سورية ـ الدولة والأممُ ـ القبائل

لم تتحد الأمم الغربية، ربما، إلا ضد شعبنا وبلادنا وحقوقنا. منذ وعد البريطاني بلفور للحركة الصهيونية باستيطان فلسطين، إلى مؤامرة سايكس ـ بيكو البريطانية الفرنسية المزدوجة، القاضية بتقسيم أمتنا، إلى الاعتراف المهين للأمم المتحدة بقيام «إسرائيل» على أساس الباطل والعدوان وخلافاً لميثاق الأمم المتحدة نفسها عام 1948 إلى الاحتلالات «الإسرائيلية» المتتالية في 1967 و1978 و1982، إلى الحرب العدوانية في 2006، إلى ما قد يحدُث في المدى المنظور وغير المنظور، من دون أن ننسى آلاف الشهداء والجرحى والمعوّقين والأيتام في فلسطين كلها، وفي لبنان والجولان والضفة الغربية وغزة وسيناء، ومن دون نسيان المخطط الجهنمي على العراق منذ 1981 حين أغار العدو على المفاعل العلمي العراقي، قبل أن يتولى الموساد اغتيال الأدمغة العراقية بعد احتلال الأميركيين له عام 2003 ومشاركة حلفائهم الغربيين في غلاله الوفيرة السليبة.

وقد أعربت الأمم الغربية مجدداً بعد الحصار والعقوبات واعتماد المعايير المزدوجة عن كونها «متحدة» ضد سورية، حين اتخذت إجراءاتها الانتقامية، باسم الحرص الإنساني، ضد الدبلوماسيين السوريين في اثنتي عشرة دولة، وأوحت لذوي الضمائر انها أشبه بالدول ـ القبائل لا بالدول المتمدنة. أولاً لأن الديمقراطية ليست صندوقة اقتراع فقط، ولا هي حرية الشغب والشتيمة… الديمقراطية هي المساواة والاحترام المتبادل قبل أن تكون مناورات وشعارات… الديمقراطية ثقافة منفتحة ومناقب ديمقراطية قبل أي شيء آخر.
أما سورية فأثبتت بردّها الهادئ والحازم أنها دولة تحترم نفسها وتاريخها ومواطنيها، وتمارس الكرامة بأعلى مستوياتها إذْ لا قيمة للديمقراطية على الإطلاق بمعزل عن الكرامة القومية والإنسانية. لقد مارست مبدأ المعاملة بالمثل على قاعدة غير المرغوب بهم وبما يمثلون.

أما بان كي مون فَلَيْتَه يصبح تمثالاً في متاحف التاريخ لنموذج «الشخصيات» الإمّعات التي لم تستطع أن تملأ مركزها سوى بالتبعية والتزام الأجندة الامبراطورية التي عُيِّن وجُدِّد له على أساس العمل بنصوصها السوداء المنزلة من البيت الأبيض.
هنيئاً لسورية ـ الدولة قيادةً وجيشاً، وشعباً أبياً تعي أكثريته أن سورية ستنتصر رغم الضغوطات والصعوبات والخسائر، وأن أكثر ساعات الليل حلكاً هي الساعة التي تسبق الفجر.
أما الأمم، المتحدة حتى على إفشال خطة كوفي أنان، والعمياء عن الإجرام وتهريب السلاح والتفجير والاغتيال وارتكاب المجازر فقبحاً لها وتَرَحاً، لأنها في هذه الحال تجاوزت كونها شيطاناً أخرسَ بالسكوت عن الحق، وباتت شيطاناً مذياعاً لا ينطق إلا بالباطل.  

السابق
نغمة الحداثة؟
التالي
قتيل بسلاح صيد في جزين