على طريقة النواب، الذين قبل ان ينصبوا ويكذبوا على الناس يقولون «ثقوا بالله»، اقول لكم «ثقوا بالله»، بان الحكام العرب خير الحكام، وسيرتهم خير السير، وعملهم خير الاعمال، ولكن شعوب العرب هي المارقة، الكاذبة، اللعينة، الملعونة!
تصوروا، قبل يومين فقط احتفلت ملكة بريطانيا بعيد جلوسها الستين، ستون سنة كاملة كانت ملكة، وطوال هذه المدة، لم يفتح انكليزي فمه معترضا، او مطالبا بتنحية الملكة، او استبدالها بجديدة، ولم يطالبوا بمحاكمتها، وطردها، واعدامها… اما نحن، اليمنيون طردوا الرئيس، والتوانسة هربوا الرئيس، والليبيون قتلوا الرئيس، السوريون الان يريدون ازاحة رئيسهم، وهو لم يحكم اكثر من عشر سنوات فقط، اي يعتبر ناشئا بالمقارنة مع الملكة اليزابيث، ومازال امامه خمسون سنة فقط، وبعدها يحق لاي كان ان يعترض، او يطالب بتغييره!
اما المصريون فمشكلتهم مشكلة، ازاحوا الرئيس حسني مبارك ولم يحكم اكثر من ثلاثين سنة، اي قضى نصف مدة الملكة فقط، وبكل قلة ادب واحترام يحاكمون هذا الرجل العجوز «اللي كبر جدهم»، ويحكم عليه بالمؤبد، وهو الذي قضى عمره متحملا مسؤولية سبعين مليون مصري في الداخل والخارج، ومتحملا مسؤولية تسلم الضرائب، ولكن ماذا نقول… انها شعوب مفترية!
ثلاثون سنة، اراح شعبه من هم الانتخابات وهمومها، ومصاريفها، ومشاكلها، والتفكير في مرشح، والجدال والصراع والعراك بسبب الانتخابات، وكم من رجل طلق امرأته بسبب شفيق ومرسي، وهذا ما لم يحدث في عهد مبارك، ثلاثون سنة، يحمل خمسين الف مرض، وتفجيرات، واغتيالات، وارهابا، ثم ثورة وسجنا ومؤبدا… ومع ذلك مازال صامدا، من اجل مصر، بينما الموظف المحترم لو يحصل على لفت نظر قد يصاب بأزمة قلبية، ومع ذلك مازال البعض يريد اعدامه، وهو لم يطلق يوما طلقة واحدة على شعبه!
السوريون بالحالة نفسها، يقتلون بعضهم بسبب الكرسي والحكم، مع ان الرئيس والحزب اراحوا الشعب كل هذه السنوات، كان المواطن متفرغا للقمة العيش، يعيش مرتاحا لا ينبس بكلمة، وينام مرتاحا لا يحلم بحلم سياسي، ينام في البيت او المعتقل، المهم هناك سقف يظله، الآن بعد كل هذه التضحيات من القيادة، وبعد ان ترك تخصصه، وضحى بوظيفته كطبيب عيون، يريدون ازاحته عن منصبه!
«ثقوا بالله» الشعوب العربية «مو وجه نعمة» و«مو كفو» مثل هؤلاء الرؤساء!
