عمل حربي اسمه.. حكومة

لا يملك اللبنانيون، لا في بداية المطاف ولا في نهايته، ترف التفرج على حكومة أبرز إنجازاتها يختصر بتكرار محطة كلامية سوداء مفادها، ان وجودها في ذاته، هو بديل من احترابهم!
وهذه الرواية منذ مطالعها وبداياتها، واحدة من أمرّ منتجات الفريق الممانع، وإن كانت حلقة من مسلسل طويل اسمه وهج السلاح، الذي هو بدوره جزء من مكتبة كبيرة كل منشوراتها تتعلق بالسلاح وكيفية توظيفه في خدمة مشاريع سياسية أكبر من لبنان وطاقاته وإمكاناته.

أصل تلك الرواية يجب أن يُردّ إلى أصحابه: إما أن نستند إلى السلاح ووهجه وحضوره ومعانيه وقمصانه السود، وندمّر إرادة الناخبين اللبنانيين ونسيطر على السلطة التنفيذية بالإنقلاب بعد الفشل في ذلك من خلال الانتخاب، وإما الفتنة والحرب و7 أيار آخر! يعني صاحب الإنقلاب هو ذاته صاحب التهديد بالحرب، وفي الوقت نفسه، هو ذاته من يتهم الآخرين في 14 آذار بالإجمال و"تيار المستقبل" بالخصوص، بأمراضه التي فيه، أي بالعمل على عسكرة الاجتماع اللبناني بكل مراتبه وطوائفه ومذاهبه ومناطقه، وبالعمل الدؤوب والمنهجي والمنظّم على إطلاق اتهامات التخوين والارتباطات الخارجية، وبالتالي إثارة النفوس أكثر مما هي مُثارة، وشحن الغرائز أكثر مما هي مشحونة وإدخال كل ذلك في سياق نظرية عامة تقول: إمّا أن نحكم وإمّا أن لا ندع غيرنا يحكم. وإمّا أن نسيطر على الدولة ومؤسساتها وإمّا لا دولة ولا مؤسسات ولا من يحزنون.

قصّة هذه الحكومة تندرج تحت تلك العناوين، وبدلاً من أن يخجل أصحابها وطربوشها بذلك الارتكاب يفعلون العكس ويمنّون على اللبنانيين في كل يوم وكل ساعة، بأنهم سيطروا على الحكومة لمنع أنفسهم من استخدام السلاح! ولمنع أنفسهم من إعادة إنتاج الحرب الأهلية التي بشّر النائب محمد رعد أن ويلاتها هذه المرّة ستكون أفظع من السابق!
هناك الكثير من الخشب في لغة الأدب السياسي اللبناني، والكثير من الكلس في أفواه قائليه، والأكثر منه من فقدان ما يُسمّى الحسّ الجماعي الذي يتلقّف حالة الناس ولا يخرج عن إطارها ولا عن احترامها… منذ سنوات وسنوات وأهل السلاح يمعنون في إذلال اللبنانيين من خلال تذكيرهم بمآسيهم وباحتمالات تكرارها، بعد أن كرروا بالفعل بعض صورها الميدانية، وبعد أن أخرجوا كل أفاعي الفتن من أوكارها في السياسة والإعلام والخطاب!

أهل السلاح صنوهم حكومة لا تفعل شيئاً سوى تذكيرهم بأنها هي في أساسها عمل حربي وإن كان بارداً، ودلالة إلى كيد واستفزاز ونفي وإلغاء وانقلاب. أما الباقي، فهو لغو يندرج في إطار أجندة لم يصدّق أصحابها بعد أن الدنيا تتغيّر، لكن ليس في اتجاههم بل بعكسه تماماً!

  

السابق
النوم مع الحبيب..
التالي
إسرائيل تحتفل بذكرى حربيها اللبنانيتين في حزيران