حوار الحرب الدائمة والدولة الموقتة ؟

هيئة الحوار الوطني فاجأت نفسها واللبنانيين بما كان يصعب تخيله قبل يوم واحد، وما تدور الأسئلة حوله في اليوم التالي. شيء يفوق التمنيات ولم يكن بين التوقعات المتواضعة في زحام الوقائع المقلقة: قفزة كبيرة، ولو على الورق، من واقع العجز السياسي الى التزام واحد بصنع معجزة وطنية. ففي جلسة واحدة، بعد طول غياب، قرر المتحاورون في القصر الجمهوري المتساجلون خارجه والمختلفون عى كل شيء تقريباً الاتفاق على كل ما لم يكن على جدول الأعمال ببنوده الثلاثة الباقية عي الطاولة منذ العام 2006. وخلافاً للعادة في البيانات السابقة الموجزة، فإن البيان الذي سمي اعلان بعبدا جاء في 17 فقرة مهمة بدفع من الرئيس ميشال سليمان الذي أدرك حاجة اللبنانيين الى صدمة ايجابية تخرجهم من اليأس.

ومن الآن الى الجلسة المقبلة في 25 حزيران، فإن الامتحان الأول هو تطمين الناس الى أن ما قرأوه ليس من النوع الذي يصح فيه المثل الفرنسي القائل أجمل من أن يكون حقيقة. فليس أهم من أن يأخذ اعلان بعبدا طريقه الى الجامعة العربية والأمم المتحدة سوى أن ينتقل من الورق الى الأرض. إذ هو ينص على ما يعيد للمؤسسات حيويتها، وما يخرجنا من مناخ الشحن الطائفي والمذهبي واستيراد الصراعات الإقليمية والدولية للدخول في الممر السياسي الطبيعي الى الحوار.
والسؤال البسيط هو: أليس أركان الحوار هم الذين أوصلونا اي هذا الوضع الخطير بانقساماتهم رحساباتهم والرهانات على ما هو خارج أيديهم؟ وهل المطلوب من الناس الوعي ومن قادة الفكر والرأي الابتعاد عن حدّة الخطاب السياسي والاعلامي أم من أمراء الطوائف والمذاهب المندفعين في السجالات وسياسة المحاور الاقليمية والدولية؟

والمسألة في النهاية هي: من ضمن أي منظور يدور البحث في السلاح؟ هل من كوننا في حرب دائمة، وبالتالي فان السلاح ثابت وانتشاره في كل مكان واقع يصعب تخطيه؟ هل من خصخصة الدفاع عن لبنان الذي هو موزاييك طوائف أم من الطابع الوطني للدفاع؟ هل من كوننا في دولة غائبة أم في مشروع دولة حان الوقت لبنائه قبل ان يكمل نظام المحاصصة الطائفية والمشاركة الاقليمية والدولية على مفهوم الدولة؟ وماذا عن السلم الأهلي؟ أليست الأولوية له؟ أليس هو الشرط المهمّ لمواجهة الأخطار وتوظيف الفرص؟

كل مشروع، خارج نهوض لبناني وسط نهوض عربي، هو بوليصة ضمان للحرب الدائمة، لا للدولة القوية العادلة.  

السابق
زهرا: نبقي على علاقتنا الجيّدة مع سليمان
التالي
مسلسل الحوار بدأ