سوريا تتأرجح بين الحرب الاهلية والحسم العسكري

قول الرئيس السوري بشار الاسد في خطابه الاخير في مجلس الشعب ان الازمة في سوريا اقتربت من نهايتها وقول المتحدث باسم البيت الابيض ان واشنطن تحضر لمرحلة ما بعد نظام الاسد يدل على ان سوريا دخلت المرحلة النهائية ومتجهة الى حسم الازمة ان كان لصالح المعارضة او لصالح النظام.
فخطاب الرئيس السوري الاخير الذي عبّر عن تصنيفه الشعب السوري بين متآمر ووطني وبين ارهابي ومدافع عن كرامة "سوريا"، انما اي الخطاب اعلان حرب على كل من يخالف النظام ووضعه في خانة العملاء اي الذي يجب القضاء عليهم وبالتالي اعلان انتهاء مهمة مندوب الامم المتحدة كوفي أنان، التي ينص احدى بنودها على تنحي الرئيس وتسليمه السلطة سلميا.

وما شهدته جلسة مجلس الامن الاخيرة من كلام الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن ان الرئيس الاسد فقدّ شرعيته والتي سبقها عملية غربية امريكية_تركية دبلوماسية تمثلت بطرد السفراء والدبلوماسيين السوريين ومن ثم اعقبها بيان لجامعة الدول العربية بالطلب من نايل سات وعرب سات وقف بث الاذاعات السورية الرسمية وغير الرسمية دلالة على فشل خطة أنان الذي عبّر عن فشلها بنفسه خلال كلمته امام اللجنة العمومية لمجلس الامن.
فشل خطة أنان يعني انتهاء الفرصة الاخيرة بالنسبة الى النظام السوري حسب تعبير الدبلوماسية الغربية، وبالتالي فإن الدخول الى مرحلة الحسم العسكري باتت واردة بالنسبة لبعض الدول وخاصة الاوروبية منها، لاسيما بعد خطاب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الذي أكدّ استعداده للتدخل العسكري لحل الازمة السورية.

وليست قساوة وفظاعة مشاهد المجازر المتنقلة، والمجهولة هوية فاعلها، هي السبب في تبدل الموقف الغربي والاميركي الذي تمثل بتصعيد اللهجة والتلويح باللجوء الى القوة، بل هو الشعور المبني على تقارير استخباراتية تظهر الشعور بضعف النظام السوري في الوقت الحالي، والذي بات ينذر بسقوط مفاجئ للرئيس بشار الاسد، وذلك من شأنه ان يدخل سوريا في آتون الحرب الاهلية ومرحلة الفوضى العارمة، والتي ستؤثر بشكل تلقائي على المنطقة بأسرها لاسيما في لبنان.
وترك تصريح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ارتياحا في الازساط الاميركية بامكانية الوصول الى اتفاق مع روسيا، لاسيما وانها تحدثت عن امكانية تسوية النزاع في سوريا من دون شرط بقاء الرئيس الاسد.
قد يكون سيطرة الجيش السوري الحر على مناطق شاسعة وحيوية من الاراضي السورية وحصوله على اسلحة نوعية ومتطورة، مؤشر على ضعف النظام السوري وعدم قدرته على فرض سيطرته على كامل الاراضي، اضافة الى الخسائر الكبيرة التي يتكبدتها الجيش النظامي بشكل يومي منذ اكثر من سنة.

هذه العوامل جعلت الغرب امام خيارين اما ترك الازمة من دون تدخل والدخول في معركة استنزاف طويلة غير مضبوطة ستكبد الجميع خسائر فادحة واما التدخل لانهاء الازمة عسكريا وادارة المرحلة والحد من الخسائر عبر الاتيان بنظام تحت مظلة غربية عربية تركية والتدخل سيكون عبر وسيلتين اما عبر انقلاب داخلي في حال نجاح الاتصالات مع الروس وفرصه ضئيلة وفي حال فشل الخيار الاول سيكون التدخل العسكري من خارج مجلس الامن وفي كل الاحوال ستحسم الازمة السورية بسقوط النظام الذي يعيش منذ فترة على التنفس الاصطناعي.
  

السابق
من أسرار الحرب الآتية من الشمال
التالي
امين معلوف… الى الخالدين اليوم