معلومات إيطالية حذرت من محاولة اغتيال بري بإستهداف موكبه بين عين التينة والبرلمان

قالت مصادر أمنية لبنانية واسعة الاطلاع إن وضع اليد على مخطط لاغتيال رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يأت من فراغ وإنما نتيجة معلومات تجمعت لدى جهة أوروبية يرجح أن تكون الاستخبارات الإيطالية، وأن قائد قوات «يونيفيل» العاملة في جنوب الليطاني الجنرال باولو سييرا، وهو إيطالي الجنسية، كان أول من أحيط علماً بهذه المعلومات التي أبلغ بها مديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني.

وفيما تتكتم المصادر الأمنية اللبنانية على تحديد هوية الجهة التي تخطط لاغتيال بري وعلى أسماء المكلفين بتنفيذها، علمت «الحياة» من مصادر مواكبة لماتحقة تفاصيل الخطة لاغتيال بري وهو في طريقه من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة الى مبنى البرلمان في ساحة النجمة في الوسط التجاري لبيروت، أن المجموعة المكلفة بالعملية تضم خمسة أشخاص جميعهم قريبون من فكر تنظيم «القاعدة» وإقامتهم الدائمة هي في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين.

وأكدت المصادر ان الرئيس بري بادر، عندما التقى القيادي الفلسطيني عزام الأحمد المكلف متابعة الملف الفلسطيني في لبنان في حضور عدد من مسؤولي منظمة التحرير وحركة «فتح» في لبنان، الى وضعه في صورة ما لديه من معلومات حول المخطط لاستهدافه، وأن جهة أوروبية هي التي وضعت يديها على هذه المعلومات. وتسلم الأحمد من بري لائحة بأسماء الاشخاص الخمسة.

وقالت المصادر نفسها إن من أبرز المشتبه بهم: توفيق طه «أبو محمد»، أسامة الشهابي ومحمود الدوخي الملقب بـ «خردق». وكان تردد أخيراً ان جميع هؤلاء وآخرين كانوا فروا منذ أسابيع من المخيم باتجاه منطقة الشمال ومنها الى داخل الأراضي السورية مع ان ليس هناك من جهة لبنانية أو فلسطينية تنفي أو تؤكد خروجهم من عين الحلوة.

ولم تستبعد المصادر أن يكون وراء تعميم خبر خروجهم من المخيم، محاولة لإرباك الوضع الداخلي في لبنان الذي يمر في حال تأزم بسبب تداعيات الأزمة السورية عليه أو لتضليل الأجهزة الأمنية اللبنانية والقيادة الفلسطينية في عين الحلوة بغية الكف عن ملاحقتهم والتقصي عن الأماكن التي يتواجدون فيها، خصوصاً ان اثنين منهم ظهرا فجأة ليل الثلثاء الماضي حسبما كشفت مصادر فلسطينية لـ «الحياة» ، هما هيثم الشعبي ومحمود منصور بعد اختفاء لأكثر من أسبوعين، وذلك أثناء تجولهما على مقربة من منزليهما في المنطقة الواقعة بين حي التعمير والطوارئ.

وأضافت ان معظم سكان هذه المنطقة شاهدوهما بأم العين وأن أحد جيران الشعبي نقل عنه قوله لعدد من الذين التقاهم انه عاد أخيراً الى عين الحلوة بعدما خرج منه لفترة طويلة.

ورأت المصادر انه لا يمكن الركون الى ما قاله الشعبي لجيرانه، لأنه لا يمكن لمطلوب الخروج من عين الحلوة بعيداً من مراقبة الأجهزة الأمنية اللبنانية التي ما زالت تفرض إجراءات أمنية مشددة يصعب عليه خرقها.
تضليل الاجهزة الامنية

واعتبرت ان ما سمعه عدد من جيران الشعبي منه لا ينطبق على واقع الحال، وهو يحاول تضليل الأجهزة الأمنية اللبنانية، لا سيما ان جهات فلسطينية تؤكد انها رصدت اتصالات أجريت بين معظم الذين وردت أسماؤهم في لائحة المشتبه بهم تبين انهم لا يزالون في عين الحلوة لكنهم متوارون عن الأنظار.

ورفضت المصادر التعليق على ما أشيع أخيراً من ان الأحمد التقى اثنين من المشتبه بهم في علاقتهم بالمخطط الذي يستهدف بري وأنهما أكدا له ان الاتهامات الموجهة ضدهما لا أساس لها من الصحة.

لكن ما تبلغه الأحمد من بري هو موضع متابعة الآن في داخل عين الحلوة، وعقد لهذه الغاية لقاء ليل الثلثاء الماضي شارك فيه مسؤول «فتح» ومنظمة التحرير في لبنان فتحي أبو العردات، إضافة الى مسؤولين من فصائل المنظمة وممثل حركة «حماس» في لبنان علي بركة، ومسؤول «عصبة الأنصار» أبو طارق السعدي، ورئيس «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال الخطاب.

وعلمنا ان أبو العردات وضع الحضور في تفاصيل ما لديه من معلومات عن مخطط لاغتيال بري كان الأخير أفصح عنها للأحمد. وأكد أبو العردات انه تم التوافق على تشكيل لجنة عليا برئاسة «فتح» للتشاور مع جميع الفصائل والتنظيمات الفلسطينية والقيادات الأمنية اللبنانية والفاعليات السياسية والروحية في صيدا.

وقال ان وفداً التقى لهذه الغاية النائب بهية الحريري في مجدليون وهو سيتواصل في الساعات المقبلة مع المرجعيات الروحية ورئيس «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد، و«الجماعة الإسلامية» ورئيس بلدية صيدا السابق عبدالرحمن البزري.

وعن أجواء الاجتماع الفلسطيني، أكد أبو العردات لـ «الحياة» ان جميع الفصائل والقوى الفلسطينية اعتبرت انها معنية مباشرة بالتعاون لكشف المخططين لاغتيال الرئيس بري.

وقال ان الجميع اعتبروا ان محاولة اغتيال الرئيس بري هي قضيتهم لأن أي استهداف له هو استهداف للشعبين اللبناني والفلسطيني على السواء باعتبار ان بري شخصية لبنانية وعربية جامعة. وانه إذا كان هناك من يخطط لاغتياله لضرب الاستقرار اللبناني وفي عين الحلوة الذي هو جزء منه، فإن هذه الجهة تخدم إسرائيل ومخططها ضد لبنان لأنها ستكون المستفيدة الوحيدة من هذه المؤامرة.

وأوضح ان جميع الفصائل تتعامل مع من يخطط لاغتيال بري أو إلحاق أي أذى به، على أنه خارج عن الدين الإسلامي وتعاليمه، مشيراً الى ان متابعة هذه القضية مستمرة وانما ليس عبر وسائل الإعلام بل من خلال التنسيق بيننا وبين الرئيس بري والأجهزة الأمنية اللبنانية.

وشدد على ان جميع الفصائل ما زالت على قرارها رفع الغطاء السياسي عن أي مخل بالأمن، فكيف في حال تبين ان هناك في المخيم من ينفذ مخططاً اسرائيلياً لاغتيال بري.

ورداً على سؤال قال: «ما لدى الرئيس بري من تقارير ومعطيات ناجم عن تقاطع في المعلومات ونحن لم ندخل في تفاصيلها أو نسأل عنها، ما يهمنا البقاء على التواصل لتبادل كل ما يتوافر لنا من معطيات، خصوصاً ان رئيس المجلس انتدب المسؤول في حركة «أمل» بلال شرارة للتواصل معنا. إضافة الى اننا سنبقى على مسافة واحدة من جميع الأطراف في لبنان، لكن في قضية محاولة الاغتيال لن نكون على الحياد ولن نتوانى عن تقديم كل ما لدينا من معلومات لإحباط أي مخطط يراد منه ضرب السلم الأهلي.

السابق
لبنان بين المتغيّرات الدوليّة والإقليميّة
التالي
ممرّ آمن للنظام