الحياة: لبنان: الحوار اليوم أمني بامتياز وسليمان يعد لاختراق لتأمين استمراره

تتجه أنظار اللبنانيين الى استئناف الحوار الوطني في جولة جديدة يرعاها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان اليوم في قصر بعبدا، وهاجسهم الوحيد يكمن في السؤال عن قدرة صاحب الدعوة على إحداث صدمة إيجابية تعيد للحوار اعتباره في خضم تصاعد التأزم السياسي في البلد والانقسام الحاد بين قواه السياسية، أم إن دوره سيقتصر على إدارة الاشتباك بين المشاركين في محاولة للحد من تداعياته على الوضع الأمني، على رغم انه يلقى تشجيعاً عربياً ودولياً، باعتبار الحوار المعبر الوحيد لمنع استيراد الأزمة السورية الى الداخل اللبناني واستيعاب انعكاسها السلبي عليه.
وعلمنا من مصادر غربية رفيعة ان سفراء الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى لبنان لعبوا دوراً في حضّ الأطراف المعنيين على عدم اتخاذ موقف سلبي من دعوة رئيس الجمهورية للحوار، وركزوا اتصالاتهم مع القيادات الرئيسة في قوى «14 آذار عـلى ضرورة الاستجابة للدعوة وعدم الظهور أمام اللبنانيين على انهم ضد التواصل، رغم تقديرهم للأسباب التي أملت على قوى المعارضة التحفظ انطلاقاً من تجاربها السابقة مع الحوار وعدم التزام فريق قوى «8 آذار "بما أجمع عليه في الحوار الأول.

وكشفت المصادر ان الدول الغربية تولي الحوار هذه المرة أهمية خاصة وتفضل عدم إغراقه في دورة جديدة من التأزم الأمني في لبنان في وقت تنصرف الى مواكبة الأزمة في سورية التي تتسارع فيها التطورات باتجاه انعدام فرص إنقاذ النظام وحصول التغيير عاجلاً أم آجلاً. ولفتت الى ان الدول الغربية ليست في وارد الانشغال بالتأزم في لبنان لأن ليس لديها الوقت الكافي لإرباك نفسها في مشكلة جديدة فيما ترمي بكل ثقلها في مواكبة ما يحصل في سورية. وقالت ان كل هذه الأسباب مجتمعة كانت وراء تمنيها على «14 آذار "عدم مقاطعة الحوار، حتى لو لم يؤد الى نتائج عملية سوى الحفاظ على التهدئة.

واعتبرت المصادر ان الغياب عن الحوار يمكن أن يوفر ذريعة لمن يراهن على إقحام الساحة الداخلية في صلب الأزمة في سورية ويحاول التلويح بتأزيم الوضع محملاً من قاطع الحوار مسؤولية أي تدهور على خلفية ان مقاطعته له كانت وراء ارتفاع منسوب التوتر الأمني والسياسي، مشيرة الى ان الغياب يتعارض مع المزاج الشعبي في لبنان الذي هو في حاجة ماسة الآن الى توفير الأجواء للدخول في هدنة مديدة تساهم في وقف التدهور على المستويين الاقتصادي والاجتماعي على أبواب موسم الصيف. كما اعتبرت إن الجلوس الى طاولة الحوار يمكن ان يساعد على شراء الوقت للتفاهم على هدنة تنأى بلبنان عن الأزمة في سورية واستيرادها، وتبدد الرهانات على دورة جديدة من العنف المذهبي والطائفي، حتى لو حصل هذه المرة بالواسطة.

وأضافت ان مجرد الجلوس الى طاولة الحوار سيتيح لكل فريق، وخصوصاً المعارضة، طرح هواجسه ومخاوفه إضافة الى التذكير بضرورة التزام الفريق الآخر ما أجمع عليه أهل الحوار في جلسات سابقة بدلاً من ان يسقط هذا الطرف أو ذاك في لعبة أطراف خارجيين يراهنون على مسلسل جديد للتأزيم لتصرف الأنظار عن حقيقة ما يجري في سورية، ناهيك بأن الحوار لن يؤدي الى تعويم الحكومة ولا الى تمديد عمرها ولن تستفيد من الجرعة التي زودت بها أخيراً من خلال الاتفاق على دفعة من الإنفاق المالي لعلها تعيد ترميم صفوفها.

لذلك، لا بد من ترقب الموقف الذي سيطرحه رئيس الجمهورية في مستهل جلسة اليوم والذي سيغلب عليه الطابع الأمني بامتياز باعتبار أن موضوع السلاح غير الشرعي سيطغى على مداخلات المشاركين في الحوار وهو سيكون، وفق مصادر مواكبة للتحضيرات الجارية في بعبدا، أمام ثلاثة خيارات: الأول التوافق على بيان يصدر عن المجتمعين يؤكدون فيه الالتزام بالسلم الأهلي وتوفير الدعم للجيش اللبناني والقوى الأمنية للتدخل لوضع حد لأي محاولة يمكن أن تجر البلد الى دورة جديدة من الفوضى، إضافة الى ما اتفق عليه سابقاً…
أما الخيار الثاني، فيكمن في ان يقتصر البيان الختامي على سرد ما جرى من مداولات من موقع الاختلاف، فيما يتوقف الخيار الثالث على قدرة رئيس الجمهورية على إقناع المشاركين بعدم انفضاض الجلسة من دون الإقرار بميثاق شرف كان أعلن عنه سابقاً ويقضي بوقف الحملات الإعلامية والكف عن تبادل الاتهامات وتحييد لبنان عن الأزمة في سورية، علماً أن هذه الفكرة مستحدثة وترتبط مباشرة بالوضع المستجد الذي جاء بعد تعليق جلسات الحوار.  

السابق
الأنوار: اهداف متواضعة لجلسة الحوار اليوم: تبريد الاجواء وتخفيف التشنج
التالي
للواء: الحوار اليوم: تزاحم بين الإستراتيجية الدفاعية والخطف على الهوية