سفير الأسد..وحكومتنا؟!

تتحرك منظومة الدول الحرّة من مشرق الأرض الى مغربها ومن شمالها الى جنوبها للرد على مجزرة سلطة الأسد في بلدة الحولة السورية.. تطرد سفراء وممثلي تلك السلطة من أراضيها. وتفعّل خطوات وإجراءات عقابية ستظهر تباعاً. وتسرّع في وتيرة وضع خطط بديلة من فشل خطة المبعوث العربي ـ الدولي كوفي أنان. وتنفّذ في الإجمال، ما تراه مناسباً (في الوقت الراهن) لمحاولة لجم آلة القتل السلطوية وفرملة جموحها وجنونها.
في المقابل: يحوّل سفير السلطة الأسدية في بيروت وزارة الخارجية اللبنانية الى منبر لعراضة مخزية يتطاول فيها مجدداً على البلد وأهله ومكوّناته، ويكذّب رئيس الجمهورية في شأن رسالة الجعفري الى الأمم المتحدة ويحاول إعادة البضاعة الفاسدة التي عرضها للبيع في السوق الدولية، الى مصنّعين لبنانيين.. ويعود ليذمّ السعودية وقطر وكل من صرخ لرفع الظلم والحيف والطغيان اللاحق بشعب سوريا.. ولا يكتفي بذلك، بل يعود الى نغمة مَرَضية قديمة دأب نظامه على تردادها تتعلق، كما قال بـ"التصدي للإعلام ومنعه من إثارة الفتنة"!

الأغرب من ذلك، هو ان السفير الأسدي في بيروت، جاء الى وزارة الخارجية ووقف وأدلى ببيانه بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على ارتكاب قوات السلطة التي يمثّلها، جريمة جديدة في حق لبنان وأهله وسيادته، تمثّلت في قتل لبناني وجرح ستة آخرين في عرسال. وتلك بدورها جاءت بعد أقل من ثمانٍ وأربعين ساعة على قتل لبناني وخطف آخر في كفرقوق بقضاء راشيا!
يعرف ماذا يفعل سفير السلطة الأسدية في بيروت: يقف مطمئناً على منصّة لا يعتبرها غريبة عن مناخه. ويستند الى حكومة جاء بها رئيسه يتطاول على البلد وأهله وسياسييه وإعلامييه، ويكذّب رئيس الدولة. ويحاول دكّ إسفين التمايز بين مؤسساته الأمنية، ولا يخرج صوت رسمي واحد ليردّ عليه، أو يوقفه عند حدّه، أو يطلب منه احترام أصول العمل الديبلوماسي!

ثم تلغو حكومة الانقلاب بشعار "النأي بالنفس". ولا تفيق من غفوتها إلاّ عندما يدقّ المنبّه السلطوي السوري، داعياً إيّاها الى تلقّف رسائله، وفتح منابرها ومسارحها لممثليه وأدواته وخبرياتهم وتحريضاتهم وإمعانهم في الإساءة الى لبنان ومصالحه ودوره وسلمه الوطني.
حتى روسيا، الداعم الأول لسلطة الأسد، اختشت بعض الشيء أمام هول مجزرة الحولة، ولم تستطع كعادتها تقديم تبرير يبعد تبعات الجريمة عن تلك السلطة. حتى الصين دانت. وإيران استكانت! ولم يجد "حزب الله" حرجاً في إعلان استنكاره التام للمجزرة، وإن كان من منطلق إنساني وضميري وليس سياسياً.

وحدها حكومة لبنان في عالم آخر. لا تكتفي بالنأي عن الحق وبديهيات الأنسنة في شأن مجزرة طالت أطفالاً ومدنيين سوريين، بل هي تنأى عن مهمتها الأولى بالدفاع عن مواطنيها وأرضها وسيادتها وكرامتها.. ثم تسمح فوق ذلك، بتقديم منبر رسمي سيادي لمن يتطاول على الجمهورية ورمزها الأول ويستمر في محاولة تقسيم اللبنانيين ومؤسساتهم بين أخيار وأشرار؟!
ماذا تفعل حكومة الانقلاب بلبنان واللبنانيين؟ والى أي حد ستصل في تماهيها المعيب مع سلطة المجازر في دمشق؟ وأي أكلاف سيدفعها اللبنانيون بعد الذي دفعوه جرّاء ممارساتها وارتكاباتها تحت ستار وشعار "النأي بالنفس"؟!

السابق
الملك عبد الله اهانني كلبناني
التالي
انتشار فلسطيني ؟!