النهار : ميقاتي لمجلس الوزراء: الأربعاء مهلة أخيرة لتمويل الحكومة

يصل المبعوث الخاص المشترك للامم المتحدة والجامعة العربية الى سوريا كوفي انان الى بيروت بعد ظهر اليوم في زيارة تضع مهمته على تماس مباشر للمرة الأولى مع امتدادات الأزمة السورية الى لبنان.
واذا كانت أوساط المعارضة اللبنانية افصحت لـ"النهار" عن ارتيابها في ما اعتبرته استجابة من المبعوث الاممي للضغوط التي مارسها عليه النظام السوري في شأن مزاعمه عن تورّط جهات ومناطق لبنانية في دعم الثورة السورية بالسلاح و"الارهابيين"، والتي كررها امس مندوبه الدائم الى الامم المتحدة، فإن المراجع الرسمية آثرت انتظار وصول انان للاستماع الى عرضه ووجهة نظره في الوضع بسوريا وامتداداته.
لكن مصادر معنية أوضحت لـ"النهار" ان مهمة انان تبدو متصلة خصوصاً بالوضع على الحدود اللبنانية – السورية وانه سيثير هذا الموضوع مع المسؤولين الكبار، علماً انه من المتوقع ان يلتقي اعتباراً من بعد ظهر اليوم رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي عقب عودته من زيارته لتركيا التي وصل اليها امس. ورجحت ان يبلّغ الرئيس سليمان الموفد الاممي ان لا فريق لبنانياً يرسل أسلحة الى المعارضة السورية وان يطلعه على الاجراءات التي اتخذتها السلطات العسكرية والامنية والقضائية لمكافحة عمليات تهريب السلاح.
وأفادت مصادر ديبلوماسية ان انان سيبدي للمسؤولين قلقه من امتداد الازمة السورية الى لبنان في ظل الاحداث التي شهدها بعض المناطق اخيراً وان يبرز ضرورة التنبّه لانزلاق لبنان الى متاهة تعرّض استقراره للاهتزاز.
ويشار في هذا السياق الى ان توتراً شديداً ساد منطقة الحدود الشمالية مع سوريا امس مع اقدام القوات السورية على خطف مواطنين من بلدة العبودية الحدودية في عكار لدى جمعهما محصولاً زراعياً وساقتهما الى الجانب السوري من الحدود. وتسبب الحادث باضطراب واسع في المنطقة، فعمد الاهالي الى قطع الطريق الدولية بين البلدين والاعتصام في خيمة كبيرة. كما اطلقت النار من الجانب السوري في منطقة وادي خالد على بلدة الهيشة، مما ادى الى اصابة ثلاثة سوريين يقطنون البلدة بجروح.
اما في ملف المخطوفين اللبنانيين الـ 11 في سوريا، فلم تظهر معطيات جديدة، في ما عدا الانطباعات الايجابية التي اثارتها زيارة ميقاتي لاسطنبول يرافقه وزيرا الخارجية عدنان منصور والداخلية مروان شربل.
وعلمت "النهار" ان ميقاتي سيلتقي اليوم رئيس الوزراء التركي رجب طيّب اردوغان ووزير الخارجية احمد داود اوغلو ومسؤولين أتراكاً آخرين ويبحث معهم في قضية المخطوفين التي تتولى تركيا الوساطة في المفاوضات السرية الجارية في شأنها. وعلى هامش هذه المحادثات يشارك ميقاتي في افتتاح مؤتمر حوار الحضارات الذي دعا اليه اردوغان.
وفي اتصال مع "النهار" مساء امس قال ميقاتي ان زيارته "تصب في اطار الاطلاع على آخر المعطيات المتوافرة لدى السلطات التركية عن المخطوفين اللبنانيين، مشيراً الى اتصال اجري بينه وبين وزير الخارجية التركي فور وصوله الى اسطنبول واطلع فيه "على بعض المعطيات التي في حوزة الوزير".
ولفتت مصادر سياسية في بيروت الى ان محادثات ميقاتي في تركيا تتزامن مع انسداد افق الحوار التركي – السوري بعد طرد السفير السوري من انقرة، الامر الذي يكسب هذه المحادثات اهمية مزدوجة تتصل بمصير المخطوفين. وتردد امس ان قضية المخطوفين مع خاطفيهم باتت خاضعة لسلطة طرف ثالث يحاول ادخالها في مقايضة كبيرة.
الحوار
في غضون ذلك، توزعت الاهتمامات الداخلية بين المساعي التمهيدية الجارية في شأن دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى انعقاد هيئة الحوار في 11 حزيران، والمعالجات الرسمية لمسلسل الازمات الاجتماعية والمالية وفي مقدمها الاعتصامات المستمرة للعمال المياومين وجباة الاكراء في قطاع الكهرباء. وهما امران تطرق اليهما مجلس الوزراء في جلسته امس في قصر بعبدا.
وفي حين تلقت دعوة سليمان الى الحوار دعما قويا من مجلس المطارنة الموارنة الذي دعا الى استجابتها بلا شروط، برز تطور مناقض لهذا الموقف في تلميح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الى احتمال عدم الاستجابة للدعوة. وقال جعجع امس ان "الحوار راهنا مضيعة كبيرة للوقت"، مضيفا: "يعز علي جدا ألا نستطيع تلبية الدعوة الى الحوار الذي دعا اليه الرئيس سليمان والذي أكنّ لشخصه كل الاحترام".
وأيد منسق الامانة العامة لقوى 14 آذار فارس سعيد موقف جعجع متسائلا "عمن يعطينا ضمان التزام ما سيصدر عن الحوار؟".
وقالت مصادر بارزة في "تيار المستقبل" لـ"النهار" ان موقف جعجع "هو موقف 14 آذار في 24 من الجاري وقد تولى الرئيس فؤاد السنيورة شرح هذا الموقف لرئيس الجمهورية، فيما أكد الرئيس امين الجميل انه على خط واحد مع المستقبل".
كما صرح النائب مروان حماده بأن "لا حوار ناجحا قبل قيام حكومة حيادية وليس ثمة تحرك قيد أنملة بعيدا من بيان 14 آذار الاخير واذا لم تتوافر شروط نجاح الحوار فسيكون لانعقاده وفشله أفدح الاخطار على الوضع الراهن".
تلويح ميقاتي
الى ذلك، استعاض مجلس الوزراء أمس عن درس مشروع الموازنة لسنة 2012 بالبحث في بعض البنود المتعلقة بالانفاق العام. وقالت مصادر وزارية لـ"النهار" ان الجلسة اتسمت بأجواء حادة على خلفية فتح موضوع تمويل مشاريع لطرابلس. وقد تميزت المناقشات بموقف حازم للرئيس ميقاتي الذي أبلغ الوزراء ان الاربعاء المقبل هو المهلة الاخيرة لحسم خيار التمويل وايجاد حل لتمويل الدولة. ونقلت عنه المصادر قوله "إما هناك حكومة وإما لا، ولا يمكن حكومة ان تحكم من غير ان تكون قادرة على الانفاق ويجب اخراج ملف الانفاق من المزايدات ويجب أن يكون الاربعاء موعدا حاسما وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه".
قضية المياومين
أما في قضية المياومين وجباة الاكراء في مؤسسة كهرباء لبنان، فاتخذ مجلس الوزراء موقفا متشددا معتبرا ان اعتصامهم "تعدى حدود حرية التعبير السلمي" من حيث اشغالهم "بصورة غير شرعية مؤسسة كهرباء لبنان ودوائرها ومكاتبها". وأعلن انه بازاء ظاهرة تنامي اقدام بعض الاشخاص على قطع الطرق الرئيسية "قرر التشدد في الامن وبسط سلطة الدولة بشكل حاسم ودائم واعادة هيبة الدولة على مساحة الوطن وتوقيف من تسول له نفسه التطاول على القانون".
وإذ تحركت النيابة العامة بعد الظهر وأصدرت استنابات في موضوع التعدي على أملاك مؤسسة كهرباء لبنان، بدأ وزير الداخلية مروان شربل البحث مع لجنة المتابعة للعمال في حل لقضيتهم.
وعلمت "النهار" ايضا ان اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب ورؤساء اللجان النيابية ومقرريها الذي رأسه الرئيس بري امس انتهى بالدعوة الى اجتماع للجان النيابية المشتركة اليوم لدرس اقتراح قانون لمعالجة مطالب العمال المياومين وجباة الاكراء بعدما أسقط مشروع الحكومة الذي أعده وزير الطاقة جبران باسيل. واختصر بري مسلك الاقتراح عبر اللجان منفردة باحالته على اللجان المشتركة. وصرح رئيس لجنة الاشغال النيابية النائب محمد قباني لـ"النهار" بأن خطوة الرئيس بري جاءت "بعدما بلغت احتجاجات العمال والجباة منحى خطيرا". ورأى ان الامر "لم يعد في عهدة مجلس الوزراء بل عند مجلس النواب ولذا ناقشت الحكومة في جلستها امس الجانب الأمني، فأرسلت وزير الداخلية لمتابعة الموضوع أي انها أرسلت العصا بدلا من ان ترسل وزيري الطاقة والمال أي الحل". وأكد أن "الحل متوافر بانصاف هؤلاء المواطنين".  

السابق
سعيد: بقاء الحكومة سيؤدي الى حرب اهلية
التالي
السفير : عمال الكهرباء “ينتفضون” .. و”هدية” طرابلس لم تصل!