لو يدفع ميقاتي ورفاقه الضرائب؟

أثار مشروع الموازنة الذي قدمه وزير المال محمد الصفدي عاصفة احتجاجات شملت العمال وارباب العمل على السواء. وأجمع طرفا الانتاج على رفض اية ضرائب جديدة في هذه الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها البلد.

تضمّن مشروع الموازنة للعام 2012 ، اقتراحات بزيادات ضرائبية من بينها زيادة ضريبة الأرباح على المصارف والمؤسسات المالية من 15 الى 20 في المئة. وزيادة الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12 في المئة. وزيادة الضرائب على فوائد الودائع المصرفية من 5 الى 7 في المئة، بالاضافة الى ضرائب على المبيعات العقارية تصل الى 15 في المئة على العقارات التي تعود ملكيتها الى ما بعد 1/1/2009.

يتبين من خلال هذه الاقتراحات ان الضرائب التي تمس المواطنين ذوي الدخل المحدود مباشرة هي ضريبة القيمة المضافة (TVA)، بالاضافة الى ضريبة الفوائد على الودائع، حيث توجد شريحة واسعة تمتلك مدخرات متواضعة تستفيد من فوائدها لتعويض عدم وجود راتب تقاعدي يضمن مدخولا كافيا لتأمين معيشة الموظف بعد بلوغ سن التقاعد.

وبالتالي، فان الحل يكمن مؤقتا في خفض النفقات العامة، ومحاولة تقديم حوافز اضافية للمستثمرين. وعلى المدى الطويل، يمكن البحث جديا في تغيير النمط الضريبي لكي يطاول الثروات، ويتحوّل من ضريبة عشوائية ظالمة غير مباشرة تطال محدودي الدخل، الى ضريبة عادلة تتوزع نسبها على المداخيل وفق الشطور.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، يصل مدخول رجل ثري واحد بحجم الرئيس نجيب ميقاتي، الى 500 مليون دولار سنوياً، إذ قُدّرت ثروته مع شقيقه، بـخمسة مليارات دولار، وباحتساب عائد سنوي 10 في المئة،نصل الى هذا الرقم. هذا المبلغ، وفي حال اعتماد الضريبة التصاعدية على الدخل، يمكن ان يصل حجم الضريبة عليه الى 300 مليون دولار، (يوازي كل ما تستوفيه الخزينة من المصارف حاليا) على اعتبار ان الضريبة على الشطور المرتفعة يمكن ان تصل الى 70 في المئة، وهذا المعدل منخفض قياسا بالدول الصناعية التي تصل النسبة فيها الى 90 في المئة.

وبالتالي، من السهل تصوّر المبالغ الطائلة التي قد تدخل الى الخزينة سنويا في حال استيفاء هذا النوع من الضرائب العادلة من هذه الفئة من الاثرياء الكبار الذين يعجّ بهم البلد. لكن الوصول الى نتائج مماثلة يحتاج الى قدرة على كشف المداخيل الحقيقية والى قانون FATCA لبناني، والى قرار سياسي. وكل هذه العوامل غير متوفرة.

الاصلاح الضريبي لا يستقيم الا من خلال وضع حد للفساد. وهذا المشروع غير واقعي حاليا، وسيبقى الاثرياء في منأى عن الضريبة العادلة، وسيبقى أصحاب الدخل المحدود تحت وطأة الضرائب غير المباشرة الظالمة. وسيبقى العجز سمة ترافق الموازنات العامة في الدولة.
 

السابق
الجميل: على حزب الله توضيح نواياه
التالي
محنة طرابلس في عجز الدولة!