المشكلة لبنانية لا خليجية!

اذا كانت جولة الرئيس ميشال سليمان على بعض الدول الخليجية وقد حملته امس الى الرياض، تهدف الى ضمان استمرار الاهتمام بلبنان والحرص على ان يبقى واحة ومتنفساً لأشقائه العرب، فليطمئن لأن لبنان لا يزال وسيبقى "قبلة العين وواسطة العقد العربي" وهو ما سبق لخادم الحرمين الشريفين أن أعلنه في 31 تموز من عام 2010 عندما اصطحب الرئيس بشار الاسد الى بيروت في زيارة وصفت يومها بالتاريخية.

حرص الكويت واميرها صباح الاحمد الجابر الصباح وحدب قطر واميرها حمد بن خليفة آل ثاني واهتمام دولة الامارات ورئيسها خليفة بن زايد لا يقل قطعاً عن الاهتمام السعودي، الذي حرص دائماً على توفير شبكة امان تقي لبنان العواصف الكثيرة.
كل هذه المقدمة لتذكير الرئيس سليمان والمسؤولين في هذا البلد السعيد بأن قرار بعض الدول الشقيقة في الخليج منع رعاياها من السفر الى لبنان وهو ما يهدد بتدمير موسم الاصطياف وبالتأثير سلباً على وضعنا الاقتصادي الذي يراوح على شفير الانهيار، انما كان نتيجة غياب الدولة والتقصير الفادح لحكومة نجيب ميقاتي امام العواصف والتداعيات التي تتركها الأزمة السورية المتصاعدة داخل لبنان وفي سياق محاولات مستميتة لإشعال الفتنة والحروب الاهلية بين اللبنانيين، بحيث يستطيع بشار الاسد ان يقول للعالم: أوَلم احذركم من ان النار السورية يمكن ان تحرق المنطقة كلها؟!

في أي حال لا بد من ان الرئيس سليمان اعاد ملياً قراءة البرقية التي تلقاها من الملك عبدالله في 22 ايار الماضي والتي ناشده فيها "النأي بالساحة اللبنانية عن الصراعات الخارجية وخصوصاً الأزمة السورية"، وهي مناشدة كان واضحاً تماماً انها تحض على اجراء "حركة تصحيحية" في تطبيق سياسة "النأي بالنفس" الكلامية، التي اعلنتها حكومة ميقاتي ولم تكن اكثر من قناع لممارسات منحازة كلياً الى جانب النظام السوري، برزت في المواقف السياسية لوزارة الخارجية وفي الممارسات الامنية على الحدود وحتى في المضايقات التعسفية والاجراءات المتحاملة التي تعرض لها بعض الرعايا من الدول الخليجية وهو ما سبب الدعوة الى منع السفر الى لبنان.

وعندما يتساءل ميقاتي بعد اشهر من تراكم الاخطاء وفشل الحكومة حتى في ابسط الأمور وقد ولدت من رحم سياسي واحد تقريباً وبارادة الحزب الواحد: "هل هناك حكومة ام لا"، فهذا يعني ان مشكلة لبنان الخليجية هي في بيروت لا في دول الخليج التي تحرص عليه اكثر مما يحرص بعض اهله.
اما في ما يتعلق بالحوار الوطني الذي دعا اليه سليمان والذي دعمه الملك عبدالله سلفاً في برقيته المذكورة، فإن على كل المسؤولين ان يحرصوا على الا يكون من اجل التقاط صورة سعيدة للأخوة الألداء كما كانت كل الحوارات السابقة، وخصوصاً الآن مع جمر السلاح الذي يتأجج من الجنوب الى الشمال مروراً بالبقاع.  

السابق
السفير: عبدالله لسليمان: السعودية مع كل لبنان .. ولن تغيّر سياستها
التالي
الحريري: لا حوار قبل التشاور مع الحلفاء