الرسالة السعودية للحوار

رسالة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز الى رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان تشكّل قوة دفع سياسية ودبلوماسية وعربية واقليمية ودولية لاستئناف الحوار بين ممثّلي ورموز الاتجاهات والعقائد السياسية اللبنانية، بعد ان أُدخل الحوار «الموت السريري» نظراً للتباين العميق والاختلاف الواسع والشروط التعجيزية المتبادلة بشأنه بين الافرقاء، وما نتج عن ذلك من هزّات امنية متلاحقة طاولت المناطق كافة وهدّدت السلم الاهلي بالسقوط في حروب الشوارع والزواريب والازقة واوصلت الشعب الى ما تحت الصفر معيشياً وخدماتياً، وجعلت الدولة رهينة للدويلات المزروعة هنا وهناك، وخصوصاً في ضوء ما حصل من توتّرات واصطدامات واعتصامات وحرائق في طرابلس وعكار وبيروت والبقاع ممّا اعاد الى ذاكرة اللبنانيين خريطة العام 1975 وما بعده من مسلسل الانتحار الذاتي للشعب اللبناني في حروبه العبثية، إذ رأى المحلّلون في رسالة العاهل السعودي استشعاراً بوصول الوضع اللبناني الى حافة الهاوية وانعكاس ذلك على الوضعين العربي والاقليمي في المجالات كافة، حيث دعت الرسالة الى احياء جلسات الحوار اللبناني – اللبناني برئاسة الرئيس سليمان الذي ما إنفك يدعو جميع الاطراف الى التلاقي والإلتئام للتداول في كلّ ما من شأنه يختصر زمن الخلافات ويُسرّع في توقيت التوافق على ذلك من دون الغرق والاستغراق بطرح الشروط التعجيزية واقامة السدود امام الوصول الى قاعة الحوار في القصر الجمهوري، كما رأى المراقبون المتابعون ان عناوين ومضامين الرسالة الملكية السعودية تحمل التأكيد المباشر لدعوة الرئيس سليمان الحوارية اليوم قبل الغد وقبل فوات الأوان، ومنعاً للطوفان الذي يجرف كلّ اللبنانيين الى القاع من دون استثناء لمنطقة او طائفة او مذهب او جماعة او تكتل، وقد سارعت الاطراف اللبنانية الى قراءة واستيعاب مضامين الرسالة واستيعاب مدلولاتها الناتجة في الاساس عن زيارة السفير السعودي الى القصر الجمهوري واستقباله من قبل الرئيس سليمان وعلى معطيات زيارة مقبلة يقوم بها الرئيس سليمان للرياض تصبّ في خانة تسريع الحوار واستعادة احياء اتفاق الطائف.

ووفقاً لمصادر دبلوماسية وعربية واقليمية ودولية متابعة، فإن الرسالة السعودية تستند الى دعم سياسي ودبلوماسي واعلامي من جامعة الدول العربية ومجلس الامن بشكل او بآخر، وإنّ التطوّرات الساخنة التي مرّ بها لبنان في هذه الفترة كانت من عوامل التسريع والانضاج للرسالة السعودية وهذا من التقاليد الدبلوماسية والسياسية الراسخة لدى المملكة العربية السعودية في دعم الاستقرار والامن والانماء الاقتصادي للبنان، وإن ابعاد الدعوة الرئاسية والرسالة الملكية السعودية للحوار قد جعلتا المتردّدين بالنسبة للحوار اول المرحبين، وجعلتا الممتنعين في مصافي القابلين بها واعطتا المؤيّدين جائزة الرئيس سليمان للحوار، وفي الوقت نفسه اكدتا الاعتراف العربي والدولي بشرعية النأي اللبناني عن الاحداث والتطوّرات الساخنة في سوريا.   

السابق
في الحوار وأحكامه
التالي
أنان الفخ والحل