزل السياسي، الذي كاد يحرم شفيق من البقاء في السباق الرئاسي، وقبولها الطعن بعدم دستورية قانون الانتخابات التشريعية، والذي أدى عملياً إلى حل مجلس الشعب الذي يهيمن عليه «الإخوان المسلمون» والسلفيون.
وانتشرت قوات الأمن المصرية، منذ فجر يوم أمس، حول مبنى مجلس الشعب المصري. وقال ضابط في الشرطة إنه لن يسمح لأحد بدخول مجلس الشعب من دون الحصول على إذن كتابي بمن في ذلك أعضاء البرلمان. وأغلقت جميع الشوارع الجانبية المؤدية إلى المبنى في القاهرة ووقف ضباط الأمن يدعمهم أفراد من الجيش على أهبة الاستعداد خلف الحواجز.
وذكرت وكالة «أونا» المصرية المستقلة، نقلاً عن مصادر عسكرية، إن محمد مرسى التقى عددا من أعضاء المجلس العسكري بعد قرار الدستورية العليا بحل البرلمان لمعرفة رد فعل «الإخوان» من قرارات المحكمة الدستورية وفي حال فوز شفيق في انتخابات الرئاسة. وبحسب المصادر فإن أحد أعضاء المجلس العسكري هدد مرسي بأن الجيش لن يسمح بالخروج عن شرعية الصندوق والخروج على قرار الناخبين، وأن انتخابات مجلس الشعب ستجرى بعد تعديل قانون الانتخابات لتفادي حل البرلمان.
ونقلت وسائل إعلام مصرية عن مصادر مطلعة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة عقد اجتماعاً طارئاً مع عدد من أعضاء المجلس الاستشاري وخبراء دستوريين وقانونيين، تمهيداً لإصدار إعلان دستوري جديد.
ونددت مجموعة من قوى ليبرالية ويسارية وعلمانية بالمجلس العسكري الحاكم في مصر الذي اعتبرته «قائد الثورة المضادة»، ودعت نواب مجلس الشعب الى العودة الى صفوف الثوار «لوقف سيناريو الانقلاب العسكري».

السابق
الاخوان والعنب المصري!
التالي
بهدوء