السفير: الحكومة في سنة التعطيل الأولى: تسوية للإنفاق!

يزنر القلق اللبنانيين، ولو أن أسبابه متعددة. قلق الأمان اليومي والغد المجهول. قلق الخبز والوظيفة والبطالة. قلق التنقل والسفر. قلق العصبيات والفلتان الأمني والأخلاقي. قلق انتظار أهالي المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر. قلق الطرابلسيين الذين خطفت منهم مدينتهم وكانوا شهودا على أعمال لا تمت بصلة إلا للعصر الجاهلي. قلق اللبنانيين الذين انتظروا من يجمع قادتهم، ولو بالصورة، حتى ينعموا بصيف هانئ، فإذا بالصورة نفسها تبدو مستحيلة، كما تشي مواقف بعض أهل الحوار.
هو القلق يزيد من وطأته أهل سلطة سياسية، غرقوا في حروب تصفية الحسابات السياسية، الصغيرة والكبيرة. أهل سلطة قرروا عشية إطفاء شمعتهم السنوية الأولى، أن يبشروا اللبنانيين بتفعيل العمل الحكومي!
هو القلق المتأتي من إدارة لا تجد من يعالج شغورها إلا بالمزيد من الشغور… ومن قضاء، كان يرمز، في ما مضى، الى ما تبقى من مظاهر الدولة، فإذا به يصاب بأمراض السـياسة والسياسيين.
هو القلق الذي كان زي جندي أو شرطي، كافياً لتنفيسه، فإذا بالزي نفسه والهيبة نفسها، والمؤسسة، عسكرية أو أمنية، تصبح عرضة للتشكيك من السياسة والسياسيين.

طرابلس: إضراب عام
ومع انكفاء السلاح العبثي، استجابت مدينة طرابلس، أمس، لدعوة هيئات المجتمع المدني، فنفذت إضرابا شاملا استنكارا لأعمال العنف التي شهدتها في نهاية الأسبوع، والتي بلغت ذروتها بأعمال حرق وتحطيم لمحال ومنازل من لون طائفي معين في بعض أحياء المدينة، وهو الأمر الذي لقي استنكار جميع المرجعيات السياسية والدينية في المدينة، بالإضافة الى رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة.
وفيما ينتظر الطرابلسيون التثبيت النهائي والجدي لقرار القوى السياسية في المدينة برفع الغطاء عن سلاح الفوضى والفتنة الذي ينال من المدينة وأمن أهلها، شدد قائد الجيش العماد جان قهوجي أمام وفود طرابلسية زارته، امس، على دور الجيش في حفظ أمن طرابلس واستقرارها، وعلى قراره الحاسم بمنع المظاهر المسلحة ومنع العودة بالمدينة إلى أجواء الفوضى والاقتتال، «وهذا يتطلب التفاف الجميع حول الجيش».

مخرجان للإنفاق وللمياومين
وفي موازاة ملف طرابلس، كان ملف المياومين في كهرباء لبنان يسلك طريقه نحو القوننة عبر اقتراح قانون جديد لتثبيت العمال، وفق صيغة تحفظ حقوق الدولة والمياومين في آن.
وعلى الخط الحكومي، أظهرت مشاورات الساعات الأخيرة، بروز عناصر جديدة في موضوع الإنفاق المالي، ينتظر أن تتبلور مخرجاً يتم تظهيره في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد صباح الخميس في بعبدا، بدلا من يوم غد، بسبب سفر رئيس الجمهورية إلى الإمارات، غدا بدلا من اليوم، في إطار جولته الخليجية التي شملت حتى الآن كلا من السعودية والكويت.
وقالت مصادر وزارية لـنا إن أجواء المشاورات التي أجراها الثلاثي الوزاري علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل، على خط بعبدا ـ السرايا الكبيرة، أمس، اتسمت بإيجابية ملحوظة من الجميع، وأفضت إلى التوافق على مخرج لموضوع الإنفاق الحكومي الذي بات يتطلب تقديم تنازلات من الجميع.
وقال الوزير فنيش لـنا ان لقاء الوزراء الثلاثة مع رئيسي الجمهورية والحكومة، تمحور حول ضرورة تفعيل العمل الحكومي، وبالتالي بلورة حلول لمشكلة الإنفاق المالي وإعطاء هذا الموضوع الاهتمام اللازم وكذلك الجدية المطلوبة. ووصف جو المشاورات بأنه «كان إيجابيا ومريحا واتفقنا على وضع الامور على السكة المطلوبة، حتى يشعر الجميع بأن الإنفاق تقونن وليس هناك اية عراقيل».
وأمل فنيش ان تشهد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء حلا ما لموضوع الإنفاق المالي، وبالتالي الانتقال الى مرحلة جديدة من العمل الحكومي المنتج على الصعد المالية والادارية والانمائية.

المعارضة تتجه لمقاطعة الحوار
في هذا الوقت، تستمر التحضيرات الرئاسـية لعقد طاولة الحوار في الحادي عشر من الشهر الجاري، ولعل البارز في هذا السياق هو جرعة الدعم التي تلقاها الحوار من الاتحاد الاوروبي وفرنسا وإيطاليا باعتباره «السبيل الوحيد لتخفيف حدة التوتر الحالي» على حد تعبير وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس.
وقال أحد نواب «كتلة المستقبل» لـنا إن «قوى 14 آذار» ستربط مشاركتها في الحوار بمجموعة من «الركائز» التي ستنص عليها المذكرة التي ستسلمها الى رئيس الجمهورية في الساعات المقبلة، وتتضمن تأكيد التمسك بالدستور والتنفيذ الحرفي لاتفاق الطائف، وتنفيذ القرارات التي كانت محل توافق وإجماع على طاولة الحوار، وتشكيل حكومة حيادية موثوقة قادرة على إدارة شؤون البلد وإجراء الانتخابات النيابية، وان يكون بند الحوار الأساس هو ملف السلاح وفق ما نص عليه الطائف. ورجح النائب نفسه عدم مشاركة المعارضة في الحوار.
وقالت أوساط الرئيس فؤاد السنيورة لـنا: «نحن لم نرفض الحوار من الاساس بل ان «حزب الله» هو الذي عطله، ان سلاح «حزب الله» هو المشكلة، وبالتالي ما نريده هو حوار منتج، وليس حوارا تحت عناوين سطحية لا توصل الى أي مكان ولا تقدم ولا تؤخر. وبالتالي فإن الموقف سيتحدد أمام الجميع في المبادرة الانقاذية التي يجري العمل على إعدادها لإعلانها قبل الحادي عشر من حزيران الجاري».
 

السابق
الفاتيكان !!
التالي
السلم الأهلي المتقطع