ربيع ولو في الصين

تنعقد اليوم الدورة الخامسة لمنتدى التعاون الصيني العربي في تونس، حيث سيدعو الوزير يانغ جيتشي العرب إلى تدشين عهد جديد من التعاون والتبادل والشراكة. ولا شكّ في أن من مصلحة العرب، إذا تمكنوا من تجاوز الضغوط الأميركية، أن يعقدوا اتفاقات شراكة مع الصين التي سيصبح اقتصادها الأكبر في العالم مع حلول عام 2020

«ان استمرارية أي نظام مرتبطة بقدرته على تأمين مطالب الشعب، لكن نحن في الصين نرفض تغيير الأنظمة بالقوة، لذلك اتخذنا موقفاً واضحاً عبر قرار استخدام حقّ النقض في مجلس الأمن (بشأن قرار يتيح التدخل العسكري في سوريا)، إذ إن ما حدث في ليبيا لا يزال في ذاكرتنا، حيث إن سقوط مئة ألف قتيل ومفقود يستدعي بذل جهود لمنع تكرار هذه المأساة»، قال تشن شيادونغ (الصورة) المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الصينية في بكين، الأسبوع الفائت. بدوره، شرح نائب وزير الخارجية الصيني المسؤول عن شؤون غرب آسيا وأفريقيا تشاي جيون الذي كان قد شغل مناصب دبلوماسية في اليمن (1980ـــ1985) والسعودية (1992ـــ1996) وليبيا (1997ـــ2000)، أن خلاصة الخبرة الصينية هي أنه «لا استقرار من دون تنمية». وحثّ المجتمع الدولي على احترام ميثاق الأمم المتحدة عبر مساعدة الدول العربية في إطلاق ورش التنمية والنهوض وتجنّب الحروب والاقتتال الداخلي.

وقال «على المجتمع الدولي تقديم المساعدة الاقتصادية»، مضيفاً «نتطلع إلى منتدى التعاون الصيني العربي (الذي تنطلق أعماله اليوم في تونس)، حيث نأمل أن تبنى العلاقات الرسمية على قاعدة العلاقات الشعبية الطيبة». أما بشأن الأخبار عن تراجع العلاقات بين بعض الدول العربية والصين بسبب مواقفها من «الربيع العربي»، فأوضح تشن شيادونغ «أن علاقات الصين مع دول الخليج هي علاقات استراتيجية ولن تتأثر بالمسألة السورية». ودعا إلى تفهّم المواقف الصينية التي تدعو إلى نبذ العنف وإلى البحث عن الحلول السياسية. وعندما لمّح بعض الإعلاميين العرب، خلال لقاء في وزارة الخارجية في بكين، إلى هشاشة أوضاع حقوق الإنسان في الصين، قال تشاي جيون «لم أسمع من المسؤولين العرب أي تعليق عن حقوق الإنسان في الصين».

الحرب كارثة للجميع

«للحرب شروط وليست تلك الشروط متوافرة حالياً»، قال تشاي جيون نائب وزير الخارجية الصيني المسؤول عن شؤون غرب آسيا وأفريقيا، معلقاً على احتمالات توجيه إسرائيل ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية. «لا أدري إذا كانت لدى إسرائيل نية حقيقية للحرب»، أضاف تشاي، وشرح أن بين الصين وإيران تعاوناً «في كافّة المجالات». وشدّد المسؤول الصيني، العضو السابق في «اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني» في تشنجيانغ عامي 2000 و2001، على أن «الصين ترفض السبل العسكرية في حلّ النزاعات، وعلينا أن نبذل جهوداً مشتركة لمنع الحرب».
أما زميله في وزارة الخارجية الصينية تشن شيادونغ فقال «نحن ندعم حماية النظام الدولي ونرفض تطوير الأسلحة النووية، لكن لا يمكننا معارضة الاستخدام السلمي للطاقة النووية».
وأضاف «إننا نسعى لنجاح الحلّ السلمي عبر الحوار الذي يجري حالياً على مراحل (إشارة إلى مؤتمري إسطنبول وبغداد)». أما إذا فشلت المساعي السلمية «فإن الحرب كارثة للمنطقة وللجميع». ولدى سؤاله عن الجهود الصينية لمنع وقوع الكارثة أجاب «إضافة إلى الجهود التي نبذلها لتعزيز الحلّ السياسي عبر دعم الحوار والنقاش البنّاء، نحن نبذل جهوداً لدى الأطراف المعنية (الولايات المتحدة وإسرائيل وايرإن) لحضّها على عدم توجيه ضربة عسكرية لإيران».
وكانت «وكالة الانباء الفرنسية» (أ ف ب) قد ذكرت ان الصين تدعم ايران بوجه العقوبات الدولية التي تتعرّض لها، عبر استيراد كميات كبيرة من النفط من ايران. وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر للجمهورية الاسلامية. أما اسرائيل والولايات المتحدة فأعلنتا أنه في حال لم تكن العقوبات فعالة لتغيير المواقف الايرانية، ستتقدم احتمالات «الحلّ العسكري».

لا لتنحية الأسد بالقوة

إن الصين لا يمكن أن توافق على «توجيه أوامر إلى أيّ رئيس دولة أو نظام بأن يتنحّى. هذا موقف مبدئي، ونحن نتمسّك به»، قال تشاي جيون نائب وزير الخارجية الصيني المسؤول عن شؤون غرب آسيا وأفريقيا، وتابع قائلاً إن التساهل مع هذا الأمر يعني «الإتاحة لأي من الدول الكبرى الطلب من أي رئيس أو أمير أو شيخ لدولة صغيرة بأن يرحل». وأضاف: «أنا لا أوجّه كلامي ضدّ أي جهة، لكني أعبّر عن موقف مبدئي في السياسة الخارجية الصينية». وترك تشاي لزميله، المدير العام لإدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية تشن شيادونغ، الخوض في التفاصيل. قال هذا الأخير: «نحن نسعى لحلّ سياسي في سوريا، وهذا يتطلب وقفاً فورياً للعنف». وأضاف أن الحوار يجب أن ينطلق بين جميع الأفرقاء في سوريا «من دون شروط مسبقة»، داعياً إلى دعم الجهود التي يبذلها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان. «لدينا اتصالات مع الجميع، بما في ذلك دول الخليج، وكنا قد طرحنا رؤيتنا ذات النقاط الست، وحظيت هذه الخطة بدعم العديد من الدول العربية»، مشدداً على أن «لا أجندة سرية للصين في سوريا ولا توجد توترات بيننا وبين بعض الدول العربية في هذا الشأن، بل أغلب الاتصالات جيدة وودّية. وكان وزير الخارجية الصيني قد اتصل بنظيره السعودي سموّ الأمير فيصل لتوضيح موقف الصين، فأجاب الأمير بأنه يعلم بأن موقف الصين هو من أجل حماية مصالح المنطقة العربية».
سُئل تشاي جيون خلال لقاء في وزارة الخارجية في بكين عن الخسائر التي يمكن أن تتكبدها الصين بسبب موقفها من «الثورة السورية» على خلفية الخسائر التي تكبّدتها في ليبيا بعد «انتصار الثورة» هناك، فأجاب مبتسماً «كان للصين في ليبيا شركات وعمّال ونشاط اقتصادي كبير، واضطرّ الصينيون إلى مغادرتها بسبب الحرب، أما بالنسبة إلى سوريا فلا نشاط اقتصادياً صينياً كبيراً فيها». وأضاف «لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال أن الاهتمام الصيني بسوريا أقلّ من اهتمامها بالدول الأخرى. ونحن نحرص على تأمين مصالح الشعب السوري التزاماً بمبادئنا».
نائب المدير العام للوحدة الإعلامية في وزارة الخارجية الصينية ما جيشنغ قال «إن الأمين العام لجامعة الدول العربية أكد خلال زيارته الأخيرة إلى بكين أن الصين بنظره هي الداعم الأساسي لتطلّعات الدول النامية». وأضاف «إن مواقفنا في تونس وسوريا ومصر وغيرها من الدول العربية هي نفسها، وتتمحور دائماً حول الاحترام… مواقفنا ثابتة، لكن لن نفرضها على أحد».

جيانغسو: مهد الرأسماليّة

تبعد ولاية جيانغسو الساحلية نحو مئة كيلومتر عن مدينة شانغهاي في شرق الصين. في الولاية نحو 79 مليون نسمة و28 مدينة، أبرزها ووتشي وسوزهو والعاصمة نانجنغ. يبلغ معدل الدخل القومي لولاية جيانغسو 810 مليارات دولار سنوياً، ما يوازي نحو 10 في المئة من المعدل العام للدخل القومي في الصين. وتبلغ نسبة النمو الاقتصادي في الولاية 11 في المئة سنوياً. ووصل حجم الاستثمارات الأجنبية فيها الى نحو 32 مليار دولار أميركي (بزيادة نحو 13 في المئة عن عام 2010). ويشارك 842 ألف شخص في دورة الإنتاج العلمي والتقني، حيث بلغ حجم الاستثمار في الأبحاث والتطوير نحو 18 مليار دولار أميركي سنوياً.
في القرن السادس (ميلادي) أصبحت ولاية جيانغسو المركز الثقافي والاقتصادي الرئيسي، وتحوّلت مدينة نانجنغ، عاصمة الولاية، الى أغنى مدينة في الصين. وتردّد السلطات اليوم في الولاية أنها كانت تعدّ بمثابة «مهد الرأسمالية» في منتصف القرن السادس عشر. وإضافة الى صناعة الحرير والأقمشة، اشتهرت جيانغسو بمناجم الفحم وبالمصانع الميكانيكية.
في الولاية 20 داراً للأوبرا و15 قاعة مسرح و47 حديقة عامة و893 فندقاً (منها 64 فندقاً خمس نجوم)، وبالتالي تعدّ جيانغسو من أكثر المناطق اجتذاباً للسياحة في الصين. وتندرج حدائق سوزهو على لائحة الإرث الثقافي الدولي، بحسب منظمة اليونسكو.

شانغهاي: خلف البحار

شانغهاي أكبر مدينة في الصين ومن أكبر مدن العالم، إذ يبلغ عدد سكانها اليوم 23 مليون نسمة. 5 ملايين منهم حائزون شهادات في الدراسات العليا. ويتباهى المسؤولون في بلدية شانغهاي بأن 99،99 في المئة من الأطفال في المدينة مسجلون في مدارس حكومية ويتابعون الحدّ الأدنى من التعليم الذي يبلغ 9 سنوات. وقبل التطرق الى الأرقام الاقتصادية الضخمة لشانغهاي، لا بد من الإشارة الى الخدمات الاجتماعية والصحية والتربوية التي تؤمنها الحكومة، حيث توزع عشرات آلاف مراكز الرعاية الاجتماعية والمستوصفات الطبية والمنتديات الثقافية والرياضية والتعاونيات الاستهلاكية على مختلف أرجاء المدينة وضواحيها.
تنتج مصانع شانغهاي الأدوات الإلكترونية والسيارات والبيتروكيميائيات والآليات الصناعية والتجهيزات الطبية. ويبلغ معدل الدخل القومي الإجمالي السنوي للمدينة نحو 283 مليار دولار أميركي. لكن ما يميزها عن غيرها من المدن والمناطق الصينية هو معدّل دخل الفرد سنوياً الذي يبلغ حالياً نحو 12 ألف دولار سنوياً. تنقل موانئ شانغهاي نحو 810 ملايين طن من البضائع سنوياً ونحو 134 مليون راكب. أما النقل العام فيضمّ 17 ألف باص تنقل نحو 6 مليارات راكب سنوياً. ويبلغ طول سكة قطارات النقل داخل المدينة 452 كلم، وتنقل القطارات نحو خمسة ملايين راكب يومياً.

المدينة القرمزيّة المحرّمة

يقع القصر في قلب العاصمة، بكين، شمال أكبر ميدان في العالم: ميدان تيان آن من. كان القصر مقر إقامة الأباطرة من أسرتَي مينغ ثم تشينغ، ويعرف باسم «المدينة القرمزية المحرمة». استغرق تشييده 14 سنة (من 1406 إلى 1420م). يوجد فيه نحو مليون قطعة من التحف الفنية النادرة. وأصبح اليوم متحفاً شاملاً يجمع بين الفنون المعمارية والآثار الإمبراطورية والفنون القديمة. وتحتل المدينة المحرمة مساحة تقارب 720 ألف متر مربع تضم أكثر من 800 مبنى. ويحيط بها سور يبلغ ارتفاعه عشرة أمتار. ويوجد خارج هذا السور نهر اصطناعي يسمى نهر هو تشنغ. وعلى كل ركن من أركان السور مقصورة. وتتكوّن هياكل هذه المقصورات من تسع دعامات وثمانية عشر عموداً واثنتين وسبعين دعامة فرعية. تنقسم المدينة المحرمة إلى جزءين، الجزء الأمامي حيث كانت تعقد المراسم الإمبراطورية الرسمية، والجزء الداخلي حيث كان يقيم الإمبراطور وزوجاته المتعددة، التي يمكن أن يبلغ عددها ثلاثة آلاف.
أما ميدان تيان آن مين، فتبلغ مساحته 440 ألف متر مربع. ويقع «النصب التذكاري لأبطال الشعب» وسارية العلم الوطني في وسط الميدان. وتجتذب مراسم رفع العلم الوطني يومياً عدداً لا يحصى من الناس لمشاهدتها. وتقع القاعة التذكارية للرئيس ماو تسي تونغ في جنوب الميدان، بينما يقع متحف الثورة ومتحف التاريخ الصيني في شرق الميدان.

تلفزيون لمليار مشاهد

انطلقت القناة العربية الدولية لتلفزيون الصين المركزي (CCTV) رسمياً يوم 25 يوليو 2009، وهي قناة إخبارية شاملة تبثّ برامجها على مدار الـ24 ساعة. تقدم القناة لمشاهديها برامج تعليمية ووثائقية وسياحية وثقافية متنوعة. وتتوجه إلى المشاهدين في الوطن العربي، وتحرص على تقديم خدمات إعلامية راقية من خلال نشرات الأخبار العالمية والمحلية ومناقشة القضايا الراهنة ومواقف الصين منها. كذلك تهدف القناة إلى تعريف المشاهد العربي إلى ثقافة الصين وتاريخها وحضارتها وحياة شعبها وتجربتها الجديدة منذ تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، كما تسعى إلى تعزيز التبادل والتعاون بين الصين والوطن العربي في كل المجالات، بما فيها السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم. وتقدم القناة العربية الدولية لتلفزيون الصين برنامجاً إخبارياً بعنوان «الصين والشرق الأوسط» يغطي الأحداث الجارية في الصين والمناطق العربية والروابط الوثيقة بينهما لتعزيز فهم المشاهدين العرب للقضايا ذات الاهتمام وتفسيرها، ويحلل البرنامج الأحداث الإخبارية من الزاوية الصينية، ويغطي النشاطات السياسية والثقافية والاقتصادية والتجارية التي تقيمها الصين على المستوى الحكومي أو الشعبي في الدول العربية، وأحوال الصينيين المغتربين فيها، وجوانب من أعمال العرب وحياتهم ودراستهم في الصين.

الصين والعرب: تبادل بقيمة 196 مليار دولار

تعقد اليوم الدورة الخامسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في تونس. في مطلع عام 2004، زار الرئيس الصيني هو جينتاو مقر جامعة الدول العربية، حيث طرح مبادرة لإقامة الشراكة الصينية العربية الجديدة القائمة على أربعة أركان، هي: تعزيز العلاقات السياسية على أساس الاحترام المتبادل؛ وتكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة؛ وتوسيع التواصل الثقافي بما يحقق الاستفادة المتبادلة؛ وتوثيق التعاون في الشؤون الدولية من أجل حماية السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة. وسعت هذه المبادرة الى تحديد اتجاهات العلاقات الصينية العربية. وأثناء هذه الزيارة، أعلن الجانبان الصيني والعربي تأسيس منتدى التعاون الصيني العربي باعتباره إطاراً لتعزيز الحوار والتعاون. وخلال السنوات الثماني الماضية، عقدت أربع دورات من الاجتماع الوزاري في إطار المنتدى، وشهدت علاقات التواصل والتعاون بين الجانبين تطوراً في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة والتواصل الثقافي والإنساني وغيرها.
ويُعدّ الاجتماع الوزاري، الذي سيعقد اليوم، بأنه الأعلى مستوى منذ إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي بين الصين والدول العربية عام 2010. اذ سيجتمع وزراء خارجية الصين والدول العربية والأمين العام للجامعة العربية لبحث الأفكار والإجراءات الكفيلة بتوسيع وتعميق التعاون المشترك بين الصين والدول العربية وتحديد أولويات هذا التعاون في العامين المقبلين ووضع البرنامج التنفيذي له بما يحقق تطوراً أكبر للعلاقات الصينية العربية.
ويقول المسؤولون الصينيون إن بلادهم تدعم جهود الدول العربية الرامية إلى إيجاد الطرق التنموية التي تناسب ظروفها الواقعية، وتعمل على دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، وتدعم مساعي الدول العربية للدفاع عن حقوقها الوطنية المشروعة. كما قدمت الدول العربية الدعم الثمين للصين في القضايا التي تتعلق بالمصالح والهموم الرئيسية الصينية. أما على الصعيد الاقتصادي، فقد ازداد حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية بوتيرة سريعة وبلغ 195.9 مليار دولار أميركي عام 2011، بزيادة 34.7% عن العام السابق. وأسهم مؤتمر رجال الأعمال وندوة الاستثمار ومؤتمر التعاون في مجال الطاقة والآليات الأخرى في توفير المنصات الجديدة للتعاون العملي بين الجانبين. وعلى الصعيد الثقافي، هناك نحو 8000 طالب عربي يدرسون في الصين، ويتم تدريب أكثر من 1000 كادر عربي في مختلف التخصصات سنوياً في الصين.

جيتشي يدعو العرب إلى عهد جديد من التعاون

«تشهد موازين القوى الدولية تغيّرات عميقة (…) وسيصبح السلام والتنمية والتعاون عنواناً أبرز في العالم، ومن جانب آخر، تتفاقم ظاهرة عدم التوازن في التنمية والتحديات العالمية، مثل أمن الطاقة والأمن الغذائي وتغير المناخ وغيرها. تمر الأوضاع في منطقة غربي آسيا وشمالي أفريقيا بتغيرات كبيرة أيضاً. نحرص دائماً على حفظ السلام والاستقرار في المنطقة وحماية المصالح الأساسية والبعيدة المدى للدول العربية والحفاظ على الصداقة الصينية العربية باعتبار ذلك منطلقاً أساسياً لسياساتنا. ونعمل على حماية استقلال الدول العربية وسيادتها وسلامة أراضيها، ونحترم وندعم حق الدول العربية في معالجة شؤونها الداخلية بإرادتها المستقلة، ونحترم مطالب الشعوب العربية للتغيير والتنمية، ونحترم المقاصد والمبادئ لميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ونأمل أن تقوم الأطراف المعنية بتسوية الخلافات في ما بينها عبر طرق سلمية». بهذه الكلمات لخّص وزير الخارجية الصيني يانغ جيتشي أمس سياسة بلاده تجاه التطورات الأخيرة في المنطقة العربية. وأضاف «إننا على استعداد لجعل الاجتماع الوزاري الخامس لمنتدى التعاون الصيني العربي نقطة انطلاق جديدة لتعزيز التعاون المشترك مع أصدقائنا العرب بما يخلق مستقبلاً أفضل للعلاقات الصينية العربية. وفي هذا السياق، أدعو إلى تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين. ففي العقد الثاني من القرن الجديد، علينا أن نعمل على تعميق الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الصين والدول العربية، ونكثف التبادلات الرفيعة المستوى والمشاورات الاستراتيجية، ونعزز التفاهم والدعم المتبادل، ونجري التنسيق والتعاون في الشؤون الدولية والإقليمية الكبرى، ونسعى معاً إلى مواجهة التحديات العالمية الرئيسية وحماية المصالح المشتركة للدول النامية».
وأعلن جيتشي أن بلاده تسعى إلى رفع حجم التبادل التجاري مع الدول العربية إلى 300 مليار دولار أميركي بحلول عام 2014. وشدد على ضرورة توسيع التعاون في مجالات الزراعة والصحة والثقافة وفحص الجودة والطاقة، وتعزيز التواصل في مجالات حماية البيئة ومكافحة التصحر.
واستشهد الوزير الصيني بما ورد عن الأمين العام لجامعة الدول العربية (في مقال نشر في صحيفة «الشعب» الصينية أخيراً)، قائلاً إن «مسيرة التعاون الصيني العربي ستصبح أكثر عمقاً، وستزداد آفاقها رحابة في ظل وجود الإرادة والرؤية الواضحة لدى الطرفين».  

السابق
رجسٌ من عمل الشيطان!
التالي
لماذا لم ينشق الديبلوماسيون السوريون بعد?