واشنطن تسعى لإعادة الوضع السوري إلى «المربع العسكري»

ما هي خطة واشنطن وأعوانها في المرحلة الجديدة من الحملة المستمرة على سورية، وما هي أهداف القرار الجماعي الأميركي ـ الأوروبي الأخير بإبعاد السفراء والدبلوماسيين السوريين من هذه الدول والطلب إليهم مغادرتها؟
تقول مصادر سياسية مطلعة إن القرار المذكور قد اتخذ من قبل الإدارة الأميركية كالعادة وجرى تعميمه على الدول الحليفة كجزء من خطة تنوي واشنطن البدء بها بعد أن فشلت كل محاولاتها السابقة في شن حرب مباشرة على سورية، وبعد أن فشلت رهاناتها أيضاً على ما يسمى المعارضة التي ثبت أنها مجرد هياكل كرتونية غير مترابطة تشكل غطاء للمجموعات العسكرية الإرهابية التي تسعى إلى ضرب الاستقرار وقتل المدنيين والعسكريين في بعض المناطق السورية.
وتضيف المصادر إن فشل أميركا في الضغط من أجل استصدار قرار في مجلس الأمن يغطي العدوان الخارجي على سورية بسبب سيف «الفيتو» الروسي ـ الصيني على مثل هذه المحاولات جعلها تسعى إلى ممارسة المزيد من الضغوط المباشرة على القيادة السورية من خلال الحصار الدبلوماسي الغربي وإحكام هذا الحصار بعد أن بدأت مثل هذه الخطة أصلاً بمشاركة دول عربية لا سيما دول الخليج.
وفي رأي المصادر أن نجاح القيادة السورية عسكرياً في قطع الطريق على المحاولات الخارجية في إيجاد ما يسمى المناطق العازلة داخل الأراضي السورية تحت سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة، ثم استيعابها لخطة أنان والموافقة على تنفيذها، مع تحقيق خطوات مهمة في إطار الخطة الأمنية للقضاء على المجموعات الإرهابية.. كل ذلك جعل الإدارة ألأميركية تستنفر حلفاءها من جديد لصياغة خطة جديدة هدفها الأول إعادة الأزمة السورية إلى «المربع العسكري» من خلال زيادة وتيرة الدعم التسليحي للمجموعات المعارضة من جهة وتضييق العزلة الدبلوماسية على سورية في سعي واضح للضغط على سورية قيادة وشعباً في محاولة إضعافها.
وتقول المصادر إن قرار إبعاد السفراء والدبلوماسيين السوريين من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية الغربية وبعض الدول التي تدور في فلكها (أوستراليا، كندا واليابان) لم يكن على خلفية المجزرة التي ارتكبت في الحولة السورية، بل جاء وفقاً لخطة مرسومة جرى التخطيط لها في الدوائر الأميركية منذ فترة، وأعطي الضوء الأخضر للمباشرة بها بعد تعثّر الوصول إلى النتائج التي كانت ترمي لها واشنطن من المفاوضات مع إيران حول الملف النووي التي جرت مؤخراً في بغداد.
ماذا ستجني الولايات المتحدة من خطتها الجديدة؟
يقول مرجع سياسي بارز إن هذا الضغط الخارجي المتزايد على سورية يكشف أولاً ضعف المعارضة السورية وفشلها في التأثير على الشعب والقيادة السورية، ويظهر رغبة الإدارة الأميركية ومن يدور في فلكها من عرب وغرب في سلوك مسلك الضغط المباشر إن على صعيد الحصار السياسي والدبلوماسي والاقتصادي أو على صعيد زيادة وتيرة تسليح المجموعات المعارضة للنظام.
ويضيف المرجع لقد مارست أميركا وحلفاؤها في السابق ضغوطاً سياسية واقتصادية مثل الضغوط التي تمارسها اليوم على مدى فترة طويلة بعد العام 2005، ولم تتمكن من التأثير على قرار القيادة السورية، أو على الشعب السوري الذي بقي صامداً واستطاع تجاوز تلك المحنة.
ويشير في هذا المجال إلى أن القيادة السورية أخذت في الاعتبار مسبقاً مثل هذه المواقف والضغوط منذ أن باشر بعض العرب سحب سفرائهم من سورية لإطلاق يد المجموعات المسلحة في الاعتداء على الجيش والقوى الأمنية والشعب السوري.
وفي رأي المرجع أن محاولة إعادة الأوضاع في سورية إلى المربع العسكري لم تتوقف أصلاً، وإن محاولات تسليح المعارضة ماضية على قدم وساق بدليل ضبط الجيش والقوى الأمنية السورية يومياً محاولات تسلل المسلحين إلى الأراضي السورية أو عمليات تهريب الأسلحة الثقيلة والخفيفة، أو ضبط شحنات أسلحة كبيرة يجري تهريبها بواسطة دول عربية وغير عربية ومنها ضبط سفينة الأسلحة التي كانت في طريقها إلى ميناء طرابلس في الشمال اللبناني.
وحسب المراجع فإن واشنطن تحاول من خلال هذا الإجراء رفع معنويات المعارضة السورية المشتتة والضعيفة من جهة، واستنفار حلفائها بعد النكسات التي تعرضت لها حملتها على امتداد الفترة الماضية أي منذ اندلاع الأزمة في سورية قبل أكثر من عام.
ويشير المصدر إلى ان أميركا وأعوانها لم ينتظروا نتائج أي تحقيق في شأن المجزرة التي ارتكبت في محافظة حمص مؤخراً، لا بل سارعوا إلى اتهام النظام السوري واتخذوا قرارهم بناء على هذا الاتهام المسبق، ما يعني أن المجزرة ليست سوى حجة أو شماعة لهذا القرار الذي يندرج في إطار المؤامرة التي تتعرض لها سورية حتى اليوم.
ويسأل المرجع لماذا لم تسحب هذه الدول سفراءها من الكيان الصهيوني حين ارتكب بشكل سافر مجزرة قانا تحت أعين بل وفي مقر الأمم المتحدة في الجنوب؟ وكيف تقدم على مثل هذا الإجراء بحجة مجزرة لم يرتكبها أصلاً النظام السوري، وكل الدلائل والأصابع تشير إلى المجموعات الإرهابية المسلحة التابعة لما يسمى المعارضة السورية؟  

السابق
لماذا لم ينشق الديبلوماسيون السوريون بعد?
التالي
الطريق إلى دمشق يمر من طرابلس