خطة موسكو.. مراوحة في الدم؟!

فشلت محادثات فريديرك هوف مع المسؤولين الروس ولن يكون في وسع الديبلوماسية السرية التي نشطت اخيراً بين واشنطن وموسكو، ان توفر تصوراً يمكن ان يشكل أساساً لبدء تفاهم حول الازمة السورية بين باراك أوباما وفلاديمير بوتين اللذين سيلتقيان الاسبوع المقبل في "لوس كامبوس" بالمكسيك على هامش قمة العشرين.
في انتظار توافر نقاط مشتركة بين الجانبين حول هذه المأساة الدموية، يبقى الواقع كما وصفه مسؤول روسي كبير عندما قال لموقع "بلومبرغ": "ما دامت اميركا وروسيا لا تستطيعان الاتفاق على معالجة مشتركة للوضع فان الطريق سيبقى مسدوداً". هذا الكلام لا ينطوي على اي مبالغة!

اذاً ليس امام السوريين، نظاماً وشعباً، إلا المراوحة في الدم والمجازر المتنقلة، التي ترسم الآن افقاً تصاعدياً بعد مرور 15 شهراً على الأزمة تستنسخ فصول المأساة البوسنية وقد تستمر اكثر مما يتصور الكثيرون، وخصوصاً بعدما احكمت موسكو اقفال مجلس الأمن ليس بـ"الفيتو" وحده بل بدعوتها أخيراً الى مؤتمر دولي حول سوريا يعقد في موسكو او جنيف وتحضره كل الدول المحيطة بما في ذلك إيران، رغم معرفتها المسبقة ان الحضور الايراني سيكون مرفوضاً، فهي ليست من الدول المحيطة، ثم انها تقاتل الى جانب النظام كما تقول المعارضة.

تتألف الخطة الروسية للمؤتمر الدولي من ست نقاط تماماً مثل خطة كوفي أنان السداسية، لكن المضحك المبكي فيها انها تشكل ضمناً وصفة لشراء وقت مفتوح على مداه للنظام، كي يمضي في الحل العسكري الذي ثبت فشله منذ ما يزيد عن عام. ومن خلال قراءة لما نشر عن مضمون الخطة وخصوصاً البند الخامس منها، يمكن القول ان موسكو تناقض نفسها في شكل فاضح عندما تقول حرفياً: "ينبغي ان يقوي المؤتمر المقترح قدرات اللاعبين الخارجيين من أجل تسوية الازمة السورية، وفي حال النجاح تعقد اجتماعات المؤتمر من أجل التفاوض حول الأوجه المختلفة للتسوية بسبل ملموسة أكثر، ومن الممكن ان تنضم الى المؤتمر الاطراف السورية…"!

هذه الوصفة متاهة حقيقية تأتي في وقت تتزايد المذابح والاخطار التي قد تطوف الى خارج سوريا. والمثير فيها انها تنسف كل ما سبق ان كررته موسكو التي دعت دائماً الى ترك السوريين يقررون ما يريدون.
واذا تذكرنا مدى الخلافات في وجهات النظر ومواقف الدول التي تقترح روسيا مشاركتها في المؤتمر، يمكن القول ان في وسع السوريين ان يتفاهموا على الحل في سوريا قبل ان يتفاهم الآخرون على سوريا، والدليل ان لافروف نفسه وصل الى حد الحديث عن "حرب عالمية ثالثة" قد يسببها التدخل الخارجي في هذا البلد.  

السابق
في معراب.. يوم عادي لجعجع
التالي
معدّات إيطالية إلى الصليب الأحمر في صور