رسالة إلى الرئيس سليمان

تقول يا فخامة الرئيس ان "المطلوب منا استعادة تقاليد الحوار من دون عقد وخلفيات وشروط"، ولكنك تعلم ان استعادة هذه التقاليد وسط حال الانقسام في لبنان تتطلب من الوقت ما يمكن ان يستهلك ما بقي من عهدك وكل العهد الذي سيأتي من بعدك.
انت تعرف ان هناك شرخاً عمودياً يضرب المستوى السياسي ويتفشى افقياً على مستوى الطوائف والمذاهب، وخصوصاً ان لبنان بات ساحة رديفة تتصل بالنار السورية، فهل تظن فخامتك ان المتحاورين سيضعون هذه "العقد والخلفيات والشروط" عند الباب ويدخلون اليك بأجنحة الملائكة وعقول المرسلين، ام انك تأمل بما هو اكثر اهمية من الصورة تنزل برداً وسلاماً على الناس ولو "شبّه لهم"، وهو ما لا نصدق انك به تأمل!

فخامة الرئيس، لن اكرر ما تكرر دائماً في الاشارة الى قرارات الحوار التي بقيت حبراً على ورق تماماً كما تبقى نصوص من الدستور، ولكنني وقد قرأت كلامك عن "تطوير النظام والتغيير من ضمن الدستور ووثيقة الوفاق الوطني… من دون التورط في ازمات جديدة اوتعديلات في اساسيات ميثاق العيش المشترك وتوازنات النظام"، فإنني اسمح لنفسي بأن اطرح عليك سؤالاً افتراضياً تمليه تحديداً دعوة السيد حسن نصر الله الى عقد "مؤتمر وطني تأسيسي" وقد جاءت كاستطراد لدعوتك الى الحوار:
ماذا تفعل ويفعل المتحاورون اذا وصل السيد حسن او من يمثله ليضع امامكم المعادلة الآتية: نعطيكم السلاح بما يطمئن اللبنانيين الخائفين منه في مقابل اعطائنا ما يطمئننا بجعل المثالثة في الدستور بدلاً من المناصفة؟

في نظر البعض ربما يكون من مصلحة الحزب امام التطورات السورية الشديدة التأثير على حساباته المستقبلية، ان يسعى الى مقايضة مرحلية السلاح بديمومة الدستور، وخصوصاً الآن، فالمنطقة في مرحلة المخاوف الكبيرة من انفجار يقلب موازين القوى والحسابات الاستراتيجية ويمتد الى لبنان وهو ما يخشاه المسيحيون والسنّة والشيعة وحتى الدول العربية والغربية، التي تشجع الحوار وتحضّ عليه من دون ان تتنبه الى ما يمكن ان يقود اليه هذا الحوار، في ظل الدعوة الى مؤتمر تأسيسي!

طبعاً يرى البعض يا فخامة الرئيس ان "حزب الله" لا ولن يقايض إطلاقاً سلاحه بالمثالثة او بغيرها، ولكن مع تغيّر التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، قد يكون هذا هو الوقت الأنسب لمقايضة الاطمئنان الى السلاح بالاطمئنان الى تكريس الثلث المعطل في الدستور.
فخامة الرئيس، تنقصني فضيلة ان اكون مسلماً يكتب هذه الكلمات وقد استذكرت قول الرئيس الشهيد رفيق الحريري: "لو بقي مسيحي واحد في لبنان فيجب ان تكون له المناصفة من اجل لبنان ومعناه ورسالته ومن اجل مسلميه قبل مسيحييه"… فليكن الحوار لكن تأسيس الدساتير لا يتم في ارض الهزات ولا على حافة البراكين.  

السابق
بلاد العجائب
التالي
إنقلاب أبيض في التيار لتصويب المسار