الاخوان والعنب المصري!

قرار المحكمة الدستورية حل البرلمان وتثبيت ترشيح الفريق احمد شفيق في انتخابات الرئاسة التي ستجرى اليوم، نزل مثل صاعقة على الوضع المصري وعلى الذين يتابعون مسار الانتقال السياسي الذي اعتورته سلسلة هائلة من الاخطاء ادت الى وضع البلاد بين خيارين احلاهما مر، كما يقول الكثيرون ممن احبطهم ان يقتصر التنافس على رئاسة مصر بين محمد مرسي مرشح الاخوان المسلمين واحمد شفيق المرشح الذي يمكن ان يستنسخ النظام السابق! ان الاجماع على ان صدور القرارين يمثل انقلاباً عسكرياً ناعماً بوسائل دستورية ليس مستغرباً، المستغرب هو مدى الدهاء السياسي العسكري الذي اختار اصدارهما اولاً عشية الانتخابات وثانياً بعدما وصل الامر بأعداد كبيرة من المصريين الى حال الانهاك، وقد عبر عنه احد المدونين امس بالقول: "شهدت مصر للتو انعم انقلاب عسكري… كنا سنعبر عن الغضب لو لم نكن منهكين الى هذا الحد".
ومن الواضح ان القرارين سيخلطان الاوراق ويعيدان الوضع الى المربع الاول وخصوصاً اذا انتهت الانتخابات بفوز احمد شفيق، الذي ذهب الى فظاظة التحدي عندما قال بعد صدور قرار المحكمة: "نحن عائدون شاء من شاء وابى من ابى" وكأنه بذلك يستنهض شبح حسني مبارك للانتقال من سجن طرة الى السلطة.

ان التأمل في مسار التطورات المصرية منذ نجاح الثورة يضعنا سريعاً امام صورتين متناقضتين، فمن جهة هناك مجلس عسكري يشكل دولة داخل الدولة ويتشبث بخيوط اللعبة التي يتقنها جيداً بعد تنحي مبارك، ومن جهة ثانية هناك مجموعة واسعة من الشرائح الشبابية والليبرالية والحزبية التي صنعت الثورة ثم اختلفت على تقاسم ادوارها وتوزيع مناصبها اذا صح التعبير.

في هذا السياق، ليس سراً ان "الاخوان المسلمين" ارادوا ان يأكلوا باليدين معاً، فنهشوا تفاحة الثورة من ايدي شباب "حركة ابريل" والقوى الليبرالية الاخرى بعدما اصيبوا بالطمع وقاموا بكثير من المناورات التي كان من نتيجتها انهم لم يتنبهوا لمطبات القانون الانتخابي النسبي المعقد، فخاضوا المعركة في القوائم النسبية التي خصص لها ثلثا المقاعد، وكذلك في المقاعد الفردية التي لها الثلث، ولهذا أبطلت النتائج على اساس ان "الاخوان" صوتوا مرتين… نعم انه انقلاب عسكري ناعم تم توقيته ليشكل ضربة اضافية لـ"الاخوان"، الذين سيطروا على مجلس الشعب وكانوا يتجهون الى السيطرة على رئاستي الجمهورية والحكومة، وهو ما زاد الحجج التي يستعملها خصومهم ومن بينهم المجلس العسكري طبعاً لتخويف المصريين منهم، وخصوصاً انه كان امامهم عشرات الفرص ليتحالفوا مع تيارات اخرى لكنهم ارادوا اكل العنقود المصري مرة واحدة لاحبة حبة".

تبقى كلمة: لا حاجة لأحد من المصريين الى كلام هيلاري كلينتون امس عن حرصها على الانتقال الديموقراطي في مصر، فالانقلاب ضمان استلحاقي للمصالح الاميركية!

السابق
النهار: عدوى التوترات تنتقل إلى نهر البارد وإجراءات حدودية تستبق جلسة 25 حزيران
التالي
السفير: المصريون يختارون رئيسهم اليوم وسط حقل ألغام سياسية ودستورية!