أسـير محـرّر: مقبرة الرملة مركز إسرائيلي لتعذيب الفلسطينيين

كثيرة هي قصص الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال التي تتسابق لإظهار أكثرها ألماً، ومن بينها حكايات 20 أسيراً مريضاً داخل مستشفى سجن «الرملة» العسكري أو «المقبرة» بحسب ما يسميه أحد الأسرى المرضى المحررين عبد القادر مسالمة.
يفضل مسالمة الحديث عن القصص المرعبة للأسرى الذين لا يزالون يعانون داخل «المقبرة»، وأقلها صعوبة قصته. انخفض وزن مسالمة بعد دخوله مستشفى السجن من 82 إلى 62 كيلوغراماً، ويقول إنه فقد غالبيتها في إضرابات خاضها للحصول على «أقل من القليل» من العلاج الذي يمكن أن يبقيه حياً.
وأصيب الأسير مسالمة بشلل بعد اعتقاله في العام 1987 نتيجة تعذيبه وتركه لفترة طويلة في البرد، وأطلق سراحه في العام 1996 لتفاقم حالته الصحية، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى في العام 2010، ووضع مجدداً في المستشفى، ومنه خرج مؤخراً بعدما أصبح علاج شلله مستحيلاً.

ويضيف مسالمة «كنت أسمع بسياسة الإهمال الطبي لكن حين جربتها فهمت الأمور أكثر»، موضحاً أنه دخل مستشفى السجن مشلولاً، و«لم يقدَم لي أي علاج، ولم أكن أستطيع الحركة، فطلبت مساعداً لينقلني لكنهم (مصلحة السجون) رفضوا فخضت ثلاثة إضرابات متقطعة عن الطعام استمرت ثلاثة أشهر».
ولم يوقف مسالمة إضرابه إلا «بطلب من الأخوة (الأسرى) لأن وضعي الصحي أصبح خطراً»، لافتاً إلى أن الاحتلال استغرق ستة أشهر تقريباً ليجد له مساعداً.
ويشير مسالمة إلى أن المساعد وهو أسير أيضاً لم يكن مخصصاً له وحده بل لعشرين أسيراً آخر في «مقبرة سجن الرملة» وجميعهم حالات حرجة، موضحاً أنه «بحسب القانون الإسرائيلي يجب توفير مساعد لكل خمسة أسرى»، الأمر الذي لم يحصل أبداً.
وينقل مسالمة معاناة الأسير الذي استشهد قبل عشرة أيام بسبب الإهمال الطبي المتعمد زهير لبادة، قائلاً «عايشت اللحظات الأخيرة لاستشهاد الأسير لبادة، لقد كان هناك إهمال طبي متعمد بحقه، فالطبيب العسكري لم يكن يهتم به، بالرغم من أنه كان يخبره دائماً أن لديه مشاكل خطيرة»، مضيفاً إن الطبيب كان يتحجج بانشغاله الدائم ولا يقدم للبادة أي حلول، وأدى هذا الإهمال إلى «أن أصبح لبادة عاجزا عن الكلام والحركة والأكل والشرب ثم دخل في غيبوبة».
ثم يتحدث مسالمة عن الأسير اشرف أبو ذريع المعتقل منذ ست سنوات، مشيراً إلى أنه «لا يستطيع فتح رجليه ولا يديه، وغير قادر على الحركة ويحتاج إلى مشرف على مدار الساعة لمساعدته بما في ذلك إطعامه ونقله إلى الحمام، وهذا بالطبع ليس متوفراً بسبب وجود مساعد واحد للأسرى العشرين».

أما الأسير علاء حسونة فلديه وفق مسالمة مشكلة في القلب وقد أصيب مؤخراً بمشاكل في الغدد، لذلك «كتب له طبيب المقبرة علاجاً دأب على أخذه شهراً كاملاً، وحين جاء دوره لإجراء فحص في مستشفى مدني جُن جنون الأطباء لكون هذا العلاج لم يكن مناسباً، وطلبوا منه إيقافه»، ويتابع مسالمة أنه حين عاد حسونة إلى مستشفى السجن «استمر طبيب السجن بإعطائه العلاج ذاته، الأمر الذي تسبب له بالمزيد من المشاكل».
ولعل قصة الأسير محمد أبو لبدة الأكثر ألماً، فيروي مسالمة أن «أبو لبدة دخل السجن يمشي لكنه حالياً يبقى جالساً على كرسي نتيجة إصابة في ظهره»، مشيراً إلى أنه حين تم الكشف عليه من قبل طبيب خارجي تبين أن لديه «فتحة داخل ظهره».
وبالنسبة للأسير رياض العمور، فهو وفق مسالمة الحالة الأكثر خطورة، إذ ان لديه جهازاً مزروعاً في القلب انتهت صلاحيته منذ سنتين، لكن «منذ ذلك الوقت لا يزال الاحتلال يماطل لزرع جهاز بديل بحجة عدم وجوده».
ويصاب العمور بحالات إغماء متكررة نظراً لعدم انتظام دقات قلبه، بحسب مسالمة.

وللأسير معتصم رداد قصة أخرى، فبعد مرور عامين على قرار طبيب السجن بضرورة إجراء عملية جراحية له بسبب مشاكل في الأمعاء، تقرر مؤخراً نقله إلى مستشفى السجن المدني بعد تدهور حالته لإتمام العملية، لكن تبين أن فحوصه لم تعد مناسبة بسبب قدمها، وبالتالي تم إلغاء العملية وعادت القصة إلى بدايتها.
وروى مسالمة المزيد من الآلام، طالباً الرحمة لبقية الأسرى المرضى مثل الأسير منصور موقدة المصاب بشلل ومعدته «نصفها بلاستيك بعدما استؤصل جزء كبير منها»، والأسير ناهض الأقرع الذي تم بتر عشرة سنتيمترات من قدمه، وهو مهدد اليوم ببترها كاملة.
ويعاني الأسير خالد الشاويش آلاما شديدة في معدته، بسبب عدم استئصال شظايا قذيفة أصيب بها قبل أسره، وتسبب له شللاً، وغيره من الأسرى المشلولين مثل عثمان خليلي ومحمد راشد.
ويختم مسالمة «كل من يدخل مقبرة سجن الرملة يخرج في وضع أصعب، متمنياً أن يبقى داخل السجن وعفونته بدلاً من أن ينقل إلى مكان العلاج فيه عذاب يمهد لموت بطيء».

السابق
المؤتمر التأسيسي وحبال الهواء
التالي
الشعوب المفترية