حزب الله و”المستقبل”: “قعدوا عاقلين”

هل اتهامات حزب الله لتيار 14 آذار/مارس (بزعامة "المستقبل") بـ "تحويل مناطق من لبنان معبراً ومنطلقاً لعمليات المسلحين السوريين" (راجع النصوص أدناه*)، دقيقة؟
أجل. وإلى حد بعيد أيضا. إذ مع أن تيار "المستقبل" يُشدد دوماً على أنه وباقي حلفائه يقدمون مساعدات إنسانية للاجئين والجرحى السوريين، إلا أن حليفته الإقليمية الرئيس (المملكة العربية السعودية) تفخر علناً بأنها توفّر المال والسلاح وكل أشكال الدعم للمعارضة المسلحة السورية. وبالطبع، حين يكون "رأس النبع" على هذا الحال، لايتوقع من الجدول أن يشذ عن هذا المنوال.
لكن، إذا كان حزب الله على حق، فهل هو أيضاً بريء من هذه التهم نفسها؟
في خطابه السياسي، لم يتوقف الحزب منذ اندلاع انتفاضة الريف السوري الراهنة (وربما قريباً معها انتفاضات المدن) عن الجهر بمساندته التامة للسلطة السورية. وحين يكون الدعم السياسي على هذا النحو المطلق، هل يكون من المستغرب بعد ذلك أن تتمدد هذه المساندة إلى المجالات الأمنية والعسكرية واللوجستية، إن لم يكن بدافع من تعاطف ذاتي حماي مع النظام السوري "العلماني والقومي العربي"، فعلى الأقل لأن "رأس نبع" حزب الله (أي إيران) قررت القتال حتى الرمق الاخير للحفاظ على امتدادها الامبراطوري في سواحل البحر المتوسط، لأول مرة منذ اجتياح قورش العظيم للشرق الأوسط القديم.
وهكذا، إذا ما كان تيار المستقبل قد حوّل شمال لبنان إلى "مقر وممر" للمعارضة السورية، فحزب الله حوّل لبنان كله، بحكومته وبعض مؤسساته الأمنية وبقاعه إلى "مقر وممر" للنظام السوري.
هذا أمر يجب أن يعترف به الطرفان، كي لايكون حوار بعبدا، وماقد تليه من حوارات أخرى (قبل صليل السيوف كما نأمل) مجرد نقاش بين طرشان يدّعون العمى.
لماذا مثل هذا الاعتراف المتبادل، وما فائدته؟
لأنه، من ناحية، يوقف سيل التقاذف بالاتهامات والادانات والتباري في توزيع صكوك البراءة على الذات، ومن ناحية أخرى لأنه يساعد على وضع الأمور في نطاق البحث عن حلول.
فإذا ما كان صحيحاً أن حزب الله والمستقبل لايريدان إشعال الحرب الأهلية المذهبية (ونعتقد أنه صحيح)، فعليهما أن يجلسا إلى "المائدة السورية" كضيوف لا كمادة طعام إقليمية، ليناقشوا بهدوء واتزان وروح المصالح العليا في كيفية منع "العواطف المشبوبة" مع أو ضد النظام والمعارضة السوريين، من التحوّل إلى كارثة أهلية لبنانية، تماماً كما كان يحدث طيلة حقبة ما بعد استقلال لبنان حين كانت السياسات الخارجية سبباً لاندلاع الحروب الداخلية.
حزب الله والمستقبل: "قعدوا عاقلين"، رجاء!

«حزب الله» يهاجم منتقدي دعوة نصرالله للحوار ويتهم «14 آذار» بتحويل لبنان ممراً للمسلحين
السابق
حوار من فوق؟
التالي
زهرمان: اما أن يكون الحوار مجديا أو لا حوار