النهار: طاولة بعبدا تفتقد اليوم غسان تويني سليمان: هو الذي سماها هيئة الحوار

حدث أمني وموقف سياسي طبعا عشية انعقاد طاولة الحوار اليوم في قصر بعبدا، في حضور 17 من القادة السياسيين بدل 19 في غياب الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع. وفي غياب بارز لمن سماها "هيئة الحوار" غسان تويني الذي يفتقد في زمن الصخب، وفي الحاجة المتزايدة الى عقلنة الخطاب السياسي.
الحدث الأمني يزداد خطورة وقد تمثل أمس في أعمال خطف متبادلة على خلفية سياسية مذهبية بين أهالي وادي خالد وبلدة المسعودية في سهل عكار وانتشار مسلح وإقامة حواجز، والمحصلة تسعة مخطوفين لبنانيين وسوريين. يضاف إليهم مخطوف شيعي هو الرقم 12 في سوريا، وهو الشاب حسن سبليني من بلدة السكسكية الذي يطالب خاطفوه بفدية مالية.
والى الخطف، توتر صار شبه يومي في محور باب التبانة – جبل محسن، مع سقوط قذيفة اينرغا ليلاً عند طلعة الشمال، وقنبلة يدوية في بعل الدراويش.
أما الموقف السياسي، فللنائب محمد رعد الذي قال إن "حزب الله" منفتح على النقاش "فإن كانت تسوية الطائف لا تزال صالحة لاقامة دولة قوية لا ضير في ذلك، وإذا كان ينقصها بعض التعديلات بتوافق الجميع فلم لا؟".
ويأتي موقف رعد رداً على ورقة قوى 14 آذار التي استبقت اجتماع الهيئة اليوم، وفيها تأكيد لمرجعية اتفاق الطائف. والفكرة دأب "حزب الله" على طرحها أخيراً في محاولة لربط موضوع سلاحه بتعديل اتفاق الطائف والذهاب الى مثالثة في الحكم بدل المناصفة القائمة حالياً بين المسيحيين والمسلمين.
ويضاف الى موقف رعد قوله "أن كل من يريد النقاش بقضية سلاح المقاومة يخدم أجندة خارجية".

الحوار
وتعود الطاولة البيضوية الى القصر الجمهوري، بعد أكثر من سنة وسبعة أشهر، وقد جهّزت أمس لتستقبل أعضاء الهيئة.
وقالت مصادر مواكبة للتحضيرات لـ"النهار" إن رئيس الجمهورية أخذ علماً بمذكرة قوى 14 آذار، لكن مضمونها قد يطرح في مداخلة الرئيس فؤاد السنيورة، ولن تجد طريقها الى جدول الأعمال لأن أي بند يضاف الى هذا الجدول يحتاج الى إجماع من هيئة الحوار. وعلم أن رئيس الجمهورية، في كلمته الى الطاولة، سيطالب بقرار جريء لمعالجة مشكلة السلاح المنتشر داخل المدن وخارجها وبوجوب تأمين الغطاء لخطط الجيش وقوى الأمن. وهو سيتحدث في كل المواضيع التي أوردها في نص الدعوة التي وجهها الى أعضاء الهيئة، أي انه لن يغفل سلاح المقاومة والسلاح الفلسطيني، المفتوحين على النقاش.
وعلم من المصادر أن مصير الحكومة ليس مطروحاً لأنه ليس بنداً مدرجاً. وقوى 14 آذار التي تطالب برحيل الحكومة وتاليف حكومة إنقاذ حيادية، تدرك أن هذا الحوار سيعوّمها، وفق اقتناع حزب "القوات اللبنانية" الذي اعتبر أن حلفاء قد ذهبوا الى الحوار محرجين، مع علمهم المسبق بعدم جدواه.
كذلك علم ايضاً أن رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي أعدّ كلمة سيتعهّد فيها التزام حكومته تنفيذ كل القرارات التي يجمع عليها المتحاورون، كما سيشرح أهمية سياسة النأي بالنفس التي تعتمدها حكومته، وسيؤكد مشروع الدولة واتفاق الطائف.

جعجع
ورأى رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع أن "الحوار الوطني غير مجدٍ في هذه الظروف إذ أن الفريق الآخر استدعانا الى الحوار بعدما انفرط الوضع بين يديه، ولكي نكون شركاء في تحمّل المسؤولية، لكن الحل لا يكون إلا بتشكيل حكومة تكنوقراط". وشدد على ان "الدفاع عن لبنان مهمة كل اللبنانيين وليس حصراً بأحد، فلسنا نحن من يجب أن ينضم الى مقاومة "حزب الله"، وإنما هو من يجب عليه الانضمام الى الدولة لأن الوعاء الصغير يوضع في الكبير وليس العكس".
وعن دعوة الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى مؤتمر تأسيسي، رأى جعجع انه "تتم الدعوة الى مؤتمر تأسيسي عندما لا يكون هناك دولة أو دستور، فنحن لدينا دولة ودستور إلا أنهما غير موجوجين في ذهن "حزب الله"، لهذا الأمر فان الدعوة الى هذا المؤتمر أمر خطير جداً".

بري
أما رئيس مجلس النواب نبيه بري، فينتظر التئام طاولة الحوار وقال لـ"النهار" إن مجرد انعقاد الحوار ولقاء الافرقاء الى طاولة واحدة أمر يدخل الارتياح الى قلوب اللبنانيين".
وسئل عما سيقوله في الجلسة، فأجاب: "سأستمع الى ما يطرح وثمة جدول وضعه رئيس الجمهورية وعندما يستدعي الموقف التدخل سأتحدث". وعن الشروط والملاحظات التي حددتها قوى 14 آذار قال: "المذكرة تعبر عن أفكار سبق لهم ان اعلنوها والمهم ان نلتقي ونتعامل بروح حوارية راقية حفاظاً على مصلحة لبنان وشعبنا".
وأضاف: "بالطبع سنتذكر في هذا اللقاء الراحل الاستاذ غسان تويني وثمة جملة رددها في احدى جلسات الحوار مفادها: "ان الديبلوماسية الناجحة لا تكون من على البلكونات بل في الغرف الضيقة. وعلى الجميع التمثل بالتراث الحواري الذي خلّفه تويني الذي كان يعمل طوال مسيرته من أجل لبنان".
وشدد على انه "إذا لم يكن هناك حوار فعلى اللبنانيين إيجاده وخصوصاً في مثل هذه الظروف التي يمر بها البلد".
وتلقى بانزعاج اخبار الخطف في الشمال التي حصلت أمس والتي تستدعي في رأيه "التدخل السريع".

الخطف
وفي الملف الامني، بعد تضارب المعطيات عن المخطوفين في سوريا، وتأكيد مصادر ان الاتصالات لاطلاقهم بلغت مرحلة متقدمة وانها تحتاج الى بعض التفاصيل، في مقابل اعتبار مصادر اخرى ان المفاوضات صارت شبه متوقفة لدى الجانب التركي، برزت قضية شائكة أشد خطورة من الأولى، اذ تبادل اللبنانيون والسوريون، السنة والعلويون، عمليات الخطف في عكار، في استحضار لحوادث برزت في عام 1975.
فبعد خطف محمد سليمان الاحمد من منطقة بعيدة من الحدود، الى داخل الاراضي السورية، انتشر مسلحون في منطقة وادي خالد، وعمدوا الى خطف تسعة اشخاص وقطعوا الطرق.
واذ نفى النائب خضر حبيب اي علاقة له بالمدعو بلال عبد الكريم ابرهيم المتهم بالخطف، وعد النائب السابق مصطفى علي حسين بالعمل على اطلاق الأحمد الموجود لدى السلطات السورية.
وطالب حبيب بملاحقة المدعو ابرهيم والقبض عليه لانه لا يمثل سوى حقبة منصرمة واداة من ادوات النظام السوري، لافتعاله فتنة"، بينما ندد "الحزب العربي الديموقراطي" بعملية خطف المواطنين وناشد رئاسة الدولة وقيادة الجيش التدخل سريعاً لبسط سلطة الدولة.

التعازي بتويني
وأمس استمر توافد المعزين مع سيل من البرقيات والاتصالات بالراحل الكبير غسان تويني، وحضر الى كنيسة مار نقولا في الاشرفية الرئيس ميشال سليمان وزوجته السيدة وفاء والرئيس فؤاد السنيورة، والنائب وليد جنبلاط وحشد من الاصدقاء.
وقال الرئيس سليمان "ان غياب غسان تويني هو غياب كبير للبنان وهو الذي دعا الى دفن الاحقاد ودفن الثأر عندما دفن حزنه مع دفن الشهيد جبران تويني". وأضاف: "طبعاً عشية انعقاد طاولة الحوار نفتقد غسان تويني، رجل الحوار، وهو الذي سمى هيئة الحوار وهي هيئة ديموقراطية فريدة من نوعها. ليرحم الله غسان تويني، لقد رحل لكن فكره موجود وعلى الجميع ان يسترشدوا بفكر غسان تويني".
وبعد التعزية قال جنبلاط: "برحيل غسان تويني يرحل تقريباً آخر الكبار من السياسة في هذا البلد. وكم كانت جميلة أيام هؤلاء عندما كان مثلا في الجبهة الوطنية الاشتراكية، غسان التويني وكمال جنبلاط وغيرهما من الكبار، أسقطوا عهد الفساد آنذاك وأتوا ديموقرطياً، بعد اضراب، بعهد جديد… كم كانت جميلة ايامي في "النهار" عندما ابتدأت حياتي العملية في مطبعة "النهار"، كم كان جميلا الطابق التاسع في المبنى القديم عندما كان يجتمع كل السياسيين عند غسان تويني، الذي كان ملتقى السياسة كبيت صائب بك سلام وكمال جنبلاط. كانت العلاقات السياسية مختلفة، صحيح كان هناك خلاف سياسي ولكن كانوا يحترمون بعضهم البعض ويتناقشون، ليس كاليوم. وصلنا الى الدرك الأسفل في التخاطب السياسي، ونحن اليوم في مرحلة من الخطر تذكرني بالاحتلال الاسرائيلي عام 1982".  

السابق
نجاح الحوار لا يجب أن يكون مستحيلاً!
التالي
السفير: الحوار ينطلق بلا أوهام: الصورة أولاً