بدل ان تطردوا الروس اشتروهم!

 قرأت أمس في الزميلة «الشرق الأوسط» السعودية مقالاً للاستاذ طارق حميد عنوانه «لماذا يتزايد تمسّك الروس بالاسد؟» يذهب فيه الى أنه على موسكو إعادة النظر في موقفها خصوصاً بعدما خسرت العراق وليبيا، والآن سوريا. وأن التمسّك بالنظام ضد الشعب غير مجدٍ لأنّ النظام في أيامه الأخيرة، ناصحاً الروس بتدارك الأمور قبل أن «يطلعوا من المولد بلا حمص».

كما قرأت في العدد ذاته مقالاً للزميل عبدالرحمن الراشد بعنوان: «طرد الروس من جديد» وخلاصته أنّ طائرة خاصة أقلّت وفداً من رجال الأعمال الروس الى جدة حيث كان هناك موعد مع رجال أعمال سعوديين الذين اعتذروا عن عدم اللقاء تحت اقتناع من جهة، وضغط الشارع من جهة ثانية. وفي موقف مماثل اعتذرت غرفة تجارة الرياض عن عدم استقبال الوفد. ويقول الراشد إنّ حجم التبادل التجاري بين السعودية وروسيا هو ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار.

مع احترامنا وتقديرنا الكبير للاستاذين الزميلين اللذين نتابع مقالاتهما باستمرار فنستنير من معلوماتهما وآرائهما القيّمة. ولكن أود أن أصارحهما هذه المرة انطلاقاً من قاعدة صديقك من صدقك لا من صدّقك وأغتنمها مناسبة لأدلي برأيي في الموضوع الذي أثاراه:

أوّلاً- ننطلق من الرقم الذي ذكره الراشد حول التبادل التجاري بين البلدين ومقداره ثلاثة مليارات دولار ونصف المليار. فالزميل يعلم ونحن نعلم أنّه رقم هزيل جداً لا يمثل شيئاً لا بالنسبة الى السعودية ولا بالنسبة الى روسيا، خصوصاً من يعرف أنّ المدخول السنوي للسعودية فقط من النفط يبلغ 400 مليار دولار أميركي وهو يتجه الى الارتفاع.

ثانياً- صحيح أنّ روسيا لا تملك إلاّ حق الڤيتو في مجلس الأمن الدولي، وباتت تستخدمه كثيراً. ولكن لو افترضنا رفع رقم التبادل الثنائي الى 10 أو 20 أو 30 ملياراً فماذا يؤثر على السعودية وهي التي تشتري وتبيع من العالم كله. فإذا كانت المملكة تريد فعلاً أن تغيّر الموقف الروسي فبدلاً من أن تطردهم من جدة بالإمكان «شراؤهم»! لا سيما ان روسيا ليست جمعية خيرية تقدم خدماتها بلا أجر ولا منة، بل هي دولة لها مصالحها، وتعمل على تأمينها، خصوصاً ان الشرق الاوسط يعني لها الكثير وسوريا تحديداً تعتبر آخر موطىء قدم لها في المنطقة، وانطلاقاً من هذا يجب مخاطبة روسيا من زاوية المصالح، وهنا مكمن التحول في موقفها، وهذا ما نعنيه بعملية شرائها، لأن الدفع في هذا الاتجاه لا بد وأن ينعكس ايجاباً على قضية الشعب السوري.

ثالثاً- نعلم والجميع يعلم أنّ الأرقام الملحوظة بالموازنة السعودية لشراء الاسلحة من الولايات المتحدة الأميركية إن كان لوزارة الدفاع أو لوزارة الداخلية هي بمئات المليارات وليس بالعشرات، والجميع يتذكر هنا صفقة اليمامة التي هي بأرقام ضخمة.

أخيراً، عتبنا الكبير على المملكة العربية السعودية لأنها تمتلك هذا الوفر من المال ولا تقدم على «شراء» روسيا. وكنا نتمنى بدل انتقاد الموقف الروسي أن تشتري هذا الموقف. ومَن يرد أن يساعد الشعب السوري فأمامه العملية سهلة جداً ولا تكلف إلاّ حفنة من الدولارات.  

السابق
حركة عالمية من أجل التغيير
التالي
تقهقر أوباما انتخابيا