الأمن مُستباح والخطف مُتاح!

ما لبثت مفاعيل طاولة الحوار تنعكس إيجاباً، وتنفِّس الإحتقان الحاصل في النفوس، وتُشيع الأجواء المناسبة لاستقبال موسم الاصطياف المهدَّد بالدرجة الأولى، وتثبيت الإستقرار الهشّ أصلاً، حتى تسارعت وتيرة الأحداث الأمنية على الحدود مع سوريا، بعدما نجحت القوى السياسية في تهدئة الأجواء، ولو بشكل مؤقت، بين جبل محسن وباب التبانة، فكانت أن بدأت عمليات الخطف والخطف المُضاد بين الجيش النظامي السوري وسكان قرى الجوار، شمالاً وفي البقاع، في محاولة لإبقاء التوتّر سيّد الموقف والأرضية في جهوزية تامّة لإشعال فتيل الفتنة في أية لحظة.
تأتي هذه التطورات في إطار التشويش على لقاء الأقطاب حول طاولة الحوار، ومحاولاتهم الخجولة لرأب الصدع الداخلي والحفاظ على زمام الأمور، لتطرح علامات إستفهام كبيرة حول حقيقة دور الجيش في حفظ الأمن خاصة على الحدود، بعدما أجمع المتحاورون على دعمه وسائر القوى الأمنية للحفاظ على الإستقرار..

وإذا كانت سياسة النأي بالنفس عن الأزمة السورية التي تمسّكت بها الحكومة لإبعاد شبح الفتن وانتقال الأحداث إلى الداخل اللبناني، فإن هذه السياسة بالذات دفعت الجيش لينأى بنفسه عن مسؤولياته بحماية المواطن والحفاظ على أمنه ضد الاعتداءات المتكرّرة على السيادة اللبنانية وأمن قراها الحدودية، والتي تفتح الأبواب أمام المزيد من العنف وردود الفعل.
إن ضبط الحدود لمنع تهريب السلاح إلى سوريا يعني بشكل موازٍ وضع حدّ للخروقات السورية للأراضي اللبنانية والتعدّي على الآمنين في أرزاقهم وبيوتهم، حفاظاً على الاستقرار الداخلي والسلم الأهلي، خاصة أن الإنذارات بوجود نهاية الفتيل السوري مزروعة في لبنان وهو قابل للإشتعال مما كان لها انعكاسات بالغة الخطورة على الاستقرار الاقتصادي، مع تحذير الدول العربية لرعاياها من التوجّه إلى الوطن الصغير!

مع كل ما سبق ذكره، ألم يحن الوقت لبعض النضج السياسي في إنقاذ الوطن.. وماذا ننتظر لسحب السلاح من الشارع، وهو أداة الفتنة الأول، فاصلين قضيته عن سلاح المقاومة الذي يجب أن يبقى على خطوط التماس مع العدو الاسرائيلي، ولتكن سائر المدن والمناطق منزوعة السلاح، لا تأتمر إلا للدولة وقوّاتها الأمنية، رافعين الغطاء عن كل مخلٍّ بالأمن أو مندسّ يُحاول العبث بالسلم الأهلي والعيش المشترك؟
من حقّق خطوة الحوار الأولى بالجلوس على الطاولة واللقاء والنقاش الهادئ مع الشريك، ليس بالبعيد عن الخطوة الثانية وهي درء الفتنة بكل السبل الممكنة ولو كانت عبر بعض التنازلات، حتى تبقى القضية واحدة ورؤية مواجهة العدو الصهيوني واحدة.  

السابق
جرعة دعم عربية وأميركية لإعلان بعبدا المنادي بحياد لبنان
التالي
آكلي لحوم البشر.. في ازدياد